الأرواح الملكية فيقول وإن خرجت عن طبيعتي فلم أخرج عن ملكيتي لما في من عالم الأمر فيطلب النفوذ والخروج أيضا عن روحه كما خرج عن طبيعته فيخرج بسره الرباني فتقوم له الأسماء الإلهية فيؤم بها نحو خالقه وهو يقدمها فكل اسم له حقيقة وهذا العبد مجموع تلك الحقائق كلها فتصح له الإمامة في ذلك الموطن مع خروجه عن طبيعته وروحه وما من موطن يخرج عنه إلا ويلحقه فيه ذم من طائفة لأن تلك الطائفة ترى في هذا العبد أنه متعبد بمجموعه وهو الصحيح فتسميه فاسقا ولكن يعذر فإن السلوك يعطي التحليل حتى ينتهي فإذا انتهى يتركب طورا بعد طور كما يتحلل حتى يكمل فيزول عنه اسم الفسوق في كل عالم فهذا اعتبار إمامة الفاسق (فصل بل وصل في إمامة المرأة) فمن الناس من أجاز إمامة المرأة على الإطلاق بالرجال والنساء وبه أقول ومنهم من منع إمامتها على الإطلاق ومنهم من أجاز إمامتها بالنساء دون الرجال (الاعتبار في ذلك) شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لبعض النساء بالكمال كما شهد لبعض الرجال وإن كانوا أكثر من النساء في الكمال وهو النبوة والنبوة إمامة فصحت إمامة المرأة والأصل إجازة إمامتها فمن ادعى منع ذلك من غير دليل فلا يسمع له ولا نص للمانع في ذلك وحجته في منع ذلك يدخل معه فيها ويشرك فتسقط الحجة فيبقى الأصل بإجازة إمامتها اعلم أن الإنسان عالم في نفسه كبير من جهة المعنى وإن كان صغير الحجم ولهذا يقول إياك نعبد بنون الجمع وجعل جوارحه وقواه الظاهرة والباطنة منقادة لما يحكم فيها المقدمون عليها وهو العقل والنفس والهوى وكل واحد منهم قد يؤم بالجماعة في وقت ما فالطاعات كلها المقربة للعقل والمباحات للنفس والمخالفات للهوى وقد قيل للعقل إذا سئمت النفس من اتباعك في الأمور المقربة واقتدائها بك في وقت إمامتك وتقدمت هي في المباحات وأمت بك فاتبعها وصل خلفها حافظا لها لئلا يخدعها الهوى فإن الهوى يتبعها في ذلك الحال عسى يوقع بها في محظور ففي مثل هذا الموطن تجوز إمامة النفس وهي إمامة المرأة وإمامة العقل بمنزلة إمامة الرجل المسلم البالغ العالم الولد الحلال وإمامة الهوى بمنزلة إمامة المنافق والكافر والفاسق وإمامة النفس بمنزلة إمامة المرأة (فصل بل وصل في إمامة ولد الزنا) اختلفوا في إمامة ولد الزنا فمن مجيز إمامته ومن مانع من ذلك (الاعتبار في ذلك) ولد الزنا هو العلم الصحيح عن قصد فاسد غير مرضي عند الله فهو نتيجة صادقة عن مقدمة فاسدة فالإنسان وإن طلب العلم لغير الله فحصوله أولى من الجهل فإنه إذا حصل قد يرزق صاحبه التوفيق فيعلم كيف يعبد ربه فتجوز إمامة ولد الزنا وهو الاقتداء بفتوى العالم الذي ابتغى بعلمه الرياء والسمعة ليقال فأصل طلبه غير مشروع وحصول عينه في وجود هذا الشخص فضيلة (فصل بل وصل في إمامة الأعرابي) اختلفوا في إمامة الأعرابي فمن مجيز إمامته ومن مانع من ذلك (الاعتبار في ذلك) الجاهل بما ينبغي للإمام أن يعلمه لا يصلح للإمامة لأن الإمام يقتدى به وهو لا يعلم ولا يتعلم فلا تجوز إمامة من هذه صفته لأنه لا يعلم ما يجب عليه مما لا يجب فالمقتدي به ضال وليس هو بمنزلة صلاة المفترض خلف المتنفل فإن الإمام إذا تنفل وخالف المأموم في نيته فما خالفه فيما هو فرض في الصلاة نافلة كانت أو فريضة لأنها تشتمل على فروض وسنن فأركانها فروض كلها وسننها كذلك في النافلة والفريضة فما فعل المتنفل الذي هو الإمام في صلاته إلا ما تفرض عليه أن يفعله من أركان صلاته من ركوع وسجود وغير ذلك وكذلك سننها والمفترض مقتد به في هذه الأفعال التي هي فرض عليهما فعلها فما اقتدى الذي نوى الفرض خلف المتنفل إلا بما هو فرض على المتنفل فاعلم ذلك (فصل بل وصل في إمامة الأعمى) فمن مجيز إمامة الأعمى ومن مانع إمامته والله أعلم (اعتبار ذلك) الأعمى هو الحائر الذي هو في محل النظر لم يترجح عنده شئ وليس بواقف فيكون شاكا والأصل حكم الفطرة التي ولد عليها فهو مؤمن في حال نظره وحيرته ما لم يقف أو يرجح فتجوز إمامته بأصل الفطرة لاستنابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن أم مكتوم على المدينة يصلي بالناس وهو أعمى
(٤٤٧)