الحجة عن فريضته ولنا في ذلك خبر نبوي في الصبي قبل البلوغ والعبد فللصبي الرضيع الإسلام العام الذي يثبته المحقق وقد اعتبره الشرع رفعت امرأة صبيا لها صغيرا فقالت يا رسول الله ألهذا حج قال لها نعم ولك أجر فنسب الحج لمن لا قصد له فيه فلو لم يكن لذلك الرضيع قصد بوجه ما عرفه الشارع صاحب الكشف ما صح أن ينسب الحج إليه وكان ذلك كذبا كانت امرأة ترضع صغيرا لها فمر رجل ذو شارة حسنة وخول وحشمة فقالت المرأة اللهم اجعل ابني مثل هذا فترك الرضيع الثدي ونظر إليه وقال اللهم لا تجعلني مثله ومرت عليها امرأة وهي تضرب والناس يقولون فيها زنت وسرقت فقالت المرأة اللهم لا تجعل ابني مثل هذه فترك الصغير الثدي ونظر إليها وقال اللهم اجعلني مثلها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك الرجل كان جبارا متكبرا وقال في المرأة كانت بريئة مما نسب إليها واتفق لي مع بنت كانت لي نرضع يكون عمرها دون السنة فقلت لها يا بنية فأصغت إلى ما تقول في رجل جامع امرأته فلم ينزل ما يجب عليه فقالت يجب عليه الغسل فغشي على جدتها من نطقها هذا شهدته بنفسي وكذلك زكاة الفطر على الرضيع والجنين (وصل في فصل حج الطفل) فمن قائل بجوازه ومن مانع والمجوز له صاحب الحق في هذه المسألة شرعا وحقيقة فإن الشرع أثبت له الحج وليس العجب إلا أن الحج يثبت بالنيابة فهو بالمباشرة في حق الطفل أثبت على كل حال وسيأتي ذكر النيابة في هذا العمل فيما بعد إن شاء الله وأين الإسلام في حق الصبي الصغير الرضيع فهل هو عند أهل الظاهر إلا بحكم التبع وأما عندنا فهو بالأصالة والتبع معا فهو ثابت في الصغير بطريقين وفي الكبير بطريق واحد وهو الأصالة لا التبع فالإيمان أثبت في حق الرضيع فإنه ولد على فطرة الايمان وهو إقراره بالربوبية لله تعالى على خلقه حين الأخذ من الظهر الذرية والإشهاد قال تعالى وإذا أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلي فلو لم يعقلوا ما خوطبوا ولا أجابوا يقول ذو النون المصري كأنه الآن في أذني وما نقل إلينا أنه طرأ أمرا خرج الذرية عن هذا الإقرار وصحته ثم إنه لما ولد ولد على تلك الفطرة الأولى فهو مؤمن بالأصالة ثم حكم له بإيمان أبيه في أمور ظاهرة فقال والذين آمنوا واتبعتهم ذرياتهم بإيمان يعني إيمان الفطرة ألحقنا بهم ذرياتهم فورثوهم وصلى عليهم إن ماتوا وأقيمت فيهم أحكام الإسلام كلها مع كونهم على حال لا يعقلون جملة واحدة ثم قال وما ألتناهم من عملهم من شئ يعني أولئك الصغار ما أنقصناهم شيئا من أعمالهم وأضاف العمل إليهم يعني قولهم بلي فبقي لهم على غاية التمام ما نقصهم منه شيئا لأنهم لم يطرأ عليهم حال يخرجهم في فعل ما من أفعالهم عن ذلك الإقرار الأول كما طرأ للكبير العاقل فنقص من عمله ذلك بقدر ما طرأ عليه فأنقصه الله على قدر ما نقص فالرضيع أتم إيمانا من الكبير بلا شك فحجه أتم من حج الكبير فإنه حج بالفطرة وباشر الأفعال بنفسه مع كونه مفعولا به فيها كما هو الأمر عليه في نفسه فإن الأفعال كلها لله فمن كل وجه صح له الحج حقيقة وشرعا والطفل مباشر بلا شك وغير عاقل العقل المعتبر في الكبير بلا شك وغير متلفظ بالإسلام ولا معتقد له ولا عالم به بلا شك ونريد الاعتقاد والعلم المعروف عند أهل الرسوم في العرف كل ذلك غير موجود في الصبي الرضيع وقد باشر العمل وهو معمول به وأضاف الحج إليه الشارع والصبي مستطيع في هذه الحالة بالاستعداد الذي هو عليه أن يكون معمولا به أعمال الحج كلها فهو محل للعمل لأنه وقف به في عرفة فوقف كما يقف الراكب بدابته وينسب الوقوف إليه ويطوف على راحلته ويسعى بين الصفا والمروة والراحلة هي التي تسعى وتطوف وتقف وينسب ذلك كله إليه بحكم المباشرة وأنه باشر أفعال الحج بنفسه فكذلك الصغير الرضيع يطاف به ويسعى فهو مباشر أفعال الحج ويوقف به مستطيع بالوجه الذي ذكرناه من الاستعداد لقبول ما يفعل به كما استعد الكبير الراكب لقبول ما تفعل به راحلته من سكون وحركة وينسب العمل إليه لا إلى الراحلة جريا على حكم الأصل الإلهي حيث تنسب الأفعال إلى العباد والأفعال أعني خلقها الله تعالى على الحقيقة وهم محال ظهورها (وصل في فصل الاستطاعة) فمن قائل الزاد والراحلة ومن قائل من استطاع المشي فلا تشترط الراحلة وكذلك الزاد ليس من شرطه إذا كان يمكنه
(٦٧٠)