لو رآه بصيرا ثم اشتراه قبل مضى زمن يتغير فيه صح ولو باع سلما أو أسلم فإن عمى بعد ما بلغ سن التمييز صح لان الاعتماد في السلم على الأوصاف وهو يعرفها ثم يوكل من يقبض ولا يصح قبضه بنفسه على أصح قوليه لأنه لا يميز بين المستحق وغيره وإن عمى قبل سن التمييز أو كان أكمه فوجهان عنده عدم الصحة لعدم معرفته بالألوان و أظهرهما جواز لأنه يتخيل فرقا بين الألوان ويعرف أحوالها بالسماع ومنع المزني من تسليمه وقال عبيد الله بن الحسن يجوز شراؤه وإذا أمر إنسانا بالنظر إليه لزمه. الفصل الرابع. العوضان ويشترط فيهما أمور الأول الطهارة. مسألة. يشترط في المعقود عليه الطهارة الأصلية فلا تضر النجاسة العارضة مع قبول التطهير ولو باع نجس العين كالخمر والميتة والخنزير لم يصح إجماعا لقوله تعالى " فاجتنبوه حرمت عليكم الميتة " والأعيان لا يصح تحريمها وأقرب مجاز إليها جميع وجوه الانتفاع وأعظمها البيع فكان حراما ولقول جابر سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وهو بمكة يقول إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام وما عرضت له النجاسة إن قبل التطهير صح بيعه ويجب اعلام المشترى بحاله وإن لم يقبله كان كنجس العين. مسألة. كما لا يجوز للمسلمين مباشرة بيع الخمر فكذا لا يجوز أن يوكل فيه ذميا وبه قال الشافعي ومالك واحمد وأكثر أهل العلم وقال أبو حنيفة يجوز للمسلم أن يوكل ذميا في بيعها وشرائها وهو خطأ لما تقدم ولأنه نجس العين فيحرم فيه التوكيل كالخنزير. مسألة. الكلب إن كان عقورا حرم بيعه عند علمائنا وبه قال الحسن وربيعة وحماد والأوزاعي والشافعي وداود واحمد وعن أبي حنيفة روايتان وبعض أصحاب مالك منعه لان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن ثمن الكلب وقال الرضا (ع) ثمن الكلب سحت وقال الصادق (ع) ثمن الكلب الذي لا يصيد سحت أما كلب الصيد فالأقوى عندنا جواز بيعه وبه قال أبو حنيفة وبعض أصحاب مالك وجابر وعطا والنخعي لما روى عن جابر إن النبي صلى الله عليه وآله نهى عن ثمن الكلب والسنور إلا كلب الصيد وعن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله الصادق (ع) عن ثمن كلب الصيد قال لا بأس بثمنه والاخر لا يحل ثمنه ولأنه يحل الانتفاع به ويصح نقل اليد فيه والوصية به وقال الشافعي واحمد والحسن وربيعة والحماد والأوزاعي ودواد بالتحريم وهو قول لنا لأنه (ع) نهى عن ثمن الكلب وهو عام ولأنه نجس العين فأشبه الخنزير ونمنع العموم إذ ليس من صيغة والنجاسة غير مانعة كالدهن النجس والخنزير لا ينتفع به بخلافه فروع: الأول إن سوغنا بيع كلب الصيد صح بيع كلب الماشية والزرع والحايط لان المقتضى وهو النفع حاصل هنا الثاني يصح إجارة كلب الصيد وبه قال الشافعية لأنها منفعة مباحة فجازت المعاوضة عنها ومنع بعضهم والحنابلة لأنه حيوان يحرم بيعه فحرمت إجارته كالخنزير ولا يضمن منفعته في الغصب فلا يجوز أخذ العوض عنها والأصلان ممنوعان والخنزير لا منفعة فيه الثالث تصح الوصية بالكلب الذي مباح اقتناؤه وكذا هبته وبه قال بعض الشافعية وبعض الحنابلة وقال الباقون منهما لا تصح الهبة لأنها تمليك في الحياة فأشبهت البيع والحكم في الأصل ممنوع الرابع يحرم قتل ما يباح اقتناؤه من الكلاب إجماعا وعليه الضمان على ما يأتي وبه قال مالك وعطا وقال الشافعي واحمد لا غرم لأنه يحرم أحد عوضه فلا يجب غرم بإتلافه والأصل ممنوع أما الكلب العقور فيباح قتله إجماعا لقوله صلى الله عليه وآله خمس من الدواب كلهن فاسق يقتلن في الحرم العزاب والحداءة والعقرب والفأرة والكلب العقور أما الكلب الأسود فإن كان مما ينتفع به لم يبح قتله خلافا لأحمد لما تقدم وقوله (ع) الكلب الأسود شيطان لا يبيح قتله الخامس لا بأس ببيع الهر عند علمائنا وبه قال ابن عباس والحسن وابن سيرين والحكم وحماد والثوري ومالك والشافعي وإسحاق وأصحاب الرأي لقول الصادق (ع) لا بأس بثمن الهرة ولأنه ينتفع به ويحل اقتناؤه فجاز بيعه كغيره وكرهه أبو هريرة وطاوس ومجاهد وجابر بن زيد واحمد لما روى عن جابر إنه سئل عن ثمن السنور فقال زجر النبي عن ذلك وهو محمول على غير المملوك أو ما لا نفع فيه السادس يجوز اقتناء كلب الصيد والزرع والماشية والحايط دون غيره لقوله من اتخذ كلبا إلا كلب ماشية أو صيد أو زرع نقص من أجره كل يوم قيراط ولو اقتناه لحفظ البيوت فالأقرب الجواز وهو قول بعض الشافعية وبعض الحنابلة لأنه في معنى الثلاثة ومنع منه بعضهم لعموم النهى السابع يجوز تربية الحر والصغير لاحد المنافع المباحة وهو أقوى وجهي الحنابلة لأنه قصد لذلك فله حكمه كما جاز بيع العبد الصغير الذي لا نفع فيه والآخر لا يجوز لأنه ليس أحد المنتفع بها؟ الثامن لو اقتناه للصيد ثم ترك الصيد مدة لم يحرم اقتناؤه مدة تركه وكذا لو حصد الزرع أو هلكت الماشية أو خرج من البستان إلى أن يصيد أو يزرع آخر أو يشترى ثمرة أخرى التاسع لو اقتنى كلب الصيد من لا يصيد جاز وهو أحد وجهي الحنابلة لاستثنائه (ع) كلب الصيد والآخر المنع لأنه اقتناه لغير حاجة فأشبه غيره إذ معنى كلب الصيد كلب يصيد والمراد بالقوة. مسألة. لا يجوز بيع السرجين النجس إجماعا منا وبه قال مالك والشافعي واحمد للاجماع على نجاسة فيحرم بيعه كالميتة وقال أبو حنيفة يجوز لان أهل الأمصار يبايعونه لزروعهم من غير نكير فكان إجماعا ونمنع إجماع العلماء ولا عبرة بغيرهم ولأنه رجيع نجس فلم يصح بيعه كرجيع الآدمي أما غير النجس فتحمل عندي جواز بيعه. مسألة. لا يجوز بيع جلد الميتة قبل الدباغ إجماعا منا وبه قال احمد وقال أبو حنيفة يجوز أما بعد الدباغ فكذلك عندنا لأنه لا يطهر به خلافا للجمهور وقد تقدم ذلك أما عظام الميتة فيجوز بيعها ما لم يكن من نجس العين كالكلب والخنزير ولهذا جاز بيع عظام الفيل ولبن شاة الميتة حرام لا يصح بيعه وعلى قول الشيخ يجوز بيعه فروع: الأول لحم المذكى مما لا يؤكل لحمه لا يصح بيعه لعدم الانتفاع به في غير الاكل المحرم ولو فرض له نفع ما فكذلك لعدم اعتباره في نظر الشرع الثاني لا يصح بيع الترياق لأنه يحرم تناوله لاشتماله على الخمر ولحوم الحيات ولا يحل التداوي به إلا مع خوف التلف وكذا سم الأفاعي لا يحل بيعها أما السم من الحشايش فإن كان لا ينتفع به أو كان يقتل قليله لم يجز بيعه لعدم نفعه وإن أمكن التداوي بيسيره جاز بيعه الثالث الاليات المقطوعة من الشاة الميتة أو الحية لا يحل بيعها ولا الاستصباح بدهنها مطلقا أما الدهن النجس بملاقات النجاسة له فيجوز بيعه لفايدة الاستصباح به تحت المساء خاصة وللشافعي قولان أحدهما لا يجوز تطهيره فلا يصح وبه قال مالك واحمد والثاني يجوز تطهيره ففي بيعه عنده وجهان وفي جواز الاستصباح قولان والأظهر عنده جوازه ومنع بيعه و الدهن النجس بذاته كودك الميتة لا يجوز بيعه عنده قولا واحدا وفي الاستصباح وجهان ويجوز هبة الدهن النجس والصدقة به والوصية به وكذا الكلب الجايز بيعه و بعض الشافعية منع من الهبة والصدقة خاصة فروع: الأول يجوز بيع كل ما فيه منفعة لان الملك سبب لاطلاق التصرف والمنفعة المباحة كما يجوز استيفائها يجوز أخذ العوض عنها فيباح لغيره بذل ماله فيها توصلا إليها ودفعا للحاجة بها كساير ما أبيح بيعه وسواء أجمع على طهارته كالثياب والعقار وبهيمة الانعام والخيل والصيود أو مختلفا في نجاسة كالبغل والحمار وسباع البهايم وجوارح الطير الصالحة للصيد كالفهد والصقر والبازي والشاهين والعقاب والطير المقصود صوته كالهزار والبلبل وهذا هو الأقوى عندي وبه قال الشافعي واحمد وقال بعض علمائنا يحرم بيع السباع كلها إلا الهر والمسوخ برية كانت كالفرد والدب أو بحرية كالضفادع والسلاحف والطافي والجوارح كلها طايرة كانت كالبازي أو ماشية كالفهد وقال أبو بكر بن عبد العزيز وابن أبي موسى لا يجوز بيع الصقر والفهد ونحو هذا لأنها نجسة فأشبهت الكلب والنجاسة ممنوعة الثاني الفقاع عندنا نجسة إجماعا فلا يجوز بيعه ولا شراؤه لأنه كالخمر على ما تقدم خلافا للجمهور كافة وكذا النبيذ خلافا لبعض الجمهور والدم كله نجس فلا يصح بيعه وكذا ما ليس بنجس منه كدم غير ذي النفس السايلة لاستحبابه وكذا يحرم بيع أبوال وأرواث ما لا يؤكل لحمه وقيل في الأبوال كلها إلا بول الإبل لفايدة
(٤٦٤)