فالركعة الواحدة للنعمة الظاهرة يسد بها الخلل الظاهر والركعة الثانية للنعمة الباطنة يسأل فيها ما يكون فيه غذاء الأرواح والقلوب من العلوم والمعارف والتجلي واليد النعمة انتهى الجزء السادس والأربعون (بسم الله الرحمن الرحيم) (وصل في فصل ركعتي تحية المسجد) اختلف علماء الشريعة في الركعتين لدخول المسجد فمن قائل إنها سنة ومن قائل بوجوبهما والذي أذهب إليه وأقول به إن هاتين الركعتين لا تجب على من دخل المسجد إلا إن أراد القعود في المسجد فإن وقف ولا يجلس أو عبر فيه ولم يقعد فهو مخير عندي إن شاء ركعهما وإن شاء لم يركعهما ولا حرج عليه ويأثم بتركهما إن قعد ولم يركعهما إلا أن يدخل في الوقت المنهي عن الصلاة فيه أو يكون على غير طهارة (وصل في اعتبار هذا الفصل) لا يخلو هذا الداخل في المسجد أن يدخل في زمان إباحة النافلة أو في زمان النهي عن صلاة النافلة فإن دخل في زمان النهي فلا يركع فإنه ربما يتخيل بعض الناس أن الأمر بتحية المسجد يعارض حديث النهي عن الصلاة في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها فاعلم إن النهي لا يعارض به الأمر الثابت عند الفقهاء إلا عندنا فإن لنا في ذلك نظرا وهو أن النهي إذا ثبت والأمر إذا ثبت فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا إذا نهانا عن أمر بامتثال ذلك النهي مطلقا من غير تخصيص وأن تجتنب كل منهي عنه يدخل تحت حكم ذلك النهي وقال في الأمر الثابت صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث وإذا أمرتكم بأمر فافعلوا منه ما استطعتم فقد أمرنا بالصلاة عند دخول المسجد ونهانا عن الصلاة في أوقات معينة فقد حصلنا بالنهي الثابت في حكم من لا يستطيع إتيان ما أمر به في هذه الحال لوجود النهي فانتفت الاستطاعة شرعا كما تنتفي عقلا فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقل فافعلوا منه ما استطعتم الاستطاعة المشروعة ولا المعقولة فوجب العموم في ذلك فيقول إن النهي المطلق منعني من الإتيان بجميع ما يحويه هذا الأمر الوارد من الأزمنة فلا أستطيع إتيان هذه الصلاة في هذا الوقت المخصص بالنهي شرعا فاعلم ذلك المسجد بيت الله والكرسي تجليه لمن أراد أن يناجيه فمن دخل عليه في بيته وجب عليه إن يحييه بما أمره أن يحييه فعلمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف نحيي بيت ربنا فإنه يقول في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال يقول عبد الله بن عمر لو كنت مسبحا أتممت يعني متنفلا وسبحة الضحى صلاة الضحى إذا دخلنا المسجد نسلم على الحاضرين فيه من الملأ الأعلى بقولنا السلام عليكم إن كان هنالك من البشر أحد من كان من صبي أو امرأة أو رجل فإذا لم يكن أحد ممن يسمى إنسانا فلا يخلو هذا الداخل إما أن يكون ممن كشف الله عن بصره غطاء الحجاب المعتاد فيدرك من فيه من الأرواح العاقلين من جن وملك فيسلم عليهم كما يسلم على من وجد فيه من البشر وإن لم يكن من أهل الكشف لمن فيه فليقل السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين وينوي كل صالح لله من جميع عباده من كل ما سوى الله فيصيب ذلك السلام كل عبد صالح لله في السماء والأرض ولا يقل السلام على الله فإن الله هو السلام وليركع ركعتين بين يدي ربه عز وجل وليجعل الحق تعالى في قبلته وتكون تلك الصلاة بما فيها من الركوع والسجود مثل التحية التي تحيا بها ملوك الأعاجم إذا دخل عليهم أو ظهروا لرعاياهم وقد مضى اعتبار وأحوال الركوع والقيام والجلوس والسجود فهاتان الركعتان سجود تحية فإن كان دخوله في غير وقت صلاة أعني دخل في الأوقات المنهي عن إيقاع الصلاة فيها فعند ما يدخل المسجد يقوم بين يدي ربه عز وجل خاضعا ذليلا مراقبا ممتثلا أمر سيده في نهيه عن الصلاة في ذلك الوقت كما نهاه أن يقول في تحياته في الصلاة السلام على الله فإن رسم له سيده تعالى بالقعود في بيته فليركع ركعتين شكر الله تعالى على ذلك حيث أمره سيده بالقعود عنده في بيته فهاتان الركعتان في ذلك الوقت ركعتا شكر ومن ركع قبل الجلوس وما في نيته أن يجلس وهو وقت صلاة فتانك الركعتان تحية لله لدخوله عليه في بيته ومن راعى من أهل الله من العارفين دخوله على الحق في بيته ولم يخطر له خاطر التقييد بالأوقات كان ركوعه ركوع تحية لدخوله ومن كان حاله الحضور مع الله على الدوام ومناجاته في كل حال فليست بتحية مطلقا ولكنهما ركعتا
(٥٠٨)