ويقوم لقضاء ما عليه ولا سجود عليه لسهو الإمام وإن سجد هذا المأموم بعد القضاء فهو أحوط بل استحب لكل مصل أن يسجدهما بعد القضاء كل صلاة يصليها دائما منفردا أو خلف إمام بعد السلام وإن علم المأموم بسهو الإمام فلا يخلو إما أن يكون سهوه فيما فات هذا المأموم أو فيما أدرك معه من الصلاة فإن كان فيما فاته فلا يتبعه في سجوده ولو سجد قبل السلام وإن كان يعلم أن سهو الإمام فيما أدرك معه من الصلاة فإن سجد قبل السلام اتبعه وإن سجد بعد السلام يقضي ما فاته ثم يسجد إلا أن يكون سهو الإمام فيما سهى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم مما أدركه معه هذا الداخل فإنه يتبع الإمام في سجوده قبل السلام وبعده وحينئذ يقوم لقضاء ما عليه (وصل الاعتبار في هذا الفصل) يلزم الائتمام بالإمام ما دام يسمى إماما فإذا زال عنه اسم الإمام لم يلزم اتباعه وإمامة الرسول لا ترتفع فالاتباع لازم ومحبة الله لمن اتبعه لازمة بلا شك يقول الله لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة وقيل له قل فاتبعوني يحببكم الله وإذا أحب الله عبده كان جميع قواه وجوارحه وهو لا يتصرف إلا بقواه وجوارحه فلا يتصرف إلا بالله فيكون محفوظ التصرف في حركاته وسكناته ثم لتعلم أنه من جهة اتصافه بها تكليف المكلف فقد زال عنه إما بالكلية وإما بالتعليق عند جميع الفقهاء وعندنا ليس كذلك لأنه ما ثم حال ولا صفة في مكلف تخرج عن حكم الشرع ممن غلب عليه الحال أو الجنون أو النسيان أو النوم أو الذي لم يبلغ حد الحلم فلم يخرج أحد من هؤلاء عن حكم الشرع فإنه قد شرع لكل صاحب حال وصفة حكما إما بالإحاطة أو غير ذلك من أحكام الشرع لأنه لا يخلو عن حكم مشروع لصاحب تلك الحال فما ثم إلا مكلف فما ارتفع التكليف فإن هؤلاء الذين تقول فيهم الفقهاء قد ارتفع عنهم خطاب الشرع لم يرتفع فإن الشرع قد أباح له التصرف فيما يقتضيه طبعه كالحيوان ولا حرج عليه في ذلك فكيف يقال زال عنه حكم الشرع والشرع قد حكم له بالإباحة كما حكم للعاقل البالغ بالإباحة فيما أباح له فإن الحكم في الأشياء للشرع لا للعقل والشرع هو حكم الله في الأشياء وما ثم شئ خرج عن حكم الله فيه بأمر ما هذا نظر أهل الله لأنهم لا يزالون في كل نفس حاضرين مع الله وأحكام الشرع وإن تعلقت بالأعيان فإنها مبنية على الأحوال فما خوطبت عين بأمر ما إلا لحال هي عليه لأجل ذلك الحال خوطب بما خوطب به لا لعينه فإن العين لا تزال باقية والأحوال تتغير فيتغير حكم الشرع على العين لتغير الحال فحال الطفولة والإغماء والجنون وغلبة الحال والفناء والسكر والمرض للشرع فيها أحكام كما لحال الرجولة والإفاقة والصحة والبقاء والصحو وعدم غلبة الحال للشرع فيها أحكام فحكم الشرع سار في جميع الأحوال لمن عقل سريان الحق في وجود الأعيان (وصل في فصل التسبيح والتصفيق من المأمومين لسهو الإمام) فقال قوم التسبيح للرجال والنساء وقال آخرون التسبيح للرجال والتصفيق للنساء وبه أقول وإليه أذهب للخبر الوارد فيه (وصل الاعتبار في هذا) من اعتبر الإنسانية الحق النساء بالرجال كما ألحقهن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرجال في الكمال ومن اعتبر الذكورة والأنوثة وقول الله تعالى وللرجال عليهن درجة وغلب الفاعل على المنفعل فرق بين الرجال والنساء فجعل التسبيح للرجال والتصفيق للنساء فإن كلام المرأة يثير الشهوة بالطبع ولا سيما إن كان في كلامها خضوع وانكسار وفي خيال السامع أنها أنثى وفي قلبه مرض والله قد نهاهن عن الخضوع في القول فقال ولا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا ففي هذه الآية إباحة كلام النساء الرجال على وصف خاص ولا شك أن المصلي في حال مناجاة ربه فإذا سبحت المرأة به حيف عليه الميل الطبيعي الخيالي إليها فهو مع التصفيق لا يؤمن عليه فكيف مع الكلام فالعارف هنا مع ما يعتبره مع الحق في مناجاته فأما إن يناجيه بعقله وإما بنفسه وطبعه وهو بحسب قوته فإن كان صحيحا قويا فلا يبالي بما وقعت المناجاة فيستوي عنده الرجال والنساء وأن يعرف نفسه أن فيها بقية من ذاتها وعندها مرض فرق بين عقله وطبعه حتى يتخلص هكذا هو نظر أهل الله في نفوسهم (وصل في فصل سجود السهو لموضع الشك) اختلف العلماء فيمن شك في صلاته فلم يدركه صلى واحدة أو اثنتين أو ثلاثا أو أربعا فمن العلماء من قال يبني على اليقين
(٤٨٦)