سمع الله لمن حمده ثم يرفع يديه حتى يحاذي منكبيه معتدلا ثم يقول الله أكبر ثم يهوى إلى الأرض فيجافي يديه عن جنبيه ثم يرفع رأسه ويثني رجله اليسرى فيقعد عليها ويفتح أصابع رجليه إذا سجد ويسجد ثم يقول الله أكبر ثم يرفع ويثني رجله اليسرى ويقعد عليها حتى يرجع كل عضو إلى موضعه ثم يصنع في الأخرى مثل ذلك ثم إذا قام من الركعتين كبر ويرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه كما كبر عند افتتاح الصلاة ثم يصنع ذلك في بقية صلاته حتى إذا كانت السجدة التي فيها التسليم أخر رجله اليسرى وقعد متوركا على شقه الأيسر قالوا صدقت هكذا كان يصلي صلى الله عليه وسلم وقال أبو عيسى محمد بن سورة الترمذي في هذا الحديث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة اعتدل قائما ورفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه وقال في الرفع من الركوع اعتدل حتى يرجع كل عظم في موضعه معتدلا وكذلك بين السجدتين وزاد في آخره ثم سلم وقال هذا حديث حسن صحيح وهذا ابتداء فصول الأحوال إن شاء الله نذكرها فصلا فصلا (فصول الأحوال) (فصل بل وصل في ذكر ما وقع من الاختلاف في صلاة الجماعة واختلفوا في صلاة الجماعة هل هي واجبة على من سمع النداء أم ليست بواجبة) فمن قائل إنها سنة ومن قائل إنها فرض على الكفاية ومن قائل إنها فرض متعين على كل مكلف (الاعتبار في ذلك) لما شرع الله للمصلي أن يقول إياك نعبد بنون الجمع دل على أنه مطلوب بكل جزء منه بالصلاة معا في حال واحد ولهذا سميت التكبيرة الأولى تكبيرة الإحرام أي يحرم على العبد في صلاته أن يتصرف بعضو من أعضائه فيما ليس من الصلاة وكل ما أبيح له من الفعل فيها فهو من الصلاة ولكن لا من صلاة كل مصل إلا لمصل عرض له في صلاته من ذلك شئ ففعله وهي أمور منصوصة عليها وكل فعل يجوز أن يفعل في الصلاة فهو صلاة لأن الشارع عينها فلا تبطل الصلاة بفعل شئ منها فحضور جماعة العبد مع الله تعالى في الصلاة واجب بلا شك فعلى كل عضو من أعضائه في الصلاة صلاة وأقل ما ينطلق عليه اسم الجماعة اثنان يقول الله قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ووصف نفسه بأنه يصلي علينا وقد أدخل نفسه مع العبد في الصلاة وكل يصلي مع ربه بلا شك فهو في جماعة بلا شك ويكون الحق إماما والعبد مأموما لأنه هو الذي يقيمه ويقعده ويكون العبد إماما في المناجاة فإن الله جعل ابتداء القول إليه فما ثم مصل فذا فإن غاب عن الحضور مع الله في هذه الصلاة فقد انفرد في هذه العبادة بنفسه دون ربه وهذا هو الفذ في الاعتبار وهو على هذا وإن كان في جماعة من عالمه فهو في حكم الفذ والفذ الآخر أن يفرد الصلاة للرب لغلبة مشاهدته إياه وفنائه عن نفسه فلا يشهد نفسه مصليا مع شهود وقوع الصلاة منه بربه فهذا أيضا يلحق بصلاة الفذ فإذا كوشف العبد على كل جزء منه في صلاته أنه مسبح بحمد ربه في صلاته وكل جزء فإن عن نفسه بشهوده فهو من حيث ما هو مجموع في جماعة فله أجر الجماعة وله أجر الفذ بكل جزء منه بالغا ما بلغت أجزاؤه فإن شئت قلت إنه صلى فذا وإن شئت قلت إنه صلى في جماعة والحق الإمام ثم إن من العارفين من يقيمه الحق في مقام الإمامة ويكون الحق مأموما وذلك مثل قوله صلى الله عليه وسلم إن الله لا يمل حتى تملوا فهو يجري معك ما دمت تجري معه وهو قوله تعالى من هذا الباب فاذكروني أذكركم وقوله من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم فهذا معنى الإمام والمأموم فهو سبحانه قدمك في هذا الموضع وأمثاله ومثل أجيب دعوة الداع إذا دعاني ومثل إمامته بك فليستجيبوا لي في دعائه إياهم ثم يدعونه اقتداء بدعائه فيجيبهم بإجابتهم إياه فانظر ما أكرم هذا الرب مع الغني المطلق الذي وصف به نفسه كيف ربط نفسه بعبده في جميع ما أمره به من العبادة ذلك هو الفضل المبين (فصل بل وصل فيمن صلى وحده ثم أدرك الجماعة أو صلى في جماعة ثم إنه أدرك جماعة أخرى) اعلم أنه من صلى ثم أتى المسجد فلا يخلو من أحد وجهين إما أن صلى منفرد أو في جماعة فإن كان صلى منفردا يعيد معهم كل الصلوات إلا المغرب فقط وقالت طائفة يعيد إلا المغرب والعصر وقالت طائفة إلا المغرب والصبح ومن قائل إلا الصبح
(٤٤٣)