غير الاسم الذي هو الحاكم فيه الآن زال الحكم ووليه الذي يطلبه للاستعداد ونظيره إذا خامر أهل بلد على سلطانهم فجاءوا بسلطان غيره لم يكن للأول مساعد فيزول عن حكمه ويرجع الحكم الذي طلبه الاستعداد فالحكم أبدا إنما هو للاستعداد والاسم الإلهي المعد لا يبرح حكمه دائما لا ينعزل ولا يصح المخامرة من أهل البلد عليه فهو لا يفارقه في حياة ولا موت ولا جمع ولا تفرقة ويساعده الاسم الإلهي الحفيظ والقوي وأخواتهما فاعلم ذلك ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم خرجه البخاري عن ابن عباس وخرج أبو داود عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذرعه القئ وهو صائم فليس عليه القضاء وإن استقاء فليقض رواة هذا الحديث كلهم ثقات (وصل في فصل النية) فمنهم من رأى النية شرطا في صحة الصيام وهو الجمهور ومنهم من قال لا يحتاج رمضان إلى نية إلا أن يكون الذي يدركه صوم رمضان مريضا أو مسافرا فيريد الصوم (وصل في الاعتبار فيه) النية القصد وشهر رمضان لا يأتي بحكم القصد من الإنسان الصائم فمن راعى أن الصوم لله لا للعبد قال بالنية في الصوم فإنه ما جاء شهر رمضان إلا بإرادة الحق من الاسم الإلهي رمضان والنية إرادة بلا شك ومن راعى أن الحكم للوارد وهو شهر رمضان فسواء نواه الصائم الإنساني أو لم ينوه فإن حكمه الصوم فليست النية شرطا في صحة صومه فإن لم يجب عليه وخيره مع كونه ورد كالمريض والمسافر صار حكمهما بين أمرين على التخيير فلا يمكن أن يعدل إلى أحد الأمرين إلا بقصد منه وهو النية (وصل في فصل من هذا الفصل وهو تعيين النية المجزئة في ذلك) فمن قائل لا بد في ذلك من تعيين صوم رمضان ولا يكفيه اعتقاد الصوم مطلقا ولا اعتقاد صوم معين غير صوم رمضان ومن قائل إن أطلق الصوم أجزأه وكذلك إن نوى فيه غير صيام رمضان أجزأه وانقلب إلى صيام رمضان إلا أن يكون مسافرا فإن للمسافر عنده أن ينوي صيام غير رمضان في رمضان ومن قائل إن كل صوم نوى في رمضان انقلب إلى رمضان المسافر والحاضر في ذلك على السواء (وصل الاعتبار فيه) قال تعالى قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى فالحكم للمدعو بالأسماء الإلهية لا للأسماء فإنها وإن تفرقت معانيها وتميزت فإن لها دلالة على ذات معينة في الجملة وفي نفس الأمر وإن لم تعلم ولا يدركها حد فإنه لا يقدح ذلك في إدراكنا وعلمنا أن ثم ذاتا ينطلق عليها هذه الأسماء كذلك الصوم هو المطلوب سواء كان مندوبا أو واجبا على كثرة تقاسيم الوجوب فيه ومن راعى الاسم الإلهي رمضان فرق بينه وبين غيره فإن غيره هو من الاسم الممسك لا من اسم رمضان والأسماء الإلهية وإن دلت على ذات واحدة فإنها تتميز في أنفسها من طريقين الواحد من اختلاف ألفاظها والثاني من اختلاف معانيها وإن تقاربت غاية القرب وتشابهت غاية الشبه وأسماء المقابلة في غاية البعد كالضار والنافع والمعز والمذل والمحيي والمميت والهادي والمضل فلا بد من مراعاة حكم ما تدل عليه من المعاني وبهذا يتميز العالم من الجاهل وما أتى الحق بها متعددة إلا لمراعاة ما تدل عليه من المعاني ومراعاة قصد الحق تعالى في ذلك أولى من غيره فلا بد من التعيين لحصول الفائدة المطلوبة بذلك اللفظ المعين دون غيره من تركيبات الألفاظ التي هي الكلمات الإلهية ومن اعتبر حال المكلف وهو الذي فرق بين المسافر والحاضر وله في التفرقة وجه صحيح لأن الحكم يتبع الأحوال فيراعي المضطر وغير المضطر والمريض وغير المريض وكذلك الأسماء تراعي أيضا فيراعي اسم الخمر إذا تخللت من اسم الخل فيتغير الحكم الإلهي في هذا الجسم المعين بتغير الأسماء كما تغيرت الأسماء في بعض الأشياء لتغير الأحوال إذ كان التغيير في ذلك الحكم اسم إلهي أوجب له تغيير الاسم فتغير الحكم الحكم للمدعو بالأسماء * ما الحكم للأسماء في الأشياء لكن لها التحكيم في تصريفها * فيه كمثل الحكم للأنواء في الزهر والأشجار في أمطارها * وقتا وفي الأشياء كالأنداء لعبت بها الأرواح في تصريفها * كتلاعب الأفعال بالأسماء
(٦١١)