الجد من الام ولا إذن الأخ والعم لانهم لا يستحقون الولاية عليه في ماله وأما الام والجدة فالصحيح من مذهب الشافعي بأنه لا ولاية لها عليه بنفسها فلا يصح إذنها له وعلى قول بعض الشافعية انها تلى عليه بنفسها فعلى (بل) هذا يصح إذنها له لقوله عليه السلام لام الصبى ولك أجره ومعلوم ان الاجر ثبت لها لاذنها له ونيابتها عنه الثاني ان المعنى في إذن الأب والجد ما فيه من الولادة والحضنة فعلى هذا يصح إذن ساير الآباء والأمهات لوجود الولادة فيهم الثالث إن المعنى في إذن الأب والجد وجود التعصيب فيهما فعلى هذا يصح إذن ساير العصبات من الاخوة والأعمام وأولادهما ولا يصح إذن الام ولا الجد لها لعدم التعصيب وأما امناء الحكام فقد اتفقوا على أنه لا يصح إذنهم لاختصاص ولايتهم بماله دون بدنه فكانوا فيما سوا المال كالأجانب ولهم وجه اخر بعيد الصحة لانهم يتصرفون في المال وأما أوصياء الآباء فلهم وجهان في صحة إذنهم أحدهما الصحة كالآباء لنيابتهم عنه والثاني وهو الأصح عندهم ان إذنهم لا يصح كأمناء الحكام مسألة الصبى إذا كان مراهقا مميزا يطيق على الافعال اذن له الولي فيها فإذا أذن له فعل الحج بنفسه كالبالغ وإن كان طفلا لا يميز فان صح من الطفل من غير نيابة كالوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة احضره الولي فيهما وان لم يصح من الطفل إلا بنيابة الولي عنه فهو كالاحرام يفعله الولي عنه قال جابر خرجنا مع النبي صلى الله عليه وآله حجاجا ومعنا النساء والصبيان فأحرمنا عن الصبيان فلبينا عن الصبيان ورمينا عنهم ويجرد الصبى من ثيابه إذا قرب من الحرم وروى علماؤنا من فخ وان صح منه بمعونة الولي فإذا أحرم الولي عن الطفل جاز وهل يجوز ان يكون الولي محرما للشافعية وجهان أحدهما المنع فليس للولي ان يحرم عن الطفل إلا أن يكون حلالا لان من كان في نسك لا يصح ان يفعله عن غيره والثاني يصح احرام الولي عنه وإن كان محرما ولا فرق بين أن يكون عليه حجة الاسلام أو غيره قد حج عن غيره لان الولي ليس يتحمل الاحرام عنه فيصير به محرما حتى يتمتع من فعله إذا كان محرما وإنما كان يعتقد الاحرام عن الصبى فيصير الصبى محرما فجاز ان يفعل الولي ذلك وإن كان محرما والأخير أقرب فعلى الأول يقول عند الاحرام اللهم إني قد أحرمت عن ابني وعلى هذا يجوز أن يكون غير مواجه للصبي بالاحرام ولا مشاهد له إذا كان الصبى حاضرا في الميقات وعلى قول آخر انه لا يشترط حضوره وعلى الثاني يقول عند الاحرام اللهم إني قد أحرمت بابني وعلى هذا لا يصح ان يكون غير مواجه للصبي بالاحرام فإذا فعل ذلك صار الصبى محرما دون الولي فتلبسه ثوبين ويجنبه ما يجتنبه المحرم وعلى وليه ان يحضره الوقوف بالموقفين ومنى ليشهدها بنفسه وأما الرمي فان أمكن من وضع الحصى في كفه ورميها في الجمرة من يده فعل وان عجز الصبى من ذلك احضره الجمار ورمى الولي عنه ويستحب للولي أن يضع الحصى في كف الصبى وأخذها من يده قال ابن المنذر كل من يحفظ عنه من أهل العلم يرمى الرمي عن الصبى الذي لا يقدر على الرمي وبه قال عطا والزهري ومالك والشافعي وإسحاق وأما الطواف والسعي فعلى وليه أن يحمله ويطوف به ويسعى وعليه أن يتوضأ للطواف ويوضيه فان كانا غير متوضيين لم يجز الطواف وإن كان الصبى متوضأ والولي محدثا لم يجزء أيضا لان الطواف بمعونة الولي يصح والطواف لا يصح إلا بطهارة وإن كان الولي متطهرا والصبي محدثا فللشافعية وجهان أحدهما لا يجزى لان الطواف بالصبى أخص منه بالولي فإذا لم يجز أن يكون الولي محدثا فأولى أن لا يكون الصبى محدثا والثاني انه يجزى لان الصبى إذا لم يكن مميزا ففعل الطهارة لا يصح منه فتكون طهارة الولي نايبة عنه كما أنه لما لم يصح منه الاحرام صح احرام الولي عنه ويصلى الولي عنه ركعتي الطواف إن لم يكن مميزا وإن كان مميز أصلا هما بنفسه ولو اركبه الولي دابة ليطوف به وجب ان يكون الولي معه سايقا أو قايدا لان الصبى غير مميز ولا قاصد والدابة لا تصح منها عبادة ويرحل في موضع الرمل وللشافعية في الرمل به وجهان مسألة لو كان على الولي طواف حمل الصبى وطاف به ونوى بطوافه ما يختص به وينوى بطواف الصبى