لديه الذين لا يعرفهم سواه كما لا يعرفون توجهم بتاج البهاء وإكليل السناء وأقعدهم على منابر الفناء عن القرب في بساط الأنس ومناجاة الديمومية بلسان القيومية أورثهم ذلك قوله على صلاتهم دائمون وبشهادتهم قائمون فلم تزل القوة الإلهية تمدهم بالمشاهدة فيبرزون بالصفات في موضع القدمين فلا وله إلا من حيث الاقتداء ولا ذكر إلا إقامة سنة أو فرض لا يحيدون عن سواء السبيل فهم بالحق وإن خاطبوا الخلق وعاشروهم فليسوا معهم وإن رأوهم لم يروهم إذ لا يرون منهم إلا كونهم من جملة أفعال الله فهم يشاهدون الصنعة والصانع مقاما عمريا كما يقعد أحدكم مع نجار يصنع تابوتا فيشاهد الصنعة والصانع ولا تحجبه الصنعة عن الصانع إلا إن شغل قلبه حسن الصنعة فإن الدنيا كما قال ع حلوة خضرة وهي من خضراء الدمن جارية حسناء في منبت سوء من أحسن إليها وأحبها أساءت إليه وحرمت عليه أخراه ولقد أحسن القائل إذا امتحن الدنيا لبيب تكشفت * له عن عد وفي ثياب صديق فهذه الطائفة الأمناء الصديقون إذا أيدهم الله بالقوة الإلهية وأمدهم فهم معه بهذه النسبة على وجه المثال وهذا أعلى مقام يرقى فيه وأشرف غاية ينتهي إليها هذه الغاية القصوى إذ لا غاية إلا من حيث التوحيد لا من حيث الموارد والواردات وهو المستوي إذ لا استواء إلا الرفيق الأعلى فهنيئا لهذه العصابة بما نالوه من حقائق المشاهدة وهنيئا لنا على التصديق والتسليم لهم بالموافقة والمساعدة مر بنا جواد اللسان في حلبة الكلام فلنرجع إلى ما كنا بسبيله والسلام فأقول همزة هذا الاسم المحذوفة بالإضافة تحقيق اتصال الوحدانية وتمحيق انفصال الغيرة فالألف واللام الملصقة كما تقدم لتحقيق المتصل ومحق المنفصل والألف الموجودة في اللام الثانية لمحو آثار الغير المتحصل والواو التي بعد الهاء ليس لها في الخط أثر ومعناها في الوجود بهاء الهوية قد انتشر أبداها في عالم الملك بذاتها فقال هو الله الذي لا إله إلا هو فبدأ بالهوية وختم وملكها الأمر في الوجود والعدم وجعلها دالة على الحدوث والقدم وهو آخر ذكر الذاكرين وأعلاه فرجع العجز على الصدر فلاحت ليلة القدر ووقف بوجودها أهل العناية والتأييد على حقائق التوحيد فالوجود في نقطة دائرة هذا الاسم ساكن وقد اشتمل عليه بحقيقته اشتمال الأماكن على المتمكن الساكن ولله المثل الأعلى والله قد ضرب الأقل لنوره * مثلا من المشكاة والنبراس فقال تعالى والله بكل شئ محيط أحاط بكل شئ علما وصير الكل اسما ومسمى وأرسله مكشوفا ومعمى (حل المقفل وتفصيل المجمل) يقول العبد الله فيثبت أولا وآخرا وينفي باللامين باطنا وظاهرا لزمت اللام الثانية الهاء بوساطة الألف العلمية ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم الثلاثة اللام ولا خمسة إلا هو سادسهم فالألف سادس في حق الهاء رابع في حق اللام ألم تر إلى ربك كيف مد الظل العرش ظل الله العرش اللام الثانية وما حواه اللام الأولى بطريق الملك واللامان هما الظاهر والباطن من باب الأسماء ظهرتا بين ألف الأول وألف الآخر وهو مقام الاتصال لأن النهاية تنعطف على البداية وتتصل بها اتصال اتحاد ثم خرجت الهاء بواوها الباطنة مخرج الانفصال والجزء المتصل بين اللام والهاء هو السر الذي به تقع المشاهدة بين العبد والسيد وذلك مركز الألف العلمية وهو مقام الاضمحلال ثم جعل تعالى في الخط المتصل جزءا بين اللامين للاتصال بين اللام الأولى التي هي عالم الملك وبين اللام الثانية التي هي عالم الملكوت وهو مركز العالم الأوسط عالم الجبروت مقام النفس ولا بد من خطوط فارغة بين كل حرفين فتلك مقامات فناء رسوم السالكين من حضرة إلى حضرة (تتميم) الألف الأولى التي هي ألف الهمزة منقطعة واللام الثانية ألفها متصل بها قطعت الألف في أوائل الخطوط لقوله ع كان الله ولا شئ معه فلهذا قطعت وتنزه من الحروف من أشبهها في عدم الاتصال بما بعدها والحروف التي أشبهتها على عدد الحقائق العامة العالية التي هي الأمهات وكذلك إذا كانت آخر الحروف تقطع الاتصال من البعدية الرقمية فكان انقطاع الألف تنبيها لما ذكرناه وكذلك إخوته فالألف للحق وأشباه الألف للخلق وذلك د ذ ر ز وفي جميع الحقائق جسم متغذ حساس ناطق وما عداه ممن له لغة وانحصرت حقائق العالم الكلية فلما أراد وجود اللام الثانية وهي أول موجود في المعنى وإن تأخرت في الخط فإن معرفة الجسم تتقدم على معرفة
(١٠٤)