رأيك ولا يستعان بك على كل شئ. مسألة. ولا ينبغي الاكثار في ذلك بل ينبغي الاقتصار على ما يمون نفسه وعياله وجيرانه ويتصدق به قال الباقر (ع) قال رسول الله صلى الله عليه وآله في حجة الوداع ألا إن الروح الأمين نفث في روعي إنه لا تموت نفس حتى تستكمل رزقها فاتقوا الله عز وجل وأجملوا في الطلب ولا يحملنكم استبطاء شئ من الرزق أن تطلبوه بشئ من معصية الله فإن الله تعالى قسم الأرزاق بين خلقه حلالا ولم يقسمها حراما فمن اتقى الله عز وجل وصبر أتاه الله برزقه من حله ومن هتك حجاب الستر وعجل فأخذه من غير حله قصر به من رزقه الحلال وحوسب عليه يوم القيمة وقال الصادق (ع) ليكن طلبك المعيشة فوق كسب المضيع ودون طلب الحريص الراضي بدنياه المطمئن إليها ولكن اترك لنفسك من ذلك بمنزلة النصف التعفف ترفع لنفسك عن منزلة الواهن الضعيف وتكتسب ما لابد للمؤمن منه إن الذين أعطوا المال ثم لم يشكروا لا مال لهم وقال رسول الله صلى الله عليه وآله منهومان لا يشبعان منهوم دينا ومنهوم علم فمن اقتصر من الدنيا على ما أحل الله له سلم ومن تناولها من غير حلها هلك إلا أن يتوب ويرجع ومن أخذ العلم من أهله وعمل به نجا ومن أراد به الدنيا فهي حظه وقال الصادق (ع) ما أعطى الله عبدا ثلاثين ألفا وهو يريد به خيرا وقال ما جمع رجل قط عشرة ألف من حل وقد يجمعها الأقوام إذا اعطى القوت ورزق العمل فقد جمع الله له الدنيا والآخرة. مسألة. فقد ثبت من هذا إن التكسب واجب إذا احتاج إليه الانسان لقوت نفسه وقوت من تجب نفقته عليه ولا وجه له سواه وأما إذا قصد التوسعة على العيال ونفع المحاويج وإعانة من لا تجب عليه نفقته مع حصول قدر الحاجة بغيره فإنه مندوب إليه لما تقدم من الأحاديث وأما ما يقصد به الزيادة في المال لا غير مع الغناء عنه فإنه مباح وقد يكون مكروها إذا اشتمل على وجه نهى الشارع عنه نهى تنزيه كالصرف فإنه لا يسلم من الربا وبيع الأكفان فإنه يتمنى موت الاحياء والرقيق إتخاذ والذبح والنحر صنعة لما في ذلك من سلب الرحمة من القلب وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله من قسى قلبه بعد من رحمة ربه قال إسحاق بن عمار قال دخلت على الصادق (ع) فخبرته إنه ولد لي غلام فقال إلا سميته محمدا قال قد فعلت فقال لا تضرب محمدا ولا تشتمه جعله الله قرة عين لك في حيوتك وخلف صدق من بعدك قلت جعلت فداك فأي الأعمال أضعه قال إذا عدلته خمسة أشياء فضعه حيث شئت لا تسلمه صيرفيا فإن الصيرفي لا يسلم من الربا ولا تسلم بياع الأكفان فإن صاحب الأكفان يسره الوبا إذا كان ولا تسلمه بياع طعام فإنه لا يسلم من الاحتكار ولا تسلمه جزارا فإن الجزار يسلب الرحمة ولا تسلمه نخاسا فإن رسول الله صلى الله عليه وآله قال شر الناس من باع الناس وقال الكاظم (ع) جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال يا رسول الله صلى الله عليه وآله قد علمت ابني هذا الكتابة ففي أي شئ أسلمه لله أبوك ولا تسلمه في خمسة أشياء لا تسلمه قساء ولا صايفا ولا قصابا ولا حناطا ولا نخاسا قال فقلت يا رسول الله صلى الله عليه وآله ما القساء فقال الذي يبيع الأكفان ويتمنى موت أمتي ولمولود من أمتي أحب إلي مما طلعت عليه الشمس وأما الصايغ فإنه يعالج زين أمتي وأما القصاب فإنه يذبح حتى تذهب الرحمة من قلبه وأما الحناط فإنه يحتكر الطعام على أمتي ولئن يلقى الله العبد سارقا أحب إلى من أن يلقاه قد احتكر طعاما أربعين يوما وأما النخاس فإنه أتاني جبرئيل فقال يا محمد إن شر أمتك الذين يبيعون الناس. مسألة. ويكره إتخاذ الحياكة والنساجة صنعة لما فيهما من الضعة والرذالة قال الله تعالى في قصة نوح (ع) قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون وقال أمير المؤمنين (ع) للأشعث بن قيس حايك بن حايك منافق بن منافق بن كافر قيل إنه كان ينسج الابراد وقيل إن يومه كانوا كذلك وقال أبو إسماعيل الصيقل المرادي دخلت على الصادق (ع) ومعي ثوبان فقال لي يا أبا إسماعيل يجيئني من قبلكم أثواب كثيرة وليس يجيئني مثل هذين الثوبين الذي تحملهما أنت فقلت جعلت فداك تغزلهما أم إسماعيل وانسجهما أنا فقال لي حايك فقلت نعم فقال لا تكن حائكا قلت فما أكون قال كن صيقلا وكان معي مائتا دينار فاشتريت بها سيوفا ومرايا وعتقا وقدمت بها الري وبعتها بربح كثير. مسألة. يكره