استقبال القبلة ومن قائل لا بد من استقبال القبلة والذي أقول به بالسجود لأي وجه كان فإن الله يقول فأينما تولوا فثم وجه الله وإذا قدر على القبلة فهو أولى للجمع بين الظاهر والباطن (وصل في اعتبار ذلك) الله جل جلاله عن التقييد فهو قبلة القلوب فأينما تولوا فثم وجه الله حقيقة منزهة بلا خلاف بين أهل الله فإذا سجد العبد لله فقد سجد للقبلة المعتبرة فإن الله بكل شئ محيط لا تقيده الجهات ولا تحصره الأينيات وهو بالعين في كل أين ليس ذلك لسواه ولا يوصف به موجود إلا إياه فإن جمع الساجد بين القبلتين كما جمع في خلقه بين النشأتين باليدين فيقيد من يقبل التقييد ويطلق من يقبل الإطلاق فيعطي كل ذي حق حقه كما إن الله أعطى كل شئ خلقه (وصل في فصل صلاة العيدين حكما واعتبارا) صلاة العيد تكرار الشهود * بما يبدو علي من الوجود إذا جلى لنا ما كان منه * لنا مني به في كل عيد فعيدي من وجودي يوم جود * يمن به علي بلا مزيد أكبره بسبع ثم خمس * عن القرب المقيد بالوريد واطلب منه ما تعطيه ذاتي * لذاك اليوم من لبس جديد ولو أنى أقول بعين كوني * لميزت المراد من المريد ولكن عنه أعني حين أكني * بحال في هبوط أو صعود أناجيه به في كل حال * ويحجبني بلذات المزيد وأرفع ستره عن عين ذاتي * فتغنيني المطالع عن وجودي بماء حياته طهري ومن لم * يجد ماء تيمم بالصعيد وعين تيممي ردي بذاتي * إلي بلا شهود في شهود صلاة العيدين سنة بلا أذان ولا إقامة هما يوما سرور عيد الفطر لفرحته بفطره فيعجل بالصلاة للقاء ربه فإن المصلي يناجي ربه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للصائم فرحتان فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه فأراد أن يعجل بحصول الفرحتين فشرعت صلاة عيد الفطر وحرم عليه صوم ذلك اليوم ليكون في فطره مأجورا أجر الفرائض في عبودية الاضطرار لتكون المثوبة عظيمة القدر وفي صلاة عيد الأضحى مثل ذلك لصيامه يوم عرفة في حق من صامه فإنه صوم مرغوب فيه في غير عرفة وحرم عليه صوم يوم الأضحى ليؤجر أجر الواجبات فإنها من أعظم الأجور ولما كان يوم زينة وشغل بأحوال النفوس من أكل وشرب وبعال شرع في حق من ليس بحاج في ذلك اليوم أن يستفتح يومه بالصلاة بمناجاة ربه لتحفظه سائر يومه فإن الصلاة في ذلك اليوم في أول النهار كالنية في الصلاة فكما إن النية تحفظ عليه هذه العبادة وإن صحبته الغفلة في أثناء صلاته فالنية تجبر له ذلك فإنها تعلقت عند وجودها بكمال الصلاة فحكمها سار في الصلاة وإن غفل المصلي كذلك الصلاة في يوم العيد تقوم مقام النية واليوم يقوم مقام الصلاة فما كان في ذلك اليوم من الإنسان من لهو ولعب وفعل مباح فهو في حفظ صلاته إلى آخر يومه ولهذا سميت صلاة العيد أي تعود إليه في كل فعل يفعله من المباحات بالأجر الذي يكون للمصلي حال صلاته وإن غفل لصحة نيته ولهذا حرم عليه الصوم فيه تشبها بتكبيرة الإحرام وليقابل به نية الصوم في حال وجوب الصوم فيكون في فطره صاحب فريضة كما كان في صومه في رمضان صاحب فريضة فجميع ما يفعله من المباحات في ذلك اليوم مثل سنن الصلاة في الصلاة وجميع ما يفعله من الفرائض في ذلك اليوم والواجبات من جميع العبادات بمنزلة الأركان في الصلاة فلا يزال العبد في يوم العيدين حاله في أفعاله كلها حال المصلي فلهذا قلنا سميت صلاة العيد بخلاف ما يقول من ليس من طريقنا ولا شرب شربنا من أنه سمي بذلك لأنه يعود في كل سنة فهذه الصلوات الخمس تعود في كل يوم ولا تسمى صلاة عيد وإن كان لا يلزم هذا ولكن هو قول في الجملة يقال فإن قيل لارتباطه يوم العيد بالزينة قلنا والزينة مشروعة في كل صلاة فإن الله يقول خذوا زينتكم عند كل مسجد
(٥١٧)