فمن قائل عند تكبيرة الإحرام فقط ومن قائل عند تكبيرة الإحرام وعند الركوع وعند الرفع من الركوع ومن قائل يرفعها عند السجود وعند الرفع من السجود وهو حديث وائل بن حجر ومن قائل إذا قام من الركعتين وهو رواية مالك بن الحويرث عن النبي صلى الله عليه وسلم وأما أنا فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في رؤيا مبشرة فأمرني أن أرفع يدي في الصلاة عند تكبيرة الإحرام وعند الركوع وعند الرفع من الركوع وأما الحد الذي ترفع إليه اليدان فمن قائل إلى المنكبين ومن قائل إلى الأذنين ومن قائل إلى الصدر ولكل قائل حديث مروي أثبتها إلى المنكبين وحديث الأذنين أثبت من حديث الصدر والذي أذهب إليه في هذه المسألة أن الأحاديث المروية في ذلك إنما هي في حكاية فعله صلى الله عليه وسلم ما روى أنه أمر بذلك وقد قال صلوا كما رأيتموني أصلي ومعلوم أن الصلاة تحوي على فرائض وسنن فلا يفهم من هذا الحديث أن أفعال الصلاة فرض جميعها لمعارضة الإجماع لهذا المفهوم فلنصلها ونرفع أيدينا في علم الشارع من غير تعيين فرض أو سنة كما أحرم علي بن أبي طالب بإحرام النبي صلى الله عليه وسلم حين لم يعلم بما أحرم وأقره على ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وما أنكر عليه فنرفع أيدينا في الصلاة على حكم الشرع فيها فنقبلها على ذلك الحكم وأما الحد فمذهبي فيه أنه بفعله يقتضي التخيير فإن الأحاديث وردت بحدود مختلفة فعلية فآية حالة فعل المصلي أجزأته فرضا كان أو سنة والأولى الرفع إلى الأذنين ولكن ينبغي أن يكون رفعهما على الصدر إلى حذو المنكبين إلى الأذنين فيجمع بين الثلاثة الأحوال وكذلك المواضع تعمها كلها عند تكبيرة الإحرام وعند الركوع وعند الرفع من الركوع وعند السجود وعند الرفع من السجود وعند القيام من الركعتين فإن ذلك لا يضره فإنه قد ورد وما ورد أن ذلك يبطل الصلاة فما ورد ما يعارض ذلك وغاية المفهوم من حديث ابن مسعود والبراء بن عازب أنه كان عليه السلام يرفع يديه عند الإحرام مرة واحدة لا يزيد عليها أي أنه رفع مرة واحدة لم يصنع ذلك مرتين عند الإحرام ويحتمل أن يريدا بقولهما لا يزيد عليها أي لا يرفعهما مرة أخرى في باقي الصلاة فما هو نص وقد ثبتت الزيادة برفعه عند الركوع وعند الرفع منه وغير ذلك والزيادة من العدل الثقة مقبولة فالأولى رفعهما في جميع المواطن التي جاءت الرواية بالرفع فيها وأما اعتبار العارف في ذلك فإن رفع الأيدي يؤذن بأن الذي حصل فيها قد سقط عند رفعها فكان الحق يقول له معلما إذا وقفت بين يدي فقف فقيرا محتاجا لا تملك شيئا وكل شئ ملكتك إياه فارم به وقف صفر اليدين واجعله خلف ظهرك فإني في قبلتك ولهذا يستقبل بكفيه قبلته قائمة ليعلم أنه صفر اليدين مما كان فيهما ثم إنه إذا حطهما رجعت بطون الأكف تنظر إلى خلف وهو موضع ما رمته من يدها ثم إن الله يعطيه في كل حال من الأحوال أحوال الصلاة ما يقتضيه جزاء ذلك الفعل فإذا ملكه تركه وأعلم الحق برفع يديه أنه قد تركه في الموضع الذي ينبغي له أن يتركه وقد توجه طالبا فقيرا صفر اليدين إلى الوهب الإلهي فيعطيه أيضا فيرفع يديه وهي خالية هكذا في جميع المواطن التي علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرفع فيها يديه وقد يرفعها من باب الحول والقوة إذ كانت محل القدرة الأيدي فيرفع يديه إلى الله معترفا أن الاقتدار لك لا لي وأن يدي خالية من الاقتدار فمن رفعها إلى الصدر اعتبر كون الحق في قبلته ومن رفعها إلى الأذنين اعتبر كون الحق فوقه من قوله وهو القاهر فوق عباده في كل خفض ورفع يفعل ذلك يقول بذلك الرفع من يديه أن لا حول لي ولا قوة في كل خفض ورفع وأن القوة لك لا إله إلا أنت انتهى الجزء التاسع والثلاثون (فصل بل وصل في الركوع وفي الاعتدال من الركوع) اختلف العلماء في الركوع وفي الاعتدال من الركوع فمن قائل إنه غير واجب ومن قائل بوجوبه (الاعتبار) في ذلك الخضوع واجب في كل حال إلى الله تعالى باطنا وظاهرا فإذا اتفق أن يقام العبد في موطن يكون الأولى فيه ظهور عزة الايمان وجبروته وعظمته لعز المؤمن وعظمته وجبروته فيظهر في المؤمن من الأنفة والجبروت ما يناقض الخضوع ففي ذلك الموطن لا يكون الخضوع واجبا بل ربما الأولى إظهار صفة ما يقتضيه ذلك الموطن قال تعالى فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك هذا موطن يجب أن تكون المعاملة فيه كما ذكر
(٤٣٧)