الحق غير أنه في الحق ظاهر لأنه بذاته أزلي لا أول له ولا مفتتح لوجوده في ذاته بلا ريب ولا شك ولبعض المحققين كلام في الإنسان الأزلي فنسب الإنسان إلى الأزل فالإنسان خفي فيه الأزل فجهل لأن الأزل ليس ظاهرا في ذاته وإنما صح فيه الأزل لوجه ما من وجوه وجوده منها أن الموجود يطلق عليه الوجود في أربع مراتب وجود في الذهن ووجود في العين ووجود في اللفظ ووجود في الرقم وسيأتي ذكر هذا في هذا الكتاب إن شاء الله فمن جهة وجوده على صورته التي وجد عليها في عينه في العلم القديم الأزلي المتعلق به في حال ثبوته فهو موجود أزلا أيضا كأنه بعناية العلم المتعلق به كالتحيز للعرض بسبب قيامه بالجوهر فصار متحيزا بالتبعية فلهذا خفي فيه الأزل ولحقائقه أيضا الأزلية المجردة عن الصورة المعينة المعقولة التي تقبل القدم والحدوث على حسب ما شرحنا ذلك في كتاب إنشاء الدوائر والجداول فانظره هناك تجده مستوفى وسنذكر منه طرفا في هذا الكتاب في بعض الأبواب إذا مست الحاجة إليه وظهور ما ذكرناه من سر الأزل في النون هو في الصاد والضاد أتم وأمكن لوجود كمال الدائرة وكذلك ترجع حقائق الألف والزاي واللام التي للحق إلى حقائق النون والصاد والضاد التي للعبد ويرجع الحق يتصف هنا بالأسرار التي منعنا عن كشفها في الكتب ولكن يظهرها العارف بين أهلها في علمه ومشربه أو مسلم في أكمل درجات التسليم وهي حرام على غير هذين الصنفين فتحقق ما ذكرناه وتبينه يبدو لك من العجائب التي تبهر العقول حسن جمالها وبقي للملائكة باقي حروف المعجم وهي ثمانية عشر حرفا وهي الباء والجيم والدال والهاء والواو والحاء والطاء والياء والكاف والميم والفاء والقاف والراء والتاء والثاء والخاء والذال والظاء فقلنا الحضرة الإنسانية كالحضرة الإلهية لا بل هي عينها على ثلاث مراتب ملك وملكوت وجبروت وكل واحدة من هذه المراتب تنقسم إلى ثلاث فهي تسعة في العدد فتأخذ ثلاثة الشهادة فتضربها في الستة المجموعة من الحضرة الإلهية والإنسانية أو في الستة الأيام المقدرة التي فيها أوجدت الثلاثة الحقية الثلاثة الخلقية يخرج لك ثمانية عشر وهو وجود الملك وكذلك تعمل في الحق بهذه المثابة فالحق له تسعة أفلاك للالقاء والإنسان له تسعة أفلاك للتلقي فتمتد من كل حقيقة من التسعة الحقية رقائق إلى التسعة الخلقية وتنعطف من التسعة الخلقية رقائق على التسعة الحقية فحيثما اجتمعت كان الملك ذلك الاجتماع وحدث هناك فذلك الأمر الزائد الذي حدث هو الملك فإن أراد أن يميل بكله نحو التسعة الواحدة جذبته الأخرى فهو يتردد ما بينهما جبريل ينزل من حضرة الحق على النبي ع وإن حقيقة الملك لا يصح فيها الميل فإنه منشأ الاعتدال بين التسعتين والميل انحراف ولا انحراف عنده ولكنه يتردد بين الحركة المنكوسة والمستقيمة وهو عين الرقيقة فإن جاءه وهو فاقد فالحركة منكوسة ذاتية وعرضية وإن جاءه وإن جاء وهو واجد فالحركة مستقيمة عرضية لا ذاتية وإن رجع عنه وهو فاقد فالحركة ذاتية وعرضية وإن رجع عنه وهو واجد فالحركة منكوسة عرضية لا ذاتية وقد تكون الحركة من العارف مستقيمة أبدا ومن العابد منكوسة أبدا وسيأتي الكلام عليها في داخل الكتاب وانحصارها في ثلاث منكوسة وأفقية ومستقيمة إن شاء الله فهذه نكت غيبية عجيبة ثم أرجع وأقول إن التسعة هي سبعة وذلك أن عالم الشهادة هو في نفسه برزخ فذلك فذلك واحد وله ظاهر فذلك اثنان وله باطن فذلك ثلاثة ثم عالم الجبروت برزخ في نفسه فذلك واحد وهو الرابع ثم له ظاهر وهو باطن عالم الشهادة ثم له باطن وهو الخامس ثم بعد ذلك عالم الملكوت هو في نفسه برزخ وهو السادس ثم له ظاهر وهو باطن عالم الجبروت وله باطن وهو السابع وما ثم غير هذا وهذه صورة السبعية والتسعية فتأخذ الثلاثة وتضربها في السبعة فيكون الخارج أحدا وعشرين فتخرج الثلاثة الإنسانية فتبقى ثمانية عشر وهو مقام الملك وهي الأفلاك التي منها يتلقى الإنسان الموارد وكذلك تفعل بالثلاثة الحقية تضربها أيضا في السبعة فتكون عند ذلك الأفلاك التي منها يلقى الحق على عبده ما يشاء من الواردات فإن أخذناها من جانب الحق قلنا أفلاك الإلقاء وإن أخذناها من جانب الإنسان قلنا أفلاك التلقي وإن أخذناها منهما معا جعلنا تسعة الحق للالقاء والأخرى للتلقي وباجتماعهما حدث الملك ولهذا أوجد الحق تسعة أفلاك السماوات السبع والكرسي والعرش وإن شئت قلت فلك الكواكب والفلك الأطلس وهو الصحيح (تتميم) منعنا في أول هذا الفصل أن يكون للحرارة والرطوبة فلك ولم نذكر السبب فلنذكر منه طرفا
(٥٤)