طوافه وقال الشافعي يجب عليه أن يطوف عن نفسه أولا ثم يطوف بالصبى ثانيا فينوي (وينوى) الطواف عن نفسه دون الصبى ثم يطوف بالصبى ناويا عنه وان نوى الطواف عن الصبى دون نفسه فله قولان أحدهما ان يكون على الولي الحامل دون الصبى المحمول لان من وجب عليه ركن من أركان الحج يتطوع به عن نفسه أو عن غيره انصرف إلى واجبه كالحج عن نفسه والثاني ان يكون عن الصبى المحمول دونه لان الحامل كالآلة للمحمول فكان ذلك واقعا عن المحمول دون الحامل وان نوى الطواف عن نفسه وعن الصبى المحمول أجزأه عن طوافه وهل يجزى عن الصبى وجهان مخرجان من القولين وان لم تكن له نية انصرف إلى طواف نفسه لوجوده على الصفة الواجبة عليه وعدم القصد المخالف له وقد بينا نحن الصحيح عندنا مسألة مؤنة حج الصبى ونفقته الزايدة في سفره تلزم الولي مثل آلة سفره واجرة مركبة وجميع ما يحتاج إليه في سفره مما كان مستغنيا عنه في حضره وهو ظاهر مذهب الشافعي وبه قال مالك واحمد لان الحج غير واجب على الصبى فيكون متبرعا وسببه الولي فيكون ضامنا وليس للولي صرف مال الطفل فيما لا يحتاج إليه وهو غير محتاج حال سفره إلى فعل الحج لوجوبه عليه حال كبره وعدم إجزاء ما فعله في صغره عما يجب عليه في كبره وله قول اخر انه في مال الصبى لان ذلك من مصلحته كأجرة معلمه ومؤنة تأديبه ولان الحج يحصل له فكان كما لو قيل له النكاح يكون المهر عليه والفرق ظاهر فان التعلم الذي ان فاته في صغره قد لا يدركه في كبره ويخالف النكاح فان المنكوحة قد تفوت والحج يمكن تأخيره مسألة يحرم على الصبى كلما يحرم على البالغ من محظورات الاحرام لان احرامه شرعي على ما تقدم فترتب عليه احكامه لا بمعنى انه مخاطب بالتحريم وان العقاب يترتب على فعله بل بمعنى ان الولي يجنبه جميع ما يجتنبه المحرم فان فعل الصبى شيئا من المحظورات فان وجب به الفداء على البالغ في حالتي عمده وخطائه كالصيد وجب عليه الجزاء لان عمدا الصبى كخطأ البالغ ويجب في مال الصبى لأنه مال وجب بجنايته فوجب ان يجب في ماله كما لو استهلك مال غيره وهو أحد وجهي الشافعي والثاني انه يجب في مال الولي وهو الذي نص عليه الشافعي في الاملاء؟ لان الولي هو الذي ألزمه الحج بإذنه وكان ذلك من جهته ومنسوبا إلى فعله وان اختلف حكم عمده وسهوه في البالغ كالطيب واللبس فان فعله الصبى ناسيا فلا فدية فيه لأنها لا تجب في حق البالغ ففي الصبى أولي وان فعله عمدا قال الشيخ (ره) الظاهر أنه تتعلق به الكفارة على وليه وان قلنا لا يتعلق به شئ لما روى عنهم عليهم السلام من أن عمد الصبى وخطؤه واحد والخطأ في هذه الأشياء لا تتعلق به كفارة من البالغين كان قويا وللشافعي قولان مبنيان على اختلاف قوله في عمد الصبى هل يجرى مجرى الخطاء أو مجرى العمد من العاقل على قولين أحدهما انه يجرى مجرى الخطاء فلا فدية فيه كالبالغ الناسي والثاني انه عمد صحيح فالفدية واجبة وأين تجب على الوجهين أحدهما انه على الصبى لان الوجوب بسبب ما ارتكبه وأصحهما في مال الولي وبه قال مالك لأنه الذي أوقعه وغرر بماله لكن لو طيبه الولي كانت الفدية في ماله أو في مال الصبى وجها واحدا هذا كله إذا أحرم بإذن الولي وان أحرم بغير اذنه فلا فدية وهو أحد وجهي الشافعية ولهم اخر انه يجوز احرامه فالفدية في ماله مسألة إذا وجبت الفدية في مال الصبى فإن كانت مترتبة فحكمها حكم كفارة القتل وإلا فهل يجزى ان يفتدى بالصوم في الصغر للشافعية وجهان مبنيان على أنه إذا أفسد الحج هل يجزيه قضاؤه في الصغر وان الولي والحال هذه ان يفدى عنه بالمال لأنه غير متعين ولهم وجه آخر انه إذا أحرم به الأب أو الجد فالفدية في مال الصبى فان أحرم به غيرهما فهي عليه مسألة لو وطى الصبى في الفرج ناسيا لم يكن عليه شئ ولا يفسد حجه كالبالغ سواء وإن كان عمدا قال الشيخ (ره) على ما قلناه من أن عمده وخطأه سواء لا يتعلق به أيضا فساد الحج ولو قلنا إن عمده عمد لعموم الاخبار في من وطى عامدا في الفرج من أنه يفسد حجه فقد فسد حجه وعليه الاتمام ولزمه القضاء قال فالأقوى الأول لان ايجاب القضاء يتوجه إلى المكلف وهذا بمكلف وقالت الشافعية إذا جامع ناسيا
(٢٩٨)