بقعة خضراء فيها عين خرارة فاستحسن ذلك طبعا فخطر له لو ركع فيها ركعتين فسقط من بين الجماعة وما رجع بعد ذلك إلى تلك الحالة لأنه ما طلب العبادة لما يستحقه الحق وإنما كان الباعث لذلك الطلب الطبع في ذلك المكان لحسنه طبعا فعوقب فمن رأى هذا قال لا أجرة إلا من الله إذ العمل بذاته يطلب الأجرة ولا بد (وصل في فصل حج العبد) فمن قائل بوجوبه عليه ومن قائل لا يجب عليه حتى يعتق وبالأول أقول وإن منعه سيده مع القدرة على تركه لذلك كان السيد عندنا من الذين يصدون عن سبيل الله كان أحمد بن حنبل في حال سجنه أيام المحنة إذا سمع النداء للجمعة توضأ وخرج إلى باب السجن فإذا منعه السجان ورده قام له العذر بالمانع من أداء ما وجب عليه وهكذا العبد فإنه من جملة الناس المذكورين في الآية اعلم أن من استرقه الكون فلا يخلو إما أن استرقه بحكم مشروع كالسعي في حق الغير والسعي في شكر من أنعم عليه من المخلوقين نعمة استرقه بها فهذا عبد لا يجب عليه الحق فإنه في أداء واجب حق مشروع يطلبه به ذلك الزمان وهو عند الله عبد لغير الله عن أمر الله لأداء حق الله وإن كان استرقه غرض نفسي وهوى كياني ليس للحق المشروع فيه رائحة وجب عليه إجابة الحق فيما دعاه الله من الحج إليه في ذلك الفعل فإذا نظر إلى وجه الحق في ذلك الغرض كان ذلك عتقه فوجب الحج عليه وإن غاب عنه ذلك لغفلة لم يجب عليه وكان عاصيا لمعرفته بأن الله خاطبه بالحج مطلقا وإن كان مشهده في ذلك الوقت أنه مظهر والمخاطب بالحج الظاهر فيه وليس عينه لم يوجب الحج عليه وهذا هو العبد المخلص لله وهذه عبودة لا عتق فيها ألا ترى أن الشارع قد قال في الصبي يحج والعبد يحج قبل إن يعتق ثم يموت قبل العتق ويموت الصبي قبل البلوغ إن ذلك الحج يكتب له عن فريضته وذلك لأنه خرج بالموت عن رق الغير فعتق بالموت وحينئذ كتب له ذلك الحج بأداء واجب وإن كان فعله في غير زمان الوجوب على من يقول بذلك (وصل في فصل هذه العبادة هل هي على الفور أو على التراخي والتوسعة) فمن قائل على الفور ومن قائل على التراخي وبالفور أقول عند الاستطاعة الأسماء الإلهية على قسمين في الحكم في العالم من الأسماء من يتمادى حكمه ما شاء الله ويطول فإذا نسبته من أوله إلى آخره قلت بالتوسع والتراخي كالواجب الموسع بالزمان فكل واجب توقعه في الزمان الموسع فهو زمانه سواء أوقعته في أول الزمان أو في آخره أو فيما بينهما فإن الكل زمانه وأديت واجبا فاستصحاب حكم الاسم الإلهي على المحكوم عليه موسع كالعلم في استصحابه للمعلومات وكالمشيئة وهكذا المكلف إن شاء فعل في أول وإن شاء فعل في آخر ولا يقال هنا وإن شاء لم يفعل لأن حقيقة فعل أثر وحقيقة لم يفعل استصحاب الأصل فلا أثر فلم يكن للمشيئة هنا حكم عياني ومن الأسماء من لا يتمادى حكمه كالموجد فهو بمنزلة من هو على الفور فإذا وقع لم يبق له حكم فيه فإنه تعالى إذا أراد شيئا أن يقول له كن على الفور من غير تراخ فإن الموجد ناظر إلى تعلق الإرادة بالكون فإذا رأى حكمها قد تعلق بالتعيين أوجد على الفور مثل الاستطاعة إذا حصلت تعين الحج (وصل في فصل وجوب الحج على المرأة وهل من شرط وجوبه أن يسافر معها زوج أو ذو محرم أم لا) فقيل ليس من شرط الوجوب ذلك وقيل من شرطه وجود المحرم ومطاوعته النفس تريد الحج إلى الله وهو النظر في معرفة الله من طريق الشهود فهل يدخل المريد إلى ذلك بنفسه أو لا يدخل إلى ذلك إلا بمرشد والمرشد أحد شخصين إما عقل وافر وهو بمنزلة الزوج للمرأة وإما علم بالشرع وهو ذو المحرم فالجواب لا يخلو هذا الطالب أن يكون مرادا مجذوبا أو لا يكون فإن كان مجذوبا فالعناية الإلهية تصحبه فلا يحتاج إلى مرشد من جنسه وهو نادر وإن لم يكن مجذوبا فإنه لا بد من الدخول على يد موقف إما عقل أو شرع فإن كان طالبا المعرفة الأولى فلا بد من العقل بالوجوب الشرعي وإن طلب المعرفة الثانية فلا بد من الشرع يأخذ بيده في ذلك فبالمعرفة الأولى يثبت الشرع عنده وبالمعرفة الثانية يثبت الحق عنده ويزيل عنه من أحكام المعرفة الأولى العقلية نصفها ويثبت له نصفها فالعقل مع الشرع في هذه المسألة كملك ولى في ملكه نائبا وأيده وقواه واحتجب الملك عن رعاياه وتحكم النائب واستفحل فلما قوى
(٦٧٣)