كسب الحجام مع الشرط قال الصادق (ع) قال رسول الله صلى الله عليه وآله إني أعطيت خالتي غلاما ونهيتها أن تجعله قصابا أو حجاما أو صايغا وسأل أبو بصير الباقر عن كسب الحجام فقال لا بأس به إذا لم يشارط إذا ثبت هذا فإن الأجرة ليست حراما للأصل وقال الباقر (ع) احتجم رسول الله صلى الله عليه وآله حجمه مولى لبنى بياضه وأعطاه ولو كان حراما ما أعطاه ولو كان حراما ما أعطاه فلما فرغ قال له رسول الله صلى الله عليه وآله أين الدم قال شربته يا رسول الله صلى الله عليه وآله فقال ما كان ينبغي لك أن تفعل وقد جعله الله عز وجل حجابا لك من النار فلا تعد. تذنيب إذا شارط كره له الكسب مع الشرط ولم يكره الشرط لمن يشارطه قال زرارة سألت الباقر (ع) عن كسب الحجام فقال مكروه له أن يشارطه ولا بأس عليك أن تشارطه وتماسكه وإنما يكره له فلا بأس عليك وقال الصادق (ع) إن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وآله عن كسب الحجام فقال لك ناضح فقال له نعم فقال أعلفه إياه ولا تأكله وهذا يدل على حكمين الكراهة حيث نهاه عن أكله وعلى الإباحة حيث أمره أن يعلف الناضح به وكذا القابلة كسبها مكروه مع الشرط ولا معه طلق. مسألة لا بأس بأجر النايحة بالحق ويكره مع الشرط ويحرم بالباطل قال حنان بن سدير كانت امرأة معنا في الحي ولها جارية نايحة فجاءت إلى أبى فقالت يا عم أنت تعلم معيشتي من الله وهذه الجارية النايحة وقد أحببت أن تسأل أبا عبد الله (ع) عن ذلك فإن كان حلالا وإلا بعتها وأكلت من ثمنها حتى يأتي الله عز وجل بالفرج فقال لها أبى إني والله لأعظم أبا عبد الله (ع) أن أسأله عن هذه المسألة قال فلما قدمنا عليه أخبرته أنا بذلك فقال أبو عبد الله (ع) أتشارط قلت والله ما أدرى أتشارط أم لا قال قل لها لا تشارط وتقبل كلما أعطيت وقال الصادق (ع) لا بأس بأجر النايحة التي تنوح على الميت. مسألة. يكره اجرة الضراب لأنه في معنى بيع عسيب الفحل ويكره إنزاء الحمير على الخيل لان النبي صلى الله عليه وآله نهى أن ينز حمار على عتيق رواه السكوني عن الصادق (ع) وفي السند ضعف وليس محرما للأصل ولما رواه هشام بن إبراهيم عن الرضا (ع) قال سألته عن الحمير تنزيها على الرمك لتنتج البغال أيحل ذلك قال نعم انزها ولا تنافى بين الروايتين لان الإمام (ع) سئل عن الحل فأجاب بثبوته وقوله أنزها على سبيل الإباحة والنهى الوارد عن النبي صلى الله عليه وآله إنما هو على سبيل التنزيه. مسألة. كسب الصبيان ومن لا يجتنب المحارم مكروه لعدم تحفظهم من المحارم وعدم الوثوق بإباحة ما حصلوه وكذا يكره الصياغة والقصابة وقد تقدم بيانه في الرواية ويكره ركوب البحر للتجارة لرواية محمد بن مسلم عن الباقر والصادق عليهما السلام إنهما كرها ركوب البحر للتجارة ولو حصل الخوف كما في وقت اضطرابه وتكاثر الأهوية المختلفة فإنه يكون حراما قال الباقر (ع) في ركوب البحر للتجارة يغرر الرجل بدينه وسأل معلى بن خنيس الصادق (ع) عن الرجل يسافر فيركب البحر فقال إن أبى كان يقول إنه يضر بدينك هوذ؟ الناس يصيبون أرزاقهم ومعايشهم. مسألة. يجوز أخذ الأجرة على تعليم الحكم والآداب والاشعار ويكره على تعليم القرآن لان أمير المؤمنين (ع) جاءه رجل فقال يا أمير المؤمنين (ع) والله إني لأحبك (لله فقال له) ولكني أبغضك لله فقال ولم قال لأنك تبغى في الاذان وتأخذ على تعليم القرآن أجرا وسمعت رسول الله (ص) يقول من أخذ على تعليم القرآن أجرا كان حظه يوم القيمة وعن إسحاق بن عمار عن الكاظم (ع) قال قلت إن لنا جارا يكتب وقد سألني أن أسأل عن عمله فقال مره إذا وقع عليه الغلام أن يقول لأهله أنى إنما اعلم الكتاب والحساب واتجر عليهم بتعليم القرآن حتى يطيب له كسبه وعن حسان المعلم قال سألت الصادق (ع) عن التعليم فقال لا تأخذ على التعليم أجرا قلت الشعر والرسايل وما أشبه ذلك أشارط عليه قال نعم بعد أن يكون الصبيان عندك سواء في التعليم لا تفضل بعضهم على بعض وسأل الفضل بن أبي قرة الصادق (ع) إن هؤلاء يقولون إن كسب المعلم سحت فقال كذبوا أعداء الله إنما أرادوا أن لا يعلموا القرآن ولو أن المعلم أعطاه رجل دية ولده كان للمعلم مباح قال الشيخ (ره) لا تنافى بين هذين الخبرين لان الخبر الأول محمول على أنه لا يجوز له أن يشارط في تعليم القرآن أجرا معلوما والثاني على
(٥٨١)