ذاته لا من حيث كونه إلها وكل ما عدا ذات الحق فإنه متغذ بالغذاء الذي يليق به مما يكون في استعماله بقاء ذلك المتغذي والعبادة الثانية الصلاة فإنه قال قسمت الصلاة بيني وبين عبدي بنصفين فنصفها لي ونصفها لعبدي فدل هذا الحديث على صحة ما يملكه العبد فإنه أضاف نصف الصلاة إلى نفسه تعالى وأضاف نصفها إلى عبده فهو وإن كان عبده فهو مالك لما أضافه الله إليه فهو بالنظر إلى ما أضافه إليه في الصلاة غير مملوك فقال بفسخ البيع ومعنى فسخ البيع أنه لا يضيف إلى الله في هذه الحالة ما هو مضاف إليه فإن في ذلك منازعة الحق حيث أضاف أمرا إليك فرددته أنت عليه وهذا سوء أدب فأي مصل رد على الله هذا النصف الثاني الذي أضافه إلى العبد وملكه إياه في حال الصلاة فهو بيع مفسوخ ولهذا قال تعالى في هذا الحال وذروا البيع يقول مرادي منكم في هذه الحال أن يكون نصف الصلاة لكم فالموفق هو الذي يتأدب مع الله في كل حال (وصل بل فصل في آداب الجمعة) اعلم أن آداب الجمعة ثلاثة وهو الطيب والسواك والزينة وهو اللباس الحسن ولا خلاف فيه بين أحد من العلماء (وصل الاعتبار في ذلك) أما الطيب فهو علم الأنفاس الرحمانية وهو كل ما يرد من الحق مما تطيب به المعاملة بين الله وبين عبده في الحال والقول والفعل وأما السواك فهو كل شئ يتطهر به لسان القلب من الذكر القرآني وهو أتم الطهارة وكل ما يرضي الله فإنه تنبعث ممن هذه أوصافه روائح طيبة إلهية يشمها أهل الروائح من المكاشفين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في السواك إنه مطهرة للفهم ومرضاة للرب وإن السواك يرفع الحجب بين الله وبين عبده فيشاهده فإنه يتضمن صفتين عظيمتين الطهور ورضي الله وقد أشار إلى هذا المعنى الخبر في قوله صلى الله عليه وسلم صلاة بسواك خير من سبعين صلاة بغير سواك وفي سواك إشارة للمصلين بربهم لا بأنفسهم وقد ورد أن لله سبعين حجابا فناسب بين ما ذكرته لك وبين هذه الأخبار تبصر عجائب وأما اللباس الحسن فهو التقوى قال تعالى ولباس التقوى ذلك خير أي هو خير لباس وقال خذوا زينتكم عند كل مسجد ولا تقوى أقوى من الصلاة فإن المصلي مناج مشاهد ولهذا قال استعينوا بالصبر والصلاة وقال لعبده قل وإياك نستعين فقد أقام الصبر والصلاة مقام نفسه في المعونة فكل مصل يتحدث في صلاته مع غير الله في قلبه فما هو المصلي الذي يناجي ربه ولا يشاهده فإن حال المناجاة والشهود لا يجرأ أحد من المخلوقات يقرب من عبد تكون حالته هذه خوفا من الله وهذا المصلي قليل فهو مصل بصورته الظاهرة من قيام وركوع وسجود غير مصل بباطنه الذي هو المطلوب منه ولكن نرجو في هذا الموطن أن يشفع ظاهره في باطنه كما يشفع في بعض الأحوال باطنه في ظاهره وسبب ذلك أن الحركات الظاهرة إن لم يكن لها في الباطن حضور تثبت به وتظهر عنها وإلا فما تكون ولا يظهر لها وجود فذلك القدر من الحضور المرعى شرعا هو من الباطن فيتأيد مع الفعل الظاهر فيقوي على ما يقع للمصلي من الوسوسة في الصلاة فلا يكون لها تأثير في نقص نشأة الصلاة عناية من الله إن الله بالناس لرءوف رحيم ولما كان اللباس الحسن من الزينة التي أمر بها العبد في الصلاة لم يكن أحسن زينة يلبسها العبد في مناجاة ربه من زينته بالعبودية والزينة الأخرى الزينة بربه في قوله كنت سمعه وبصره ويده ورجله ولسانه فأثبت العبد بالضمير وزينة به تعالى في عباداته كلها انتهى الجزء الثاني والأربعون (وصول بل فصول صلاة السفر والجمع والقصر) السفر يؤثر في الصلاة القصر بإنفاق وفي الجمع باختلاف أما القصر فإن العلماء اتفقوا على جواز قصر الصلاة للمسافر إلا عائشة فإنها قالت لا يجوز القصر إلا للخائف لقوله عز وجل إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا وقالوا إن النبي صلى الله عليه وسلم إنما قصر لأنه كان خائفا واختلفوا من ذلك في خمسة مواضع أنا أذكرها إن شاء الله (وصل الاعتبار في ذلك) قد بينا لك في هذا الباب أن السفر حال لازم لكل ما سوى الله في الحقائق الإلهية بل لكل من يتصف بالوجود وهو سفر الأكابر من الرجال تخلقا بقوله تعالى يسأله من في السماوات والأرض كل يوم هو في شأن وحديث النزول إلى السماء الدنيا كل ليلة في الثلث الباقي من الليل وهو الإدلاج عند العرب بتشديد الدال فسفر الأكابر من الرجال بالعلم والتحقق
(٤٦٨)