صونهم فمن منازل صونهم أداء الفرائض في الجماعات والدخول مع الناس في كل بلد بزي ذلك البلد ولا يوطن مكانا في المسجد وتختلف أماكنه في المسجد الذي تقام فيه الجمعة حتى تضيع عينه في غمار الناس وإذا كلم الناس فيكلمهم ويرى الحق رقيبا عليه في كلامه وإذا سمع كلام الناس سمع كذلك ويقلل من مجالسة الناس إلا من جيرانه حتى لا يشعر به ويقضي حاجة الصغير والأرملة ويلاعب أولاده وأهله بما يرضي الله تعالى ويمزح ولا يقول إلا حقا وإن عرف في موضع انتقل عنه إلى غيره فإن لم يتمكن له الانتقال استقضى من يعرفه وألح عليهم في حوائج الناس حتى يرغبوا عنه وإن كان عنده مقام التحول في الصور تحول كما كان للروحاني التشكل في صور بني آدم فلا يعرف أنه ملك وكذلك كان قضيب ألبان وهذا كله ما لم يرد الحق إظهاره ولا شهرته من حيث لا يشعر ثم إن هذه الطائفة إنما نالوا هذه المرتبة عند الله لأنهم صانوا قلوبهم أن يدخلها غير الله أو تتعلق بكون من الأكوان سوى الله فليس لهم جلوس إلا مع الله ولا حديث إلا مع الله فهم بالله قائمون وفي الله ناظرون وإلى الله راحلون ومنقلبون وعن الله ناطقون ومن الله آخذون وعلى الله متوكلون وعند الله قاطنون فما لهم معروف سواه ولا مشهود إلا إياه صانوا نفوسهم عن نفوسهم فلا تعرفهم نفوسهم فهم في غيابات الغيب محجوبون هم ضنائن الحق المستخلصون يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق مشي ستر وأكل حجاب فهذه حالة هذه الطائفة المذكورة في هذا الباب (تتمة شريفة) لهذا الباب قلنا ومن هذه الحضرة بعثت الرسل سلام الله عليهم أجمعين مشرعين ووجد معهم هؤلاء تابعين لهم قائمين بأمرهم من عين واحدة أخذ عنها الأنبياء والرسل ما شرعوا وأخذ عنها الأولياء ما اتبعوهم فيه فهم التابعون على بصيرة العالمون بمن اتبعوه وفيما اتبعوه وهم العارفون بمنازل الرسل ومناهج السبل من الله ومقاديرهم عند الله تعالى والله يقول الحق وهو يهدي السبيل انتهى الجزء السادس عشر والحمد لله (بسم الله الرحمن الرحيم) (الباب الرابع والعشرون) في معرفة جاءت عن العلوم الكونية وما تتضمنه من العجائب ومن حصلها من العالم ومراتب أقطابهم وأسرار الاشتراك بين شريعتين والقلوب المتعشقة بعالم الأنفاس وبالأنفاس وأصلها وإلى كم تنتهي منازلها تعجبت من ملك يعود بنا ملكا * ومن مالك أضحى لمملوكه ملكا فذلك ملك الملك إن كنت ناظما * من اللؤلؤ المنثور من علمنا سلكا فخذ عن وجود الحق علما مقدسا * ليأخذ ذاك العلم من شاءه عنكا فإن كنت مثلي في العلوم فقد ترى * بأن الذي في كونه نسخة منكا فهل في العلى شئ يقاوم أمركم * وقد فتكت أسيافكم في الورى فتكا فلو كنت تدري يا حبيبي وجوده * ومن أنت كنت السيد العلم الملكا وكان إله الخلق يأتيك ضعف ما * أتيت إليه إن تحققته ملكا اعلم أيدك الله أن الله يقول ادعوني أستجب لكم فإذا علمت هذا علمت إن الله رب كل شئ ومليكة فكل ما سوى الله تعالى مربوب لهذا الرب وملك لهذا الملك الحق سبحانه ولا معنى لكون العالم ملك الله تعالى إلا تصرفه فيه على ما يشاء من غير تحجير وأنه محل تأثير الملك سيده جل علاه فتنوع الحالات التي هو العالم عليها هو تصرف الحق فيه على حكم ما يريده ثم إنه لما رأينا الله تعالى يقول كتب ربكم على نفسه الرحمة فأشرك نفسه مع عبده في الوجوب عليه وإن كان هو الذي أوجب على نفسه ما أوجب فكلامه صدق ووعده حق كما يوجب الإنسان بالنذر على نفسه ابتداء ما لم يوجبه الحق عليه فأوجب الله عليه الوفاء بنذره الذي أوجبه على نفسه فأمره بالوفاء بنذره ثم رأيناه تعالى لا يستجيب إلا بعد دعاء العبد إياه كما شرع كما إن العبد لا يكون مجيبا للحق حتى يدعوه الحق إلى ما يدعوه إليه قال
(١٨٢)