والنائب والسادن والجابر فهؤلاء الأملاك من الولاة هم الذين يرسلون عليهم العذاب بإذن الله تعالى ومالك هو الخازن وأما بقية الولاة مع هؤلاء الذين ذكرناهم وهم الحائر والسائق والماتح والعادل والدائم والحافظ فإن جميعهم يكونون مع أهل الجنان وخازن الجنان رضوان وإمدادهم إلى أهل النار مثل إمدادهم إلى أهل الجنة فإنهم يمدونهم بحقائقهم وحقائقهم لا تختلف فيقبل كل طائفة من أهل الدارين منهم بحسب ما تعطيهم نشأتهم فيقع العذاب بما به يقع النعيم من أجل المحل كما قلنا في المبرود إنه يتنعم بحر الشمس والمحرور يتعذب بحر الشمس فنفس ما وقع به النعيم به عينه وقع به الألم عند الآخر فالله ينشئنا نشأة النعماء كما قال تعالى في حق الأبرار تعرف في وجوههم نضرة النعيم أي هم في خلقهم على هذه الصفة ونشأة أهل النار تخالف نشأة أهل الجنان فإن نشأة الجنة إنما هو من الحق سبحانه على أيدي الولاة خاصة ونشأة أهل النار على أيدي الولاة والحجاب والنقباء والسدية على كثرتهم فإنه لا يحصي عددهم إلا الله ولكل ملك منهم في هذه النشأة الدنياوية ونشأة النار ونشأة أهلها حكم سخره الله في ذلك فهم كالفعلة في المملكة وإنشاء الدار المبنية وسيأتي إن شاء الله ذكر الجنة وما فيها والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب الثاني والستون في مراتب أهل النار) مراتب النار بالأعمال تمتاز * وليس فيها اختصاصات وإنجاز بوزن أفعال قد جاء العذاب له * بشرى وإن عذبوا فيها بما حازوا لا يخرجون من النار ولو خرجوا * تعذبوا فلهم ذل وإعزاز فذلهم كونهم في النار ما برحوا * وعزهم ما لهم حد إذا جازوا في قولنا إن تأملتم لذي نظر * محقق في علوم الوهب إعجاز فيه اختصار بديع لفظه حسن * فيه لطائف آيات وإيجاز قال الجليل لأهل الحق بينهمو * يا أيها المجرمون اليوم فامتازوا مثل الملوك تراهم في نعيمهم * ولبسهم عند أهل الكشف أخزاز ومن جسومهم في النار تحسبهم * كأنهم مثل ما قد قال إعجاز قولنا بوزن أفعال أريد قوله تعالى لابثين فيها أحقابا وهو من أوزان جمع القلة فإن أوزان جمع القلة أربعة افعل مثل أكلب وأفعال مثل أحقاب وفعلة مثل فتية وأفعلة مثل أحمرة وجمع ذلك بعض الأدباء في بيت من الشعر فقال بأفعل وبأفعال وأفعلة * وفعلة يجمع الأدنى من العدد يقول الله تعالى من كرمه لإبليس وعموم رحمته حين قال له أرأيتك هذا الذي كرمت علي لأحتنكن ذريته إلا قليلا قال اذهب فمن اتبعك منهم فإن جهنم جزاؤكم جزاء موفورا واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم فما جاء إبليس إلا بأمر الله تعالى فهو أمر إلهي يتضمن وعيدا وتهديدا وكان ابتلاء شديدا في حقنا ليريه تعالى أن في ذريته من ليس لإبليس عليه سلطان ولا قوة ثم إن الذي خذلهم الله من العباد جعلهم طائفتين طائفة لا تضرهم الذنوب التي وقعت منهم وهو قوله والله يعدكم مغفرة منه وفضلا فلا تمسهم النار بما تاب الله عليهم واستغفار الملأ الأعلى لهم ودعائه لهذه الطائفة وطائفة أخرى أخذهم الله بذنوبهم والذين أخذهم الله بذنوبهم قسمهم بقسمين قسم أخرجهم الله من النار بشفاعة الشافعين وهم أهل الكبائر من المؤمنين وبالعناية الإلهية وهم أهل التوحيد بالنظر العقلي وقسم آخر أبقاهم الله في النار وهذا القسم هم أهل النار الذين هم أهلها وهم المجرمون خاصة الذين يقول الله فيهم وامتازوا اليوم أيها المجرمون أي المستحقون بأن يكونوا أهلا لسكنى هذه الدار التي هي جهنم يعمرونها ممن يخرج منها إلى الدار الآخرة التي هي الجنة وهؤلاء المجرمون أربع طوائف كلها في النار لا يخرجون منها وهم المتكبرون على الله كفرعون وأمثاله ممن ادعى الربوبية لنفسه ونفاها عن الله فقال يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري وقال أنا ربكم الأعلى يريد أنه ما في السماء إله غيري وكذلك نمرود وغيره والطائفة الثانية المشركون وهم الذين يجعلون مع
(٣٠١)