المستنير إلى عينيه شبه الخطوط من النور تتصل من السراج إلى عينيه متعددة فإذا رفع تلك الأهداب من مقابلة الناظر قليلا قليلا يرى تلك الخطوط الممتدة تنقبض إلى الجسم المستنير فالجسم المستنير مثال للموضع المعين من هذه الأرض لتلك الصور والناظر مثال العالم وامتداد تلك الخطوط كصور الأجساد التي تنتقل إليها في النوم وبعد الموت وفي سوق الجنة والتي تلبسها الأرواح وقصدك إلى رؤية تلك الخطوط بذلك الفعل من إرسال الأهداب الحائلة بين الناظر والجسم النير مثال الاستعداد وانبعاث تلك الخطوط عند هذه الحال انبعاث الصور عند الاستعداد وانقباض الخطوط إلى الجسم النير عند رفع الحائل رجوع الصور إلى تلك الأرض عند زوال الاستعداد وليس بعد هذا البيان بيان وقد بسطنا القول في عجائب هذه الأرض وما يتعلق بها من المعارف في كتاب كبير لنا فيها خاصة انتهى الجزء الحادي عشر (بسم الله الرحمن الرحيم) (الباب التاسع) في معرفة وجود الأرواح المارجية النارية مرج النار والنبات فقامت * صورة الجن برزخا بين شيئين بين روح مجسم ذي مكان * في حضيض وبين روح بلا أين فالذي قابل التجسم منها * طلب القوت للتغذي بلامين والذي قابل الملائك منها * قبل القلب بالتشكل في العين ولهذا يطيع وقتا ويعصي * ويجازى مخالفوهم بنارين قال الله تعالى وخلق الجان من مارج من نار وورد في الحديث الصحيح أن الله خلق الملائكة من نور وخلق الله الجان من نار وخلق الإنسان مما قيل لكم فأما قوله ع في خلق الإنسان مما قيل لكم ولم يقل مثل ما قال في خلق الملائكة والجان طلبا للاختصار فإنه أوتي جوامع الكلم وهذا منها فإن الملائكة لم يختلف أصل خلقها ولا الجان وأما الإنسان اختلف خلقه على أربعة أنواع من الخلق فخلق آدم لا يشبه خلق حواء لا يشبه خلق سائر بني آدم وخلق عيسى ع لا يشبه خلق من ذكرنا فقصد رسول الله صلى الله عليه وسلم الاختصار وأحال على ما وصل إلينا من تفصيل خلق الإنسان فآدم من طين وحواء من ضلع وعيسى من نفخ روح وبنو آدم من ماء مهين ولما أنشأ الله الأركان الأربعة وعلا الدخان إلى مقعر فلك الكواكب الثابتة وفتق في ذلك الدخان سبع سماوات ميز بعضها عن بعض وأوحى في كل سماء أمرها بعد ما قدر في الأرض أقواتها وذلك كله في أربعة أيام ثم قال للسموات والأرض ائتيا طوعا أو كرها أي أجيبا إذا دعيتما لما يراد منكما مما أمنتما عليه أن تبرزاه فقالتا أتينا طائعين فجعل سبحانه بين السماء والأرض التحاما معنويا وتوجها لما يريد سبحانه أن يوجده في هذه الأرض من المولدات من معدن ونبات وحيوان وجعل الأرض كالأهل وجعل السماء كالبعل والسماء تلقي إلى الأرض من الأمر الذي أوحى الله فيها كما يلقي الرجل الماء بالجماع في المرأة وتبرز الأرض عند الإلقاء ما خبأه الحق فيها من التكوينات على طبقاتها فكان من ذلك أن الهواء لما اشتعل وحمي اتقد مثل السراج وهو اشتعال النار ذلك اللهب الذي هو احتراق الهواء وهو المارج وإنما سمي ما رجا لأنه نار مختلط بهواء وهو الهواء المشتعل فإن المرج الاختلاط ومنه سمي المرج مرجا لاختلاط النبات فيه فهو من عنصرين هواء ونار أعني الجان كما كان آدم من عنصرين ماء وتراب عجن به فحدث له اسم الطين كما حدث لامتزاج النار بالهواء اسم المارج ففتح سبحانه في ذلك المارج صورة الجان فبما فيه من الهواء يتشكل في أي صورة شاء وبما فيه من النار سخف وعظم لطفه وكان فيه طلب القهر والاستكبار والعزة فإن النار أرفع الأركان مكانا وله سلطان على إحالة الأشياء التي تقتضيها الطبيعة وهو السبب الموجب لكونه استكبر عن السجود لآدم عند ما أمره الله عز وجل بتأويل أداه أن يقول أنا خير منه يعني بحكم الأصل الذي فضل الله به بين الأركان الأربعة وما علم إن سلطان الماء الذي خلق منه آدم أقوى منه فإنه يذهبه وإن التراب أثبت منه للبرد واليبس فلآدم القوة والثبوت لغلبة الركنين اللذين
(١٣١)