ابن ميمون بن آب التوزري تم المصري المعروف بالقسطلاني المجاور الآن بمكة ما خطر لنا الإبانة عنها فربما اتفق لمن تقدمنا مثل هذا فلم نبهوا عليها لعدم السائل (فصل بل وصل في وقت صلاة العصر) اختلف علماء الشريعة في أول وقتها مع آخر وقت صلاة الظهر وفي آخر وقت صلاة العصر فمن قائل إن أول وقت العصر هو بعينه آخر وقت الظهر وهو إذا صار ظل كل شئ مثله واختلف القائلون بهذا القول فمن قائل إن ذلك الوقت مشترك للصلاتين معا ومقداره أن يصلي فيه أربع ركعات إن كان مقيما أو ركعتين إن كان مقصرا ومن قائل آخر وقت الظهر هو الآن الذي هو أول وقت العصر وهو زمان لا ينقسم جاء الحديث الثابت في إمامة جبريل عليه السلام بالنبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى الظهر في اليوم الثاني في الوقت الذي صلى فيه العصر في اليوم الأول وفي الحديث الثابت الآخر إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال آخر وقت الظهر ما لم يدخل وقت العصر وحديث آخر ثابت لا يخرج وقت صلاة حتى يدخل وقت صلاة أخرى فالحديث الأول يعطي الاشتراك في الوقت والحديثان الآخران يعطي الزمان الذي لا ينقسم فيرفع الاشتراك والقول هنا أقوى من الفعل لأن الفعل يعسر الوقوف على تحقيق الوقت به وهو من قول الصاحب على ما أعطاه نظره وقول النبي صلى الله عليه وسلم يخالف ما قال الصاحب وحكم به على فعل صلاة جبريل عليه السلام بالنبي صلى الله عليه وسلم فيكون كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم مفسرا للفعل الذي فسره الراوي والأخذ بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي أمرنا الله أن نأخذ به قال الله تعالى وما آتاكم الرسول فخذوه فكان ينبغي في هذه المسألة وأمثالها أن لا يتصور خلاف ولكن الله جعل هذا الخلاف رحمة لعباده واتساعا فيما كلفهم به من عبادته لكن فقهاء زماننا حجروا وضيقوا على الناس المقلدين للعلماء ما وسع الشرع عليهم فقالوا للمقلد إذا كان حنفي المذهب لا تطلب رخصة الشافعي فيما نزل بك وكذلك لكل واحد منهم وهذا من أعظم الرزايا في الدين والحرج والله يقول ما عليكم في الدين من حرج والشرع قد قرر حكم المجتهد له في نفسه ولمن قلده فأبوا فقهاء زماننا ذلك وزعموا أن ذلك يؤدي إلى التلاعب بالدين وهذا غاية الجهل منهم فليس الأمر والله كما زعموا مع إقرارهم على أنفسهم أنهم ليسوا بمجتهدين ولا حصلوا في رتبة الاجتهاد ولا نقلوا عن أئمتهم إنهم سلكوا هذا المسلك فأكذبوا أنفسهم في قولهم إنهم ما عندهم استعداد الاجتهاد والذي حجروه على المقلدين ما يكون إلا بالاجتهاد نعوذ بالله من العمي والخذلان فما أرسل الله رسوله إلا رحمة للعالمين وأي رحمة أعظم من تنفيس هذا الكرب المهم والخطب الملم وأما آخر وقت العصر فمن قائل إن آخر وقتها أن يصير ظل كل شئ مثليه ومن قائل إن آخر وقتها ما لم تصفر الشمس ومن قائل إن آخر وقتها قبل أن تغرب الشمس بركعة وبه أقول الاعتبار قد تقدم الاعتبار في الوقت المشترك بالأسماء الإلهية في حق المتخلق بها من أهل الله وغير المشترك فليؤخذ في كل الصلوات مطلقا وما بقي من الاعتبار في هذا الفصل إلا الاعتبار في الآن الذي لا ينقسم وفي الاصفرار أما اعتبار الآن الفاصل بين الوقتين فهو المعنى الفاصل بين الإسمين اللذين لا يفهم من كل واحد منهما اشتراك فطهر حكم كل اسم منهما على الانفراد وهو حد الواقف عندنا فإن الإنسان السالك إذا انتقل من مقام قد احتكمه وحصله تخلقا وذوقا وخلقا إلى مقام آخر يريد تحصيله أيضا يوقف بين المقامين وقفة يخرج حكم تلك الوقفة عن حكم المقامين عن حكم المقام الذي انتقل عنه وعن حكم المقام الذي يريد الانتقال إليه يعرف في تلك الوقفة بين المقامين وهو كالآن بين الزمانين آداب المقام الذي ينتقل إليه وما ينبغي أن يعامل به الحق فإذا أبين له عنه دخل في حكم المقام الذي انتقل إليه على علم فإن المقامات في هذا الطريق كأنواع الأعمال في الشريعة مثل الصلاة والزكاة والصوم والحج والجهاد وغير ذلك فكما إن لكل نوع من هذه الأعمال علم يخصه كذلك لكل مقام آداب ومعاملة تخصه وقد بين ذلك محمد بن عبد الجبار النفري في كتابه الذي سماه بالمواقف والقول وقفت على أكثره وهو كتاب شريف يحوي على علوم آداب المقامات يقول في ترجمة الموقف اسم الموقف يقول في انتقاله إلى موقف العلم مثلا وهو من جملة مواقفه في ذلك الكتاب فقال موقف العلم ثم قال أوقفني في موقف العلم وقال لي يا عبدي لا تأتمر للعلم ولا خلقتك لتدل على سواي ثم قال قال لي الليل لي لا للقرآن يتلى الليل لي
(٣٩٢)