وليس له في إياك نستعين مدخل ولا في نون نفعل وألف أفعل لكن له من هذه الأحرف الأربعة الزوائد حرف التاء المنقوط من أعلى بضمير المخاطب وقد تكون الياء المنقوطة من أسفل يفعل بضمير الهوية فاعلم ذلك وبالله التوفيق (وصل في فصل من جامع متعمدا في رمضان) أجمعوا أن عليه القضاء والكفارة وقيل لا يجب عليه إلا القضاء فقط لأن الكفارة في ذلك لم تكن عزمة لقرائن الأحوال لأنه صلى الله عليه وسلم يأمره عند عدم العتق والإطعام أن يصوم ولا بد إذ كان صحيحا ولو كان مريضا لقال له إذا وجدت الصحة فصم وقال قوم ليس عليه إلا الكفارة فقط ليس عليه قضاء والذي أذهب إليه أنه لا قضاء عليه واستحب له أن يكفر إن قدر على ذلك والله أعلم بحكمه في ذلك (الاعتبار) القدرتان تجتمعان على إيجاد ممكن من ممكن فيما ينسب من ذلك إلى العبد في الفعل عن كل من لا يصل عقله إلى معرفة ذلك إما بعتق رقبة من الرق مطلقا أو مقيدا فإن أعتقه من الرق مطلقا فهو أن يقيم نفسه في حال كون الحق عينه في قواه وجوارحه التي بها تميز عن غيره من الأنواع بالصورة والحد وإذا كان في هذا الحال وكان هذا نعته كان سيدا وزالت عبوديته مطلقا لأن العبودية هنا راحت إذ لا يكون الشئ عبد نفسه فهو هو قال أبو يزيد في تحقق هذا المقام مشيرا تاليا إني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني هذا أوحى الله به لموسى وهو خطاب يعم الخلق أجمعين وأما إن كان العبد مقيدا فهو إن يعتق نفسه من رق الكون فيكون حرا عن الغير عبد الله فإن عبوديتنا لله يستحيل رفعها وعتقها لأنها صفة ذاتية له واستحال العتق منها في هذا الحال لا في الحال الأول وقد نبه على ذلك بقوله تعالى قل اللهم مالك الملك فسماه ملكا ليصح له اسم المالك ولم يقل مالك العالم وقال أيضا وهو من باب الإشارة والتحقيق قل أعوذ برب الناس ملك الناس فمن باب التحقيق لما سماهم الناس ولم يسمهم باسم يقتضي لهم أن يكونوا حقا أضافه نفسه إليهم باسم الملك ومن باب الإشارة اسم فاعل من النسيان معرفا بالألف واللام لأنه نسي أن الحق سمعه وبصره وجميع قواه في حال كونه كله نورا وهو المقام الذي سأله رسول الله صلى الله عليه وسلم من ربه أن يقيم فيه أبدا فقال واجعلني نورا فإن الله من أسمائه النور بل هو النور للحديث الثابت نور إني أراه وقد صحفه بعض النقلة فقال نوراني أراه فحصل في هذا التصحيف معنى بديع وهو إذا جعل عبده نورا فيرى الحق فيه ومنه فعند ذلك يكون نورانيا لا غير فهو في ذاته نور وفي عبده نوراني فافهم ما قلنا فلما لم يتذكر الناسي هذه الحال وهو في نفسه عليها غافل عنها خاطبه الحق مذكرا له بها في القرآن الذي تعبده بتلاوته ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب ما كانوا قد نسوة فهذا يدلك على أنهم كانوا على علم متقدم في شيئية الثبوت وأخذ العهد وأما الإطعام في الكفارة فالطعام سبب في حفظ الحياة على متناولة فهو في الإطعام متخلق بالاسم المحيي لما أمات بما فعله عبادة لا مثل لها كان عليها فكان منعوتا بالمميت في فعلها لأنه تعمد ذلك فأمر بالإطعام ليظهر اسم المقابل الذي هو المحيي فافهم وأما صوم شهرين في كفارته فالشهر عبارة في المحمديين عن استيفاء سير القمر في المنازل المقدرة وذلك سير النفس في المنازل الإلهية فالشهر الواحد يسير فيها بنفسه ليثبت ربوبية خالقه عليه عند نفسه والشهر الآخر يسير فيه بربه فإنه رجله التي يسعى بها من باب أن الحق جميع قواه وجوارحه فإنه بقواه قطع هذه المنازل والحق عين قواه فقطعها بربه لا بنفسه وأما قول هذا الفاعل لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين أمره بالصوم في الكفارة أي اتصف بصفة الحق فإن الصوم له فقال من الصوم أتى علي فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم فضحكه علامة على خفة الأمر ولما علم إن الحق أنطقه وما أراد ذلك الناطق وإن جهله ذلك الأعرابي فكأنه قال له في قوله كفر بالصوم أي كن حقا فنطق إن يقول من الحق أتى علي فإني لما كنت حقا زال التكليف عني فإن الحق لا يكلف فلما ذا تبقيني حقا أنزلني إلى العبودية فأوجب على الكفارة التي هي الستر أي لا تذكر أنك عصيتني بي ولهذا قال للنبي صلى الله عليه وسلم أتعطيها لأفقر مني ما بين لابتيها أفقر مني فأضاف كمال الفقر إليه لأنه رجع إلى العبودية عن سيادته فعظم ذله وفقره فإن استصحاب الفقر لا ألم في الفقير مثل ألم من كان غنيا ثم
(٦١٨)