ليقتدي بهم ويعرفون الاتباع عين الحكم الإلهي فيه فهو واجب عليهم ليبينوا للناس ما أنزل إليهم يقول الله تعالى يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس وللورثة من هذا التبليغ حظ وافر والولي محفوظ من الأمر الذي يقصد الشيطان عند إلقائه في قلب الولي ما شاء الله أن يلقي إليه فيقلب عينه بصرفه إلى الوجه الذي يرضى الله فيحصل بذلك على منزلة عظيمة عند الله ولولا حرص إبليس على المعصية ما عاد إلى هذا الولي مرة أخرى فإنه يرى ما جاء به ليبعد بذلك من الله يزيده قربا وسعادة والأنبياء معصومون أن يلقي الشيطان إليهم فهذا الفرق بين العصمة والحفظ وإنما جعلوا الحفظ للولي أيضا أدبا مع النبي فإن الشيطان ما له سبيل على قلوب بعض الأولياء من أجل العلم الذي أعطاه التجلي الإلهي لقلوبهم يقول تعالى وحفظا من كل شيطان مارد وهو أعظم الشياطين فإنه لا يلقي إلى أحد إلا ما يليق بمقامه فيأتي إلى الولي فما يلقي إليه إلا فعل الطاعات وينوعه فيها ويخرجه من طاعة إلى طاعة أعلى فلا يرى الولي فيها أثر الهذي نفسي فيبادر إلى فعلها ويقنع الشيطان المارد منه بهذا الأخذ عنه على جهالة فلو كان على بينة من ربه في ذلك لكان أولى فالشيطان لا يقدر أن يقدح في علم التجلي الإلهي بوجه من الوجوه ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حق شيطانه أعني قرينه الموكل إن الله أعانه عليه فأسلم أي انقاد إليه فلا يأمره إلا بخير بخلاف من كان عنده العلم بالله عن نظر فكري واستدلال فإن الشيطان يلقي إليه الشبهة في أدلته ليحيره ويرده إلى محل النظر ليموت على جهل بربه أو شك أو حيرة أو وقفة والولي الحاصل عنده العلم عن التجلي هو على بصيرة محفوظ من كل شبهة فإن الشيطان أعني شيطان الإنس والجن ليس له على قلب صاحب علم التجلي الإلهي سبيل في ربه وهذا لا يكون لأحد من الأولياء إلا لمن سجد قلبه فإن الشيطان لا يعتزل عن الإنسان إلا في حال سجوده في الظاهر والباطن فإن لم يسجد قلب الولي فليس بمحفوظ وهذه مسألة دقيقة عظيمة في طرق أهل الله ما تحصل إلا لأفراد يعز وجودهم وهم الذين هم على بينة من ربهم والبينة تجليه تعالى ويتلو تلك البينة شاهد من العبد معدل وهو سجود القلب فإذا اجتمعت البينة الربانية والشاهد التالي عصم القلب وحفظ ودعا صاحبه الخلق إلى الله على بصيرة وعلى هذا المقام من طرق القوم أسباب حار فيها القوم مثل قول أبي يزيد دعوت الخلق إلى الله كذا وكذا سنة ثم رجعت إليه فوجدتهم قد سبقوني وقيل له في هذا المقام أيعصي العارف فقال وكان أمر الله قدرا مقدورا وهذا غاية في الأدب حيث لم يقل نعم ولا لا وهذا من كمال حاله وعمله وأدبه رضي الله عنه وعن أمثاله (وصل في فصل صفة السجود) فمن قائل يكبر إذا خفض وإذا رفع ومن قائل لا يكبر إلا إذا كانت السجدة في الصلاة حينئذ يكبر لها في الخفض والرفع والذي أذهب إليه التكبير وإن كان لم ينقل ولا خلافه (وصل في اعتبار هذا الفصل) تكبير الحق عن السجود محمود على أي حال كان فإنه تنزيه وينبغي للعبد أن يعطي اللسان حظه من هذا السجود وليس إلا التلفظ بالتكبير كما سجد سائر أعضائه كل عضو بحقيقته (وصل في فصل الطهارة للسجود) فمن قائل لا يسجد إلا على طهارة ومن قائل يسجد وإن لم يكن طاهرا وبه أقول وعلى طهارة أولى وأفضل فإن النبي صلى الله عليه وسلم تيمم لرد السلام وقال إني كرهت إن أذكر الله إلا على طهر أو قال على طهارة (الاعتبار في هذا الفصل) طهارة القلب شرط في صحة السجود لله عز وجل من كونه ساجدا وطهارة الجوارح في وقت السجود معقولة من طريق المعنى فإنها في وقت السجود غير متصرفة في أمر آخر بخلاف القلب ولهذا إذا سجد قلب العبد لم يرفع أبدا والجوارح في حال السجود في غير الصلاة متصرفة في عبادة لم يشترط في فعلها استعمال ماء ولا تراب وإن كان على طهارة فهو أولى وأفضل وكان عبد الله بن عمر رضي الله عنه يسجد للتلاوة على غير طهارة (وصل في فصل السجود للقبلة) اختلف العلماء رضي الله عنهم في السجود للتلاوة للقبلة فمن قائل يسجد في التلاوة لأي وجهة كان وجهه والأولى
(٥١٦)