العادة في تسبيح الحصى وإنما انخرقت العادة في تعلق أسماعهم به وقد سمعنا بحمد الله في بدء أمرنا تسبيح حجر ونطقه بذكر الله فمن الموجودات ما هو حي بحياتين حياة مدركة بالحس وحياة غير مدركة بالحس ومنها ما هو حي بحياة واحدة غير مدركة بالحس عادة ومنها ما هو حي بثلاثة أنواع من الحياة وهو الإنسان خاصة فإنه حي بالحياة الأصلية التي لا يدركها بالحس عادة وهو أيضا حي بحياة روحه الحيواني وهو الذي يكون به الحس وهو حي أيضا بنفسه الناطقة فالعالم كله طاهر فإن عرض له عارض إلهي يقال له نجاسة حكمنا بنجاسة ذلك المحل على الحد المقدر شرعا خاصة في عين تلك النسبة الخاصة فالنجاسة في الأشياء عوارض نسب وأعظم النجاسات الشرك بالله قال تعالى إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا فالمشرك نجس العين فإذا آمن فهو طاهر العين أي عين الشرك وعين الايمان فافهم فإنه ما يصدر عن القدوس إلا مقدس ولذا قلنا في النجاسة إنها عوارض نسب والنسب أمور عدمية فلا أصل للنجاسة في العين إذ الأعيان طاهرة بالأصل الظاهرة منه وهنا أسرار لا يمكن ذكرها إلا شفاها لأهلها فإن الكتاب يقع في يد أهله وغير أهله فمن فهم ما أشرنا إليه فقد حصل على كنز عظيم ينفق منه ما بقيت الدنيا والآخرة أي إلى ما لا يتناهى وجوده والله المؤيد معلم الإنسان البيان (باب حكم قليل النجاسات) اختلف أهل العلم في قليل النجاسات فمن قائل إن قليلها وكثيرها سواء ومن قائل إن قليلها معفو عنه وهؤلاء اختلفوا في حد القليل ومن قائل إن القليل والكثير سواء إلا الدم وقد تقدم الكلام في الدم وعندنا إن القليل والكثير سواء إلا ما لا يمكن الانفكاك عنه ولا يعتبر في ذلك منع وقوع الصلاة بها أو وقوعها فإن ذلك حكم آخر والتفصيل في ذلك قد ورد في الشرع فيوقف عنده ولا يتعدى فإنه لا يلزم من كونه نجاسة عدم صحة الصلاة بها فقد يعفو الشرع عن بعض ذلك في موضع وقد لا يعفو في موضع وللأحوال في ذلك تأثير فقد أزال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعله في الصلاة من دم حلمة أصاب نعله ولم يبطل صلاته ولا أعاد ما صلى به (وصل اعتباره في الباطن) أما اعتباره في الباطن فمذام الأخلاق والجهالات وإساءة الظنون في بعض المواطن قليل ذلك وكثيره سواء وفي ذلك حكايات وأقوال لأهل الله والتفصيل الوارد في الخلاف في الطاهر يعتبر بحسبه فإنه قد تقدم في الفصول قبل هذا كيف تؤخذ وجوه الاعتبار فيه في الباطن (باب حكم المني) اختلف علماء الشريعة في المني هل هو طاهر أو نجس فمن قائل بطهارته ومن قائل بنجاسته (وصل اعتباره في الباطن) التكوين منه طبيعي ومنه غير طبيعي وبينهما فرقان إن شئنا اعتبرنا وإن شئنا لم نعتبره فإن التكوين الطبيعي لا فرق عندنا بينه وبين التكوين غير الطبيعي فإن التكوين الطبيعي من حيث الوجه الخاص المعلوم عند أهل الله المنصوص عليه في القرآن صادر عن حضرة التقديس والاسم القدوس ومن غير ذلك الوجه الخاص فهو صادر عن مثله وهو الذي أيضا نقول فيه عالم الخلق وعالم الأمر فكل موجود عند سبب مخلوق مما سوى الله هو عالم الخلق وكل ما لم يوجد عند سبب مخلوق فهو عالم الأمر والكل على الحقيقة عالم الأمر إلا إنا لا يمكننا رفع الأسباب من العالم فإن الله قد وضعها ولا سبيل إلى رفع ما وضعه الله فأقول إنه من احتجب بنفسه عن ربه فليس بطاهر ولما كان خروج المني غالبا يستغرق لذته الإنسان بل الحيوان كله حتى يفنى عن ربه إلا عن حكم الخارج منه وهو المني كان المني غير طاهر ولهذا أمرنا بالتطهير منه أي التطهير العام لجميع أجزاء البدن لأنه يخرج من بين الصلب والترائب ومن راعى أن الحق ما تولى التكوين الطبيعي إلا به حكم بطهارته لأن الحال اختلف عليه فإنه دم مقصور قصرته المثانة فتغير عن الدمية فتغير الحكم وهو أولى فالمني عندنا طاهر إلا أن يخالطه شئ نجس لا يتمكن تخليصه منه وحينئذ نحكم به أنه نجس بما طرأ عليه كما كان أصله وعينه دما فلو بقي على صورته في أصله من الدمية إذا خرج حكمنا بنجاسته شرعا (باب في المحال التي تزال عنها النجاسة) أما المحال التي تزال عنها النحاسة شرعا فهي ثلاثة الثياب والأبدان أبدان المكلفين والمساجد (وصل اعتباره في
(٣٨٢)