اتحاد وقت الادراك لم تجب الزكاة غالبا وقد أجمع المسلمون على ضم ما يدرك إلى ما تأخر ولو كان له نخل بتهامة واخر بنجد فأثمرت التهامية وجذت ثم بلغت النجدية فإنها تضم إلى التهامية ولو كان له نخل يطلع في السنة مرتين قال الشيخ لا يضم الثاني إلى الأول لأنه في حكم ثمرة سنتين وبه قال الشافعي وقيل تضم لأنها ثمرة عام واحد وهو الأقوى ولو كان بعضه يحمل مرة والباقي مرتين ضمنا الجميع وعلى قول الشيخ يضم الأول منهما إلى الحمل الواحد ويكون للثاني حكم نفسه مسألة الثمرة إن كانت كلها جنسا واحدا اخذ منه سواء كان جيدا كالبردي وهو أجود نخل بالحجاز أو رديا كالجعرور ومصران الفارة وعذق ابن جيق ولا يطالب بغيره ولو تعددت الأنواع اخذ من كل نوع بحصة لينتفي الضرر عن المالك بأخذ الجيد وعن الفقراء بأخذ الردى وهو قول عامة أهل العلم وقال مالك والشافعي إذا تعدد الأنواع اخذ من الوسط والأولى أخذ عشر كل واحد لان الفقراء بمنزلة الشركاء ولا يجوز اخراج الردى لقوله تعالى ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ونهى رسول الله صلى الله عليه وآله ان يؤخذ الجعرور وعذق ابن جيق لهذه الآية وهما ضربان من التمر أحدهما يصير قشرا على نوى والاخر إذا أثمر صار حشفا ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) يترك معا فارة وأم جعرور لا يزكيان ولا يجوز اخذ الجيد عن الردى لقوله (ع) إياك وكرايم أموالهم فان تطوع المالك جاز وله ثواب عليه والعذق بفتح العين وقيل بكسرها تذنيب لا يجزى أخذ الرطب عن التمر ولا العنب عن الزبيب فان اخذه الساعي رجع بما نقص عند الجفاف وهل يجوز على سبيل القيمة الأقرب ذلك ويجوز أن يأخذ كلا من الرطب والعنب عن مثله مسألة يجوز الخرص على أرباب الغلات والثمار بأن يبعث الامام ساعيا إذا بدا صلاح الثمرة أو اشتد الحب ليخرصها ويعرف قدر الزكاة ويعرف المالك ذلك وبه قال الحسن وعطا والزهري ومالك والشافعي واحمد وأبو عبيد وأبو ثور وأكثر العلماء لان النبي صلى الله عليه وآله كان يبعث إلى الناس من يخرص عليهم كرومهم وثمارهم وقال الشعبي الخرص بدعة وقال أصحاب الرأي انه ظن وتخمين لا يلزم به حكم وانما كان الخرص تخويفا للإكراه لئلا يخونوا فاما ان يلزم به حكم فلا ونمنع عدم تعلق الحكم به فإنه اجتهاد في معرفة قدر الثمرة وادراكه بالخرص الذي هو نوع من المقادير فهو كتقويم المتلفات فروع - آ - وقت الخرص حين بدو الصلاح لأنه (ع) كان يبعث حين تطيب قبل ان يؤكل منه ولان فايدته معرفة الزكاة واطلاق أرباب الثمار في التصرف فيها والحاجة إنما تدعوا إلى ذلك حين بدو الصلاح وتجب الزكاة فيه - ب - محل الخرص النخل والكرم أما الغلاة فقول الشيخ يعطى جوازه فإنه قال يجوز الخرص في الغلات لوجود المقتضى وهو الاحتياج إلى الاكل منه كالفريك وغيره ومنع عطا والزهري ومالك واحمد لان الشرع لم يرد بالخرص فيه - ج - صفة الخرص إن كان نوعا واحد أو يدور بكل نخلة أو شجرة وينظركم في الجميع رطبا أو عنبا ثم يقدر ما يجئ منه تمرا وإن كان أنواعا خرص كل نوع على حدة لان الأنواع تختلف فمنها ما يكثر رطبه ويقل تمره ومنها بالعكس وكذا العنب يختلف ولأنه يحتاج إلى معرفة كل نوع حتى يخرج عشره. مسألة إذا خرص الخارص خير المالك بين أن يضمن الحصة للفقراء ويسلم إليه الثمرة ليتصرف فيها بأكل أو بيع وغير ذلك وبين ابقائه أمانة إلا أنه لا يجوز له التصرف في شئ منه بأكل أو بيع وبين ان يضمن الخارص حصة المالك لان عبد الله بن رواحة خرص على أهل خيبر وقال إن شئتم فلكم وإن شئتم فلى فكانوا يأخذونه فان اختيار الحفظ ثم أتلفها أو فرط فتلفت ضمن نصيب الفقراء بالخرص و إن أتلفها أجنبي ضمن قيمة ما أتلف والفرق ان رب المال يجب عليه تجفيف هذا الرطب بخلاف الأجنبي ولهذا لو أتلف أضحيته المعينة ضمن أضحيته مكانها و ان أتلفها أجنبي ضمن