ما يناجيه به فلذلك ما ينبغي أن يقيد المصلي في مناجاته بصفة خاصة ولهذا قال بالتخيير في هذه المسألة من قال وكل هذه الهيئات جائزة وحسنة (فصل بل وصل في الانتهاض من وتر صلاته) ذهبت طائفة أن المصلي إذا كان في وتر من صلاته أن لا ينهض حتى يستوي قاعدا واختار آخرون أن لا يقعد وإن انتهض من سجوده نفسه (اعتبار أهل الله في ذلك) المصلي بحسب ما يدعوه الحق إليه فإن دعاه وهو في حال سجوده إلى القعود قعد ثم ينهض وإن دعاه إلى النهوض نهض فهو بحسب ما يلقى إليه في نفسه وقد تقدم الكلام في الجلوس في الصلاة قبل هذا فالتجر على ذلك الاعتبار وأما الجلوس بين السجدتين فهو ليجمع في سجوده بين السجود عن قيام والسجود عن قعود فمن السجود عن الجلوس يقف منه على أسرار نزول الحق من العرش الذي استوى عليه سبحانه بالاسم الرحمن إلى السماء الدنيا فيكون العبد في حال جلوسه بين السجدتين يناجي الرحمن من حيث إنه استوى على العرش وفي سجوده من جلوسه يناجي الحق بالاسم الرب من حيث نزوله إلى عباده في الثلث الباقي من الليل فيتجلى له من هذه الأحوال ما يكون له به مزيد علوم مما تعطيه ما تتضمنه هذه الأحوال من الذكر والدعاء والهيئات كل على حسب شربه (فصل بل وصل فيما يضع في الأرض إذا هوى إلى السجود) اختلف الناس فيما يضع المصلي في الأرض إذا هوى إلى السجود هل يضع يديه قبل ركبته أم لا فذهب طائفة إلى وضع اليدين قبل الركبتين وذهب قوم إلى وضع الركبتين قبل اليدين (اعتبار أهل الله في ذلك) اليدان محل الاقتدار والركبتان محل الاعتماد فمن اعتمد على ربه مع الاقتدار الذي يجده من نفسه كالحلم مع القدرة قال بوضع الركبتين قبل اليدين ومن رأى أن اليدين محل العطاء والكرم ورأى قوله تعالى فقدموا بين يدي نجواكم صدقات قدم اليدين على الركبتين ثم إن المعطي لا يخلو من إحدى حالتين إما أن يعطي وهو صحيح شحيح يخشى الفقر ويأمل الحياة وإما أن يعطي وهو من الثقة بالله والاعتماد على الله بحيث أن لا يخطر له الفقر والحاجة ببال لعلمه بأن الله أعلم بمصالحه فمن كانت هذه حالته قدم ركبتيه على يديه ومن كانت حركاته الشح يجاهد نفسه خشي الفقر وبذل المجهود من نفسه في العطاء قدم يديه على ركبتيه والساجد أي حال قدم من هاتين الحالتين فإن الأخرى تحصل له في سجوده ولا بد فمن اعتمد وتوكل حصل له صفة الجود والإيثار وجميع مراتب الكرم والعطاء ومن أعطى لله عن جبن وفزع أثمر له ذلك العطاء بهذه الحال التوكل والاعتماد على الله والذي رجح الشارع تقديم اليدين (فصل بل وصل في السجود على سبعة أعظم) اتفق العلماء رضي الله عنهم على أنه من سجد على الوجه واليدين والركبتين وأطراف القدمين فقد تم سجوده واختلفوا إذا سجد على وجهه ونقصه عضو من تلك الأعضاء هل تبطل صلاته أم لا فمن قائل تبطل ومن قائل لا تبطل ولم يختلفوا أن من سجد على جبهته وأنفه فقد سجد على وجهه واختلفوا فيمن سجد على جبهته دون أنفه أو على أنفه دون جبهته فمن قائل إن من سجد على جبهته دون أنفه جاز وإن سجد على أنفه دون جبهته لم يجز ومن قائل إنه يجوز أن يسجد على أنفه دون جبهته وعلى جبهته دون أنفه ومن قائل إنه لا يجوز إلا أن يسجد عليهما معا (والاعتبار في ذلك) السبع الصفات ترجع إليها جميع الأسماء الإلهية وتتضمنها وهي الحياة والعلم والإرادة والقدرة والكلام والسمع والبصر فلو نقص منها صفة أو نسبة على الاختلاف الذي بينا في كونها نسبا أو صفات فقد بطل الجميع أي لم يصح كون الحق إلها وهذا اعتبار الذي لا يجيز الصلاة إلا بالسجود على السبعة الأعضاء فإنها للحضرة الإلهية بمنزلة الأعضاء لهذا الساجد والذي يقول إن الوجه لا بد منه بالاتفاق كالحياة من هذه الصفات التي هي شرط في وجود ما بقي من الصفات السبع أو النسب على الاختلاف الذي بينا فمن عالم يقول إن السمع والبصر راجعان إلى العلم وإن العلم يغني عنهما وإنهما للعلم مرتبتان عينهما المسموع والمبصر فهما من العلم تعلق خاص قال بجواز الصلاة إذا نقص عضو ما هذه الأعضاء مع
(٤٤٠)