ربه في ملأ ذكره الله في ملأ فالعبد ينزل في هذه المسألة منزلة إمام والحالة الأخرى أن يكون حال العبد مع الله على صورة ما يكون حال الحق مع العبد مثل قوله يحبهم ويحبونه فأهل طريق الله على ما تقضي به الحقائق في هذه المسألة أن حب العبد لولا ما أحبه الله أو لا ما رزقه محبته ولا وفقه إليها ولا استعمله فيها وهكذا جميع ما يكون فيه العبد من الأمور المقربة إلى الله عز وجل فهذا المقام يحذر أهل الله من الغفلة فيه فلهذا شبهناه بصلاة الخوف (وصل في فصل صلاة الخائف عند المسايفة) فمن الناس من قال لا يصلي ومن الناس من قال يصلي بعينيه إيماء والذي أذهب إليه أنه مأمور في ذلك الوقت بالصلاة على قدر ما يمكنه أن يفعله منها وذلك أن كل حال ما عدا حال المسايفة فهو استعداد للجهاد والقتال ما هو عين الجهاد ولا عين القتال فإذا وقعت المسايفة ذلك هو عين الجهاد والقتال الذي أمر الله عباده بالثبات فيه والاستعانة بالصبر والصلاة فقال تعالى يا أيها الذي آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار ثم توعد من لم يثبت فقال ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم يعني إن قتل في تلك الحالة وبئس المصير وقال في تلك الحالة واستعينوا بالصبر وهو حبس النفس عن الفرار في تلك الحال والصلاة فأمره بالصلاة وأنها من المأمور المعينة له على خذلان العدو فجعلها من أفعال الجهاد فوجبت الصلاة والفرار في تلك الحال من الكبائر فأمره الله بالصبر وهو الثبات في تلك الحال والصلاة فوجبت عليه كما وجب الصبر فيصليها على قدر الإمكان فالله يقول فاتقوا الله ما استطعتم وقال لا يكلف الله نفسا إلا وسعها وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر على الراحلة يومئ إيماء مع الأمان فأحرى إيقاع الفرض مع الخوف ووجود الأمن والبشرى أنها من أسباب النصر فيصلي على قدر استطاعته في ذلك الوقت وعلى تلك الحال بحيث أن لا يترك القتال ولا يتوانى فيه فذلك استطاعة الوقت فإن المكلف بحكم وقته وسواء كان على طهارة أو على غير طهارة والمخالف لهذا ما حقق النظر في أمر الله ولا ما أراده الله برفع الحرج عن المكلف في دين الله في قوله تعالى ما عليكم في الدين من حرج وبعد هذا فإني أقول لا يخلو هذا المكلف إذا كان في هذا الموطن على هذه الحال إما أن يكون مجتهدا أو مقلدا فإن كان من أهل الاجتهاد فلا كلام فإنه يعمل بحسب ما يقتضيه دليله ويحرم عليه مخالفة دليله وإن كان مقلدا فالأولى به عندنا إن يقلد من قال بجواز الصلاة في حال المسايفة وعلى غير طهارة فيها فإن القرآن يعضده ولا حجة للمقلد في التخلف عن تقليد من يقول بالصلاة فإنه أبرأ لذمته وأولى في حقه ويكون ممن ذكر الله على كل أحيانه اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم في الصحيح عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه وما خصت حالا من حال وصل الاعتبار في ذلك حال المسايفة هو حال العبد مع الشيطان في وسواسه وحين توسوس إليه نفسه والله في تلك الحالة أقرب إليه من حبل الوريد فهو مع قربه في حرب عظيم فإذا نظر العبد في هذه الحال إلى هذا القرب الإلهي منه فإنه يصلي ولا بد من هذه حالته ولو قطع الصلاة كلها في محاربته فإنه إنما يحاربه بالله فإنه يؤدي الأركان الظاهرة كما شرعت بالقدر الذي هو فيه من الحضور مع الله في باطنه في صلاته كما يؤدي المجاهد الصلاة حال المسايفة بباطنه كما شرعت بالقدر الذي يستطيعه من الإيماء بعينيه والتكبير بلسانه في جهاد عدوه في ظاهره فإن وسوسة الشيطان في ذلك الوقت لم تخرجه عما كلفه الله من أداء ما افترضه عليه وطهارته في وقت الوسوسة عين محاربته كإسباغ الوضوء على المكاره وإن أخطر له الشيطان إذا رأى عزمه في الجهاد في الله أن يقاتل ليقال رغبة منه وحرصان يحبط عمل هذا العبد وكان قد أخلص النية أولا عند شروعه في القتال أنه يقاتل ذابا عن دين الله ولتكون كلمة الله هي العلياء وكلمة الذين كفروا السفلي والكافر هنا هو المشرك من جهة الشريك خاصة وإنما قلنا هذا لأن أهل الله يعرفون ما أشرت به إليهم في هذا القول فلا يبالي بهذا الخاطر فإن الأصل الذي بنى عليه صحيح والأساس قوي وهو النية في أول الشروع فإن عرض الشيطان له بترك ذلك العمل الذي قد شرع فيه على صحة ووسوس إليه أنه فاسد بما خطر له من الرياء فيرد عليه بقوله تعالى ولا تبطلوا أعمالكم فتدفع بهذه الآية الشبهة التي ألقاها إليك من ترك العمل
(٤٧٤)