القيمة ولو تلفت بجايحة من السماء أو أتلفها ظالم سقط الخرص والضمان عن المتعهد اجماعا لأنها تلفت قبل استقرار الزكاة ويقبل قول المالك لو ادعى التلف بغير تفريط مسألة لو لم يضمن المالك ولا الخارص بل اختار المالك ابقائها أمانة جاز فإذا حفظها إلى وقت الاخراج كان عليه زكاة الموجود خاصة سواء اختار الضمان أو حفظها على سبيل الأمانة وسواء كانت أكثر مما خرصه الخارص أو أقل وبه قال الشافعي واحمد لان الزكاة أمانة فلا تضر مضمونه بالشرط كالوديعة وقال مالك يلزمه ما قال الخارص زاد أو نقص إذا كانت الزكاة متقاربة لان الحكم انتقل إلى ما قال الساعي لوجوب ما قال عند تلف المال ونمنع الانتقال وإنما يعمل بقوله إذا تصرف في الثمرة ولم يعلم قدرها لأن الظاهر اصابته مسألة يجزى الخارص الواحد وبه قال مالك واحمد لان النبي صلى الله عليه وآله كان يبعث عبد الله ابن رواحه فيخرص وحده ولان الخارص يفعل ما يؤديه اجتهاد إليه فهو كالحاكم وهو أحد قولي الشافعي وفى الثاني لا بد من اثنين لان النبي صلى الله عليه وآله بعث مع عبد الله ابن رواحة غيره ولان الخارص يقدر الواجب فهو بمنزلة المقومين وانفاذ غيره معه لا يدل على أنه خارص ويحتمل ان يكون معينا وكاتبا ولأنه جايز عندنا والكلام في الوجوب ويخالف الخارص المقومين لانهم ينقلون ذلك إلى الحاكم فافتقر إلى العدد كالشهادة بخلاف الخرص فإنه حكم يجزى فيه الواحد وله قول ثالث إن كان الخرص على صبى أو مجنون أو غايب فلا بد من اثنين إذا ثبت هذا فيشترط في الخارص الأمانة والمعرفة اجماعا لان الخرص إنما يتم بها مسألة وعلى الخارص ان يترك في خرصه ما يحتاج المالك إليه من أكل أضيافه وإطعام جيرانه وأصدقائه وسؤاله المستحقين للزكوة ويحسبه منها وما يتناثر من الثمرة ويتساقط ينتابه الطير ويأكل منها المارة فلو استوفى الكل اضربا لمالك وقد روى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال خفضوا على الناس فان في المال العرية والواطية والآكلة فالعرية النخلة والنخلات تهب انسانا ثمرتها و قد قال (ع) ليس في العرايا صدقة والواطية السابلة سموا به لوطيهم بلاد الثمار مجتازين والاكلة أرباب الثمار مختارين وأهلهم وقال (ع) إذا خرصتم فخذوا ودعوا الثلث فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع وتأول الشافعي ذلك بأمرين أحدهما إذا خرصتم فدعوا لهم الثلث أو الربع ليفرقوه بأنفسهم على جيرانهم ومن يسئلهم ويتبعهم والثاني إذا لم يرض بما خرصة الساعي منعه من التصرف فيه فأمرهم ان يدعوا لهم الثلث أو الربع ليتصرفوا فيه ويضمنوا حقه بقدر ما يجئ من الباقي مسألة يخرص الخارص الجميع لاطلاق النصوص المقتضية لوجوب العشر وهو الجديد للشافعي وفى القديم يترك للمالك نخلة أو نخلات يأكل منها هو وأهله ويختلف ذلك بقلة العيال وكثرتهم والوجه المنع لتعلق حق الفقراء وقال احمد لا يحتسب على المالك ما يأكله بالمعروف وليس بجيد لان الفقراء شركاؤهم نعم لو قل جزء لم يحتسب لعسر الاحتراز منه مسألة لو ادعى المالك غلط الخارص بالمحتمل قبل من غير يمين وبه قال احمد وقال الشافعي لا بد من اليمين وسيأتى وان ادعى غير المحتمل لم تسمع دعواه في حط ذلك القدر وهل يحط القدر المحتمل اشكال ينشأ من ظهور كذبه ومن ادعاء القليل ضمنا وللشافعية وجهان ولو ادعى تعمد الاجحاف لم يلتفت إلى قوله كما لو ادعى الكذب على الشاهد والجور على الحاكم ولو قال أخذت كذا وبقى كذا ولا أعلم غير ذلك قبل قوله وإن كان مما لا يقع غلطا في الخرص لأنه يضف ذلك إلى غلط الخارص مسألة لو لم يخرج الامام خارصا فاحتاج رب المال إلى التصرف في الثمرة فاخرج خارصا جاز ان يأخذ بقدر ذلك ولو خرص هو وأخذ بقدر ذلك جاز أيضا ويحتاط في أن لا يأخذ أكثر مما أخذه ولو لم يخرص لم يجز أن يتناول من الثمرة شيئا وإن قل خلافا لأحمد وإن كان
(٢٢١)