فلحقه الشيخ ومسكه وقال له يا ولدي لا تصحب من يريد أن يراك معصوما في مثل هذا الوقت يحتاج إلى الشيخ فأزال ما كان أصابه من الخجل ورجع إلى خدمته فإذا كان المريد بمنزلة صاحبة الطلاق الرجعي فما خرجت عن حكمه كان اعتباره كما ذكرناه فيما تقدم في الموضع الذي يغسل فيه الناقص الكامل (وصل في فصل حكم الغاسل) قال قوم يجب الغسل على من غسل ميتا وقال قوم لا يجب على من غسل ميتا غسل (الاعتبار) العالم إذا علم غيره وطهره من الجهل بما حصل له من العلم فلا يخلو إما أن علمه بربه أي وهو حاضر مع الله إن الله هو المعلم مثل قوله الرحمن علم القرآن فلا غسل عليه فإن الله هو الغاسل لذلك الجاهل من جهله بما علمه الله على لسان هذا الشيخ وإن كان الغاسل علمه بنفسه وغاب في حال تعليمه عن شهود ربه أنه معلمه على لسانه في ذلك الوقت وجب عليه الغسل من تلك الغفلة التي حالت بينه وبين الحضور مع ربه في ذلك التعليم (وصل في فصل صفات الغسل) فمن ذلك هل ينزع عن الميت قميصه عند الغسل أم لا فمن قائل تنزع ثيابه وتستر عورته وقال بعضهم يغسل في قميصه (الاعتبار) صاحب الشبهة أو الشهوة الغالبة الطبيعية وإن كانت مباحة إذا اتصف صاحبها بالموت تشبيها فإن الغاسل له إن كان قادرا على أن يظهر له الحق من نفس شبهته وشهوته فهو كمن غسل الميت في قميصه ولم ينزعه عنه وإن لم يقدر على تطهيره إلا بإزالة تلك الشبهة لقصوره كان كمن نزع ثياب الميت وحينئذ غسله (وصل في فصل وضوء الميت في غسله) فذهب قوم إلى أن الميت يوضأ وذهب قوم إلى أنه لا يوضأ وقال قوم إن وضئ فحسن (الاعتبار) الوضوء في الغسل طهر خاص في طهر عام إذا كانت المسألة تطلب بعض عالم الشخص كزلة تقع من جوارحه فإنه يغسل تلك الجوارح الخاصة بما تستحقه من الطهارة كالعين والأذن واليد والرجل واللسان والايمان هو الغسل العام فيجمع بين طهارة الجوارح على الخصوص وبين الايمان لا بد من ذلك فإن الغسل غير مختلف فيه والوضوء مختلف فيه والجمع بين عبادتين إذا وجد السبيل إليهما أولى من الانفراد بالأعم منهما (فصل في التوقيت في الغسل) فمن العلماء من أوجبه ومنهم من لم يوجبه فاعلم ذلك (الاعتبار) بأي شئ وقع التطهير من هذه الشبهة كان من غير تعيين ولا توقيت ما تقع به ومن قال بوجوب التوقيت قال نحن مأمورون بالتخلق بأخلاق الله والله يقول وكل شئ عنده بمقدار وهو التوقيت وما ننزله إلا بقدر معلوم ولكن ينزل بقدر ما يشاء وقال صلى الله عليه وسلم فيمن زاد على ثلاث مرات في الوضوء أنه قد أساء وتعدى وظلم وجعله موقتا من واحدة إلى ثلاث وكره الإسراف في الماء في الغسل والوضوء وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل بالصاع ويتوضأ بالمد (وصل منه) والذين أوجبوا التوقيت فيه اختلفوا فمنهم من أوجب الوتر أي وتر كان ومنهم من أوجب الثلاثة فقط ومنهم من حد أقل الوتر في ذلك ولم يحد الأكثر فقال لا ينقص من الثلاث ومنهم من حد الأكثر فقال لا يتجاوز السبعة ومنهم من استحب الوتر ولم يحد فيه حدا (الاعتبار) أما الوتر في الغسل فواجب لأنه عبادة ومن شرطها الحضور مع الله فيها وهو الوتر فينبغي أن يكون الغسل وتر الحكم الحال وهو من واحد إلى سبعة فإن زاد فهو إسراف إذا وقعت به الطهارة فوتريته في الغسل بحسب ما يخطر له في حال الغسل وهي سبع صفات أمهات فيها وقع الكلام بين أهل النظر في الإلهيات وهي الحياة والعلم والقدرة والإرادة والكلام والسمع والبصر والعبد قد وصف بهذه الصفات كلها وقد ورد أن الحق قال في المتقرب بالنوافل إن الله يكون سمعه وبصره وغير ذلك فقد تبدلت نسبة هذه الصفات المخلوقة للعبد بالحق فبالله يسمع وبه يبصر وبه يعلم وبه يقدر وبه يكون حيا وبه يريد وبه يتكلم فقد
(٥٢٥)