قال فأجره حتى يسمع كلام الله وإن الله قال على لسان عبده سمع الله لمن حمده فهو المتكلم والقائل لا إله إلا هو العزيز الحكيم حقق يا أخي نظرك في سرعة البرق إذا برق فإن برق البرق إذا برق كان سببا لانصباغ الهواء به وانصباغ الهواء به سبب لظهور أعيان المحسوسات به وظهور أعيان المحسوسات به سبب في تعلق إدراك الأبصار بها والزمان في ذلك واحد مع تعقلك تقدم كل سبب على مسببه فزمان إضاءة البرق عين زمان انصباغ الهواء به عين زمان ظهور المحسوسات به عين زمان إدراك الأبصار ما ظهر منها فسبحان من ضرب الأمثال ونصب الأشكال ليقول القائل ثم وما ثم أو ما ثم فوعزة من له العزة والجلال والكبرياء ما ثم إلا الله الواجب الوجود الواحد بذاته الكثير بأسمائه وأحكامه القادر على المحال فكيف الإمكان والممكن وهما من حكمه فوالله ما هو إلا الله فمنه وإليه يرجع الأمر كله ولهذا سن الرمل ثلاثا لا زائد ولا ناقص الواحد له والثالث لما ظهر والثاني بين الأول والثالث السبب لظهور ما ظهر عنه لا بد من ذلك فإذا حققت ما رأيت رأيت أن ثم ما رأيت فخرج إدراك العقل للأمور المعقولة على هذه الصورة مثلثة الشكل وهي المقدمات المركبة من الثلاثة لإنتاج المطلوب وكذلك في الحس حس ومحسوس وتعلق لحس بمحسوس لا يدري هل الحس تعلق بالمحسوس أو المحسوس انطبع في الحس قصر العقل والله وخنس الفكر وحار الوهم وطمس الفهم فالأمر عظيم والخطب جسيم والشرع نازل والعقل قابل والأمر نافذ والحوادث تحدث والقوي قائمة والموازين موضوعة والكلمات لا تنفد والكائنات لا تبعد وما ثم شئ مع هذا المعلوم المتعدد والعين واحدة والأمر واحد حارت الحيرة في نفسها إذ لم تجد من يحاربها فالحيرة التي يتخيل أن العالم موصوف بها ليس كما تخيلت بل ذلك حيرة الحيرة فما ثم إلا هو والحيرة كلت والله الألسنة عما علمته الأفئدة أن تعبر عن ذلك وكلت والله الأفئدة عن عقل ما هو الأمر عليه فلا تدري هل هي الحائرة أم لا والحيرة موجودة ولا يعرف لها محل تقوم به فلمن هي موجودة وفيمن ظهر حكمها وما ثم إلا الله وما ثم إلا الله لا شئ غيره * وما ثم ثم إذ كانت العين واحدة لذلك قلنا في الذوات بأنها * وإن لم تكن لله بالله ساجدة (وصل في فصل منه) اختلف العلماء في أهل مكة هل عليهم رمل إذا حجوا أو لا فقال قوم كل طواف قبل عرفة مما يوصل بسعي فإنه يرمل فيه وقال قوم باستحباب ذلك وكان بعضهم لا يرى عليهم رملا إذا طافوا بالبيت وهو مذهب ابن عمر على ما رواه مالك عنه إذا كانت العلة ما ذكرناها آنفا في الرمل تعين الرمل على أهل مكة وغيرهم ولا سيما والأمر في نفسه أن الإنسان تحت حكم كل نفس وكل نفس قادم وكل قادم فهو طائف وكل طواف قدوم فيه رمل هكذا هي السنة فيه لمن أراد أن يتبعها ومن جهل قدوم نفسه وأن الإنسان في كل حال مخلوق فهو قادم على الوجود من العدم لم ير عليه طوافا فإنه من أهل هذه الصفة كما هم أهل مكة من مكة (وصل في فصل استلام الأركان) فقال قوم وهم الأكثرون باستلام الركنين فقط وقال جابر كنا نرى إذا طفنا أن نستلم الأركان كلها وقال قوم من أهل السلف باستحباب استلام الركنين في كل وتر من الأشواط وهو الأول والثالث والخامس والسابع وأجمعوا على إن تقبيل الحجر الأسود خاصة من سنن الطواف واختلفوا في تقبيل الركن اليماني الثاني أما الاستلام وهو لمس الركن باليد على نية البيعة فلا يكون إلا في ركن الحجر في الحجر خاصة لكون الحق جعله يمينا له فلمسه بطريق البيعة ومن لم ير اللمس للبيعة ورآه للبركة استلم جميع الأركان فإن لمسها والقرب منها كله بركة وما يختص ركن الحجر إلا بالبيعة والمصافحة وتقع المشاركة في البركة له مع سائر الأركان ففيه كونه ركنا وزيادة فمن راعى كونه ركنا أشرك في الاستلام معه الركن اليماني والركن الثالث هو في الحجر غير معين إذ لا صورة له في البيت والركن الشامي والعراقي ليسا بركنين للبيت الأول الموضوع فلما لم يكونا بالوضع الأول الإلهي لم يكونا ركنين فخالف حكمهما حكم الركنين ومن رأى أن الأفعال كلها من الله رأى أن الذي عين الركنين والركن الثالث في الحجر بالوضع الأول هو الذي عين الأربعة الأركان
(٧٠٣)