الاكتساب في القافلة ولو بالسؤال هذا في المباشرة فالراحلة عين هذا الجسم لأنه مركب الروح الذي هو اللطيفة الإنسانية المنفوخة فيه فيما يصدر منه بوساطة هذا الجسم من أعمال صلاة وصدقة وحج وإماطة وتلفظ بذكر كل ذلك أعمال موصلة إلى الله عز وجل والسعادة الأبدية والجسم هو المباشر لها والروح بوساطته فلا بد من الراحلة أن تشترط في هذا العمل الخاص بهذه الصورة وأما الزاد فمن اعتبر فيه الزيادة وهو السبب الذي بوجوده يكون التغذي الذي تكون عنه القوة التي بها تحصل هذه الأفعال فبأي شئ حصلت تلك القوة سواء بذاتها أو عند هذا الزائد المسمى زادا لأن الله زاده في الحجاب ولهذا تعلقت به النفس في تحصيل القوة وسكنت عند وجوده واطمأنت وانحجبت عن الله به وهي مسرورة بوجود هذا الحجاب لما حصل لها من السكون به إذ كانت الحركة متعبة ظاهرا وباطنا وإذا فقد الزاد تشوش باطنه واضطرب طبعا ونفسا وتقلق عند فقد هذا السبب المسمى زاد أو زال عنه ذلك السكون والطمأنينة فكل ما يؤديه إلى السكون فهو زاد وهو حجاب أثبته الحق بالفعل وقرره الشرع بالحكم فيقوي أساسه فلهذا كان أثر الأسباب أقوى من التجرد عنها لأن التجرد عنها خلاف الحكمة والاعتماد عليها خلاف العلم فينبغي للإنسان أن يكون مثبتا لها فاعلا بها غير متعمد عليها وذلك هو القوي من الرجال ولكن لا يكون له مقام هذه القوة من الاعتماد أن تؤثر فيه الأسباب إلا بعد حصول الابتلاء بالتجريد عن الأسباب المعتادة وطرحها من ظاهره والاشتغال بها فإذا حصلت له هذه القوة الأولى حينئذ ينتقل إلى القوة الأخرى التي لا يؤثر فيها عمل الأسباب وأما قبل ذلك فغير مسلم للعبد القول به وهذا هو علم الذوق وحاله والعالم الذي يجد الاضطراب وعدم السكون فليس ذلك العلم هو المطلوب والمتكلم عليه فإنه غير معتبر بل إذا أمعنت النظر في تحقيقه وجدته ليس بعلم ولا اعتقاد فلهذا إلا أثر له ولا حكم في هذه القوة المطلوبة التي حصلت عن علم الذوق والحال وهذا هو مرض النفس وأما وجود الإحساس بالآلام الحسية من جوع وتعب فذلك لا يقدح فإنه أمر يقتضيه الطبع ليس للنفس فيه تعمل وليس بألم نفسي (وصل في الاستطاعة بالنيابة مع العجز عن المباشرة) فمن قائل بلزوم النيابة ومنهم من قال لا يلزم مع العجز عن المباشرة وقد ثبت شرعا عندنا الأمر بالحج عمن لا يستطيع لوليه أو بالإجارة عليه من ماله إن كان ذا مال وسيأتي تفصيل ذلك إن شاء الله فاعلم إن النيابة صحيحة فإن الله قال على لسان عبده سمع الله لمن حمده فناب منابه في ذلك القول وقال فأجره حتى يسمع كلام الله فناب الرسول الله صلى الله عليه وسلم مناب الحق لو باشر الكلام منه بلا واسطة وقال في النيابة يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض وقال في العموم وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه والاستخلاف نيابة فإن المال لله والتصرف لك فيه على حد من استخلفك فيه فهذا كله نيابة العبد عن الله في الأمور وأما نيابة الحق عن العبد فقوله تعالى لبني إسرائيل أن لا تتخذوا من دوني وكيلا وقال آمرا لا إله إلا هو فاتخذه وكيلا وقال صلى الله عليه وسلم يخاطب ربه اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل والوكالة نيابة عن الموكل فيما وكله فيه إن يقوم مقامه فأثبت لك الشئ وسالك أن تستنيبه فيه بحكم الوكالة فمن كل وجه النيابة مشروعة وهل تصح من جهة الحقيقة أم لا فمنا من يقول إنها تصح من جهة الحقيقة فإن الأموال ما خلقت إلا لنا إذ لا حاجة لله إليها فهي لنا حقيقة ثم وكلنا الحق تعالى أن يتصرف لنا فيها لعلمنا أنه أعلم بالمصلحة فتصرف على وجه الحكمة التي تقتضي أن تعود على الموكل منه منفعة فأتلف ماله هذا الوكيل الحق تعالى بغرق أو حرق أو خسف أو ما شاء تجارة له ليكسبه بذلك في الدار الآخرة أكثر مما قيل إنه في ظاهر الأمر إتلاف وما هو إتلاف بل هي تجارة بيع بنسيئة يسمى مثل هذا تجارة رزء لكن ربحها عظيم وهذا علم يعرفه الوكيل لا الموكل وهو يحفظ عليه ما له لمصلحة أخرى يقتضيها علمه فيها ومنا من وكل الله فاستخلفه الوكيل في التصرف على حد ما يرسمه الوكيل لعلم الوكيل بالمصلحة فصار الموكل وكيلا عن وكيله وهو الذي لا يتعدى الأمر المشروع في تصرفه فهو وإن كان المال له فالتصرف فيه بحكم وكيله وهذا نظر غريب ومنا من قال لا تصح من جهة الحقيقة فإن الله ما خلق الأشياء والأموال من الأشياء إلا له تعالى لتسبيحه ووقعت المنفعة لنا بحكم التبعية ولهذا قال وإن من شئ إلا يسبح بحمده فإذا
(٦٧١)