على الإطلاق ومن العلم برجوع النسب أو الصفات إلى عين وحدة فاعلم ذلك (وصل في فصل فيمن تجب عليه الجمعة) اتفق العلماء على أنها تجب على من تجب عليه الصلوات المفروضة ثم زادوا أربعة شروط اثنان متفق عليهما واثنان مختلف فيهما فالمتفق عليهما الذكورة والصحة وأنها لا تجب على المرأة والمريض والاثنان المختلف فيهما المسافر والعبد فمن قائل إن الجمعة تجب على المسافر وبه أقول وتجب على العبد فللعبد أن يتأهب فإن منعه سيده فيكون السيد من الذين يصدون عن سبيل الله ومن قائل إنه لا تجب عليهما وقد ورد خبر متكلم فيه إن الجمعة واجبة إلا على أربعة عبد مملوك أو امرأة أو صبي أو مريض وفي رواية أخرى إلا خمسة وذكر المسافر (وصل في اعتبار ذلك) لما كان من شرطها ما زاد على الواحد وأنها لا تصح بوجود الواحد فاعلم إن العقل قد علم إن لله أحدية ذاتية لا نسبة بينها وبين طلب الممكنات وقد ذكرناها والعاقل يعلمها فمن المحال أن يعقل العقل وجود العالم من هذه الأحدية فوجب عليه بصلاة الجمعة أن يرجع إلى النظر فيما يطلبه الممكن من وجود من له هذه الأحدية فنظر فيه من كونه إلها يطلب المألوه فهذه معرفة أخرى لا تصح إلا بالجماعة وهو تركيب الأدلة وترتيبها فوجبت صلاة الجمعة على العقل الموصوف به العاقل ولما كانت المرأة ناقصة عقل ودين فالعقل الذي نقص منها هو عقل هذه الأحدية الذاتية فوجبت الجمعة على الرجل وهو الجمع بين العلم بتلك لاحدية وبين العلم بكونه إلها ونقص عقل المرأة عن علم تلك الأحدية فلم يجب عليها أن تجمع بينها وبين العلم بالله من كونه إلها وأما العبد الذي يسقط عنه وجوب الجمعة عند من يقول به وهو العبد المستحضر لجبر الله له في اختياره فإن الحقيقة تعطي أن العبد مجبور في اختياره فلما لم يتمكن له أن يجمع بين الحرية والعبودة لم تجب عليه الجمعة وكل من ذكرناه ونذكر أنه لا تجب عليه الجمعة أنه إذا حضرها صلاها كذلك إذا حضرت مواطن الاعتبارات المانعة للمذكورين من الوجوب أنها لا تجب عليه فإن فنى عنها بحال يخالفها وجبت الجمعة أي وجب عليه علم ما لم يكن يجب عليه علمه كمريم وآسية اللتين حصل لهما درجة الكمال فتعين عليهما علم الأحدية الذاتية وعلم الأحدية الإلهية التي هي أحدية الكثرة وأما المريض وهو الذي لا يقول بالأسباب ولا يعلم حكمتها فلم يحصل له مقام الصحة حيث فإنه من العلم بالله قدر ما تعطيه حكم لأسباب ومن لم يعط حاله هذا العلم ويقدح في تجريده ويخاف عليه لم يجب عليه أن يجمع بين لعلم بحكم الأسباب وبين العلم بتجريد التوحيد عنها وأما المسافر فإن حاله يقتضي أن لا تجب عليه الجمعة فاته ما بين ابتداء الغاية وانتهاء الغاية فهو بين من وإلى فلا تعطي حالته أن يجمع بين من وإلى التي تطلبها لا من التي هي في إلى إلى إلى أخرى فإن إلى تلك غابت فيها من ولولا إلى الأخرى ما عرفت أن في نفس إلى الأولى من فما نهاية إلا ولها بداية ولا ينعكس فلا تجب عليه الجمعة من حيث ما هو عين من الأولى والذي نقول بوجوبها عليه إنما هو مع من التي تتضمنها إلى الأولى وإلى الثانية والثالثة وكذا إلى ما لا نهاية له فلو لا المنازل في الطريق والمقامات ما عقل لمن غاية فإلى تطلب من ومن لا تطلب إلى وأما الصبي فهو المائل إلى طبيعته لا يعرف غيرها ولا يصح كونه صبيا إلا بهذه الصفة فمن المحال أن يرفع رأسه إلى معرفة حقيقته التي يصح له بالعلم بها الجمعة فلهذا اعتبرنا أن الصبي لا تجب عليه الجمعة (وصل في فصل شروط الجمعة) اتفق العلماء على أنها شروط الصلاة المفروضة المتقدمة وقد ذكرناها ما عدا الوقت والأذان فإنهم اختلفوا في ذلك وكذلك اختلفوا في الشروط المختصة بها وسأذكرها (وصل في فصل الوقت) فمن قائل إن وقتها وقت الزوال يعني وقت صلاة الظهر ومن قائل إن وقتها قبل الزوال وأنا أقول بالتخيير بين الوقتين (وصل الاعتبار في ذلك) قال تعالى ألم تر إلى ربك كيف مد الظل ثم قال ثم جعلنا الشمس عليه دليلا فأمرنا بالنظر إليه والنظر إليه معرفته ولكن من حيث إنه مد الظل وهو إظهاره وجود عينك فما نظرت إليه من حيث أحدية ذاته في هذا المقام وإنما نظرت إليه من حيث أحدية فعله في إيجادك في الدلالة وهو صلاة الجمعة فإنها لا تجوز للمنفرد فإن
(٤٥٨)