الطائفين بالعرش المحيط أولى فإنكم الطائفون بقلب وجود العالم فأنتم بمنزلة أسرار العلماء وهم الطائفون بجسم العالم فهم بمنزلة الماء والهواء فكيف تكونون سواء وما وسعني سواكم وما تجليت في صورة كمال إلا في معناكم فاعرفوا قدر ما وهبتكموه من الشرف العالي وبعد هذا فإنا الكبير المتعالي لا يحدني الحد ولا يعرفني السيد ولا العبد تقدست الألوهة فتنزهت أن تدرك وفي منزلتها أن تشرك أنت الأنا وأنا فلا تطلبني فيك فتعنى ولا من خارج فما تتهنى ولا تترك طلبي فتشقى فاطلبني حتى تلقاني فترقى ولكن تأدب في طلبك واحضر عند شروعك في مذهبك وميز بيني وبينك فإنك لا تشهدني وإنما تشهد عينك فقف في صفة الاشتراك وإلا فكن عبدا وقل العجز عن درك الإدراك إدراك تلحق في ذلك عتيقا وتكن المكرم الصديقا ثم قال لي اخرج عن حضرتي فمثلك لا يصلح لخدمتي فخرجت طريدا فضج الحاضر فقال ذرني ومن خلقت وحيدا ثم قال ردوه فرددت وبين يديه من ساعتي وجدت وكأني ما زلت عن بساط شهوده وما برحت من حضرة وجوده فقال كيف يدخل علي في حضرتي من لا يصلح لخدمتي لو لم تكن عندك الحرمة التي توجب الخدمة ما قبلتك الحضرة ولرمت بك في أول نظره وها أنت فيها وقد رأيت من برهانك وتخفيها ما يزيدك احتراما وعند تجليها احتشاما ثم قال لم لم تسألني حين أمرت بإخراجك وردك على معراجك وأعرفك صاحب حجة ولسان ما أسرع ما نسيت أيها الإنسان فقلت بهرني عظيم مشاهدة ذاتك وسقط في يدي لقبضك يمين البيعة في تجلياتك وبقيت أردد النظر ما الذي طرأ في الغيب من الخبر فلو التفت في ذلك الوقت إلي لعلمت أن مني أتى علي ولكن الحضرة تعطي أن لا يشهد سواها وأن لا ينظر إلى محيا غير محياها فقال صدقت يا محمد فأثبت في المقام الأوحد وإياك والعدد فإن فيه هلاك الأبد ثم اتفقت مخاطبات وأخبار أذكرها في باب الحج ومكة مع جملة أسرار (وصل) فقال النجي الوفي يا أكرم ولي وصفي ما ذكرت لي أمرا إلا أنا به عالم وهو بذاتي مسطر قائم قلت لقد شوقتني إلى التطلع إليك منك حتى أخبر عنك فقال نعم أيها الغريب الوارد والطالب القاصد أدخل معي كعبة الحجر فهو البيت المتعالي عن الحجاب والستر وهو مدخل العارفين وفيه راحة الطائفين فدخلت معه بيت الحجر في الحال وألقى يده على صدري وقال أنا السابع في مرتبة الإحاطة بالكون وبأسرار وجود العين والأين أوجدني الحق قطعة نور حوائي ساذجة وجعلني للكليات ممازجة فبينا أنا متطلع لما يلقى لدي أو ينزل علي وإذا بالعلم القلمي الأعلى قد نزل بذاتي من منازله العلى راكبا على جواد قائم على ثلاث قوائم فنكس رأسه إلى ذاتي فانتشرت الأنوار والظلمات ونفث في روعي جميع الكائنات ففتق أرضي وسمائي وأطلعني على جميع أسمائي فعرفت نفسي وغيري وميزت بين شري وخيري وفصلت ما بين خالقي وحقائقي ثم انصرف عني ذلك الملك وقال تعلم أنك حضرة الملك فتهيأت للنزول وورود الرسول فتجارت الأملاك إلي ودارت الأفلاك علي والكل ليميني مقبلون وعلى حضرتي مقبلون وما رأيت ملكا نزل ولا ملكا عن الوقوف بين يدي انتقل ولحظت في بعض جوانبي فرأيت صورة الأزل فعلمت إن النزول محال فثبت على ذلك الحال وأعلمت بعض الخاصة ما شهدت وأطلعتهم مني على ما وجدت فإنا الروضة اليانعة والثمرة الجامعة فارفع ستوري واقرأ ما تضمنته سطوري فما وفقت عليه مني فاجعله في كتابك وخاطب به جميع أحبابك فرفعت ستوره ولحظت مسطوره فأبدى لعيني نوره المودع فيه ما يتضمنه من العلم المكنون ويحويه فأول سطر قرأته وأول سر من ذلك السطر علمته ما أذكره الآن في هذا الباب الثاني والله سبحانه يهدي إلى العلم وإلى طريق مستقيم (الباب الثاني) في معرفة مراتب الحروف والحركات من العالم وما لها من الأسماء الحسنى ومعرفة الكلمات ومعرفة العلم والعالم والمعلوم اعلم أن هذا الباب على ثلاثة فصول (الفصل الأول في معرفة الحروف) (الفصل الثاني في معرفة الحركات التي تتميز بها الكلمات) (الفصل الثالث في معرفة العلم والعالم والمعلوم) (الفصل الأول في معرفة الحروف ومراتبها والحركات وهي الحروف الصغار وما لها من الأسماء الإلهية) إن الحروف أئمة الألفاظ * شهدت بذلك ألسن الحفاظ
(٥١)