يسب السلطان لعدم نظره إليه فإذا فاجأه حكمت الهيبة على قلبه فسارع إلى أمره فمثل هذا العلم لا ينفعه فإنه عن دليل كأعمى يمشي بعصا لا عن بصيرة كمن يقتدي ببصره في طريقة وأما اعتبار المغمى عليه فهو صاحب الحال الذي أفناه الجلال أو هيمه الجمال فلا يعقل فيكون الحق متوليه في تلك الغيبة في حسه بما شاء أن يجريه عليه وقد أقمت أنا في هذه الحالة مدة ولم أخل بشئ من حركات الصلاة الظاهرة بالجماعة على أتم ما يمكن إماما ولا علم لي بشئ من هذا كله فلما أفقت ورددت إلى حسي في عالم الشهادة أعلمني الحاضرون أنه ما فاتني شئ مما توجه علي من التكليف كما يتوجه على العاقل الذاكر ومن أهل طريقنا من لا تكون له هذه الحالة وهي حالة شريفة حيث لم يجر عليه لسان ذنب (وحكي) عن الشبلي أنه كان يأخذه الوله ويرد في أوقات الصلوات فإذا فرع من الصلاة أخذه الوله فقال الجنيد حين قيل له عنه الحمد لله الذي لم يجر عليه لسان ذنب فقد يمكن أن يكون الشبلي في ذلك الوقت يصلي به وهو غير عالم بذلك وحكم الناس الحاضرون عليه بأنه مردود لما رأوه من أدائه الصلاة مثل ما اتفق لنا فقالوا بصورة الظاهر منه وهو في نفس الأمر لا علم له ومنهم من يرد وليس كلامنا إلا فيمن أخذ عن نفسه في وقت أداء فرض عليه في الظاهر وأما في غير ذلك الوقت فما هي مسألتنا وأما الذين اشترطوا الخمس فما دونها لأن كل صلاة من الخمس أصل مغايرة للأخرى في الوقت وبعض الصفات فإذا انقضت الخمس كان ما بعد الخمس بصفة كل واحدة منهن فاعتبرهن لكونهن أصولا وما قصر هذا الفقيه في مثل هذا فإنها حكمة بالغة لمن عرف الحقائق من هذا الطريق ومن عرف أن الحقيقة تقتضي أن لا تكرار لم يقل بذلك وهو الأصل الأول والعارف بحسب ما يفتح عليه في وقته (وصل في فصل صفة القضاء) القضاء نوعان قضاء لجملة الصلاة وقضاء لبعضها أما قضاء الجملة فله صفة وشرط ووقت فأما الصفة فهي بعينها صفة الأداء فيما في نفس الصلاة من الأعراض فإن اختلفت الأحوال مثل أن يذكر صلاة نسيها في حال سفره في حال حضره وبالعكس فهذا معنى اختلاف الأحوال فمن قائل يقضي مثل الذي عليه ولا يراعى وقت الذكر ومن قائل يقضي أربعا أبدا سفرية كانت أو حضرية ومن قائل يقضي أبدا فرض الحال أعني وقت الذكر فإن كان في سفر والذي نسيها حضرية قضاها سفرية وبالعكس وبه أقول فإن ذلك وقتها عندنا (وصل الاعتبار في ذلك) من رأى أن الحال له حكم في المقام قال بقولنا ومن رأى أن الحال لا حكم لها لأن الدنيا ليست بقوة للحال عمل بحكم المقام فادى مثل ما عليه ومن رأى أن المقام الذي هو فيه الأصل الذي يعتمد عليه ولا حكم لمقام آخر مع تداخل المقامات بعضها على بعض كالورع والزهد يجمعهما الترك والتسليم والتفويض والتوكل يجمع ذلك كله عدم الاعتراض في المقدور والرضي بحكم الله في وارد الوقت فيعمل بالأتم الأعم وهو الذي يقضي أربعا أبدا والشارع إنما يعتبر الأحوال وعليها تتوجه الأحكام والذوات محال للأحوال تبعا فزيد المختار الميتة عليه حرام وإذا اتصف زيد المختار بالاضطرار فالميتة له حلال وهو زيد بعينه وإنما اختلفت الأحوال فاختلفت الأحكام فلهذا يقضي الحضرية سفرية إذا كان حاله السفر في وقت الذكر ويقضي السفرية حضرية إذا كان حاله الحضر في وقت الذكر (وصل في الشرط) وأما شرطه الذي اختلف فيه فهو الترتيب واختلفوا في وجوب ترتيب القضاء في المنسيات من الصلاة مع الصلاة الحاضرة في وقت الذكر وترتيب المنسيات بعضها مع بعض إذا كانت أكثر من واحدة فذهب قوم إلى أن الترتيب واجب فيها في الخمس صلوات فما دونها وأنه يبدأ بالمنسيات وإن فات وقت الحاضرة حتى لو ذكرها وهو في نفس الصلاة الحاضرة فسدت عليه الصلاة التي هو فيها مع الذكرى وقال بعضهم بمثل هذا القول إلا أنهم رأوا وجوب الترتيب مع اتساع وقت الحاضرة واتفق هؤلاء على سقوط وجوب الترتيب مع النسيان وقال آخر لا يجب الترتيب ولكن إن كان في وقت الحاضرة اتساع فالترتيب حسن (وصل الاعتبار في هذا الشرط) الحكم عند المحققين للوقت لا لغيره وذكر المنسي له الوقت فالحكم له ولا اتساع للوقت عندنا فإنه زمن فرد وإنما الاتساع في بعض الأوقات المشروعة للأحكام واتساع الأوقات عند العارفين إنما هو مثلا من كونها صلاة أو هيأة مخصوصة في عبادة فتلك الهيئة وذلك الاسم يصحبها دائما في وقتها وفي تكرار تلك الصورة
(٤٧٩)