والآخر يملك بالانضاض وسيأتى البحث في ذلك انشاء الله تعالى فإن قلنا لا يملك حصته فالزكاة بأجمعها على المالك لأنه يملك الربح والأصل معا وان قلنا يملك بالظهور وبه قال أبو حنيفة والشافعي في أحد القولين فعلى المالك زكاة الأصل ونصيبه من الربح وفى حصة العامل قولان عدم الزكاة لان ملكه غير مستقر عليه لأنه وقاية لرأس المال عن الخسران والثاني الثبوت للملك والتمكن من التصرف فيه كيف شاء والقسمة وتعلق حق الفقراء بذلك الجزء الذي هو لهم أخرجه عن كونه وقاية لخسران يعرض وقواه الشيخ وللشافعي كالقولين وله اخر انه كالمغصوب لأنه غير متمكن من التصرف فيه على حسب مشيته وإن قلنا إنه يملك بالقسمة و الانضاص وهو أصح قولي الشافعي وبه قال مالك والمزني فزكوة رأس المال على المالك وقيل كذا الربح بأجمعه لان الجميع له ويحتمل في نصيب العامل العدم إما على المالك فلانه يجرى مجرى المغصوب أو الملك الضعيف لتأكد حق العامل فيه وأما العامل فلعدم ملكه به وايجاب الزكاة في الربح كله على المالك ضعيف لان حصة العامل مترددة بين ان يسلم فيكون له أو يتلف فلا يكون له ولا للمالك شئ فكيف يجب عليه زكاة ما ليس له بوجه وكونه نماء ماله لا يقتضى اثبات الزكاة عليه لأنه لغيره إذا عرفت هذا فان قلنا بثبوت الزكاة في حصة العامل فإنما يثبت لو بقيت حولا نصابا أو يضمها إلى ما عنده من أموال التجارة غيرها وتبلغ نصابا ولا يبنى حول نصيب العامل على حول رأس المال عند علمائنا وهو أحد وجهي الشافعية لأنه في حقه أصل مقابل بالعمل والثاني للشافعية البناء لأنه ربح كنصيب المالك وليس بجيد وعلى ما اخترناه فابتداء الحول من حين الظهور لحصول الملك حينئذ أو الانضاض والقسمة لان استقرار الملك يحصل يومئذ ويحتمل من يوم تقويم المال على المالك لاخذ الزكاة ولا يلزمه اخراج الزكاة قبل القسمة فإذا اقتسماه زكاه لما مضى من الأحوال كالدين يستوفيه عند الشافعية والأقوى عندي انه يخرج في الحال لتمكنه من القسمة تذنيب لو أراد العامل اخراج الزكاة من عين مال القراض احتمل ان يستبد به لان الزكاة من المؤن اللازمة للمال كأجرة الدلال والكيال ويحتمل ان للمالك منعه لان الربح وقاية رأس المال فله أن يمنع من التصرف في الربح حتى يسلم إليه رأس المال ويبنى على الاحتمال ما يخرج المالك من زكاة مال القراض ان جعلنا الزكاة كالمؤن احتسب من الربح كما يحتسب أرش جناية عند التجارة من الربح ويحتمل احتسابه من رأس المال لأنه مصروف إلى حق لزم المالك فكان كما لو ارتجع شيئا من المال ويحتمل ان ما يخرجه المالك خاصة من رأس المال لأنه يختص بلزومه مسألة إذا حال الحول على العروض قومت بالثمن الذي اشتريت به سواء كان نصابا أو أقل وسواء كانت من الأثمان أم لا ولا يعتبر نقد البلد وبه قال الشافعي إلا أنه قال إذا كان من جنس الأثمان وكان الثمن أقل من نصاب فيه وجهان أحدهما ان يقوم بما اشتراه والثاني يقوم بغالب نقد البلد هذا إن لم يملك من النقد الذي ملك به ما تم النصاب أما إذا اشترى للتجارة بمائة درهم وهو يملك مائة أخرى فإنه يقوم بما ملك به أيضا لأنه ملك ببعض ما انعقد عليه الحول ووافقنا أبو يوسف في التقويم بما اشتراه مطلقا. لان نصاب الغرض مبنى على ما اشتراه به فثبتت الزكاة فيه ويعتبر به كما لو لم يشتر به شيئا ولقول الصادق (ع) إن طلب برأس المال فصاعدا ففيه الزكاة وإن طلب بالخسران فليس فيه زكاة ولا يمكن ان يعرف رأس المال إلا أن يقوم بما اشتراه به بعينه وقال أبو حنيفة واحمد يقوم بما هو أحظ للمساكين سواء اشتراها بذهب أو فضة أو عروض فلو كانت قيمتها بالفضة دون النصاب وبالذهب نصابا قومت به وإن كان الثمن فضة وبالعكس لان قيمته بلغت نصابا فتثبت الزكاة فيه كما لو اشتراه بعوض وفى البلد نقدان مستعملان تبلغ قيمة العرض بأحدهما نصابا ولان تقويمه لحظ المساكين فيعتبر ما لهم فيه الحظ كالأصل والفرق في الأول ظاهر فان الثمن بلغ نصابا بخلاف المتنازع ومراعاة الفقراء ليست أولي من مراعاة المالك فروع - آ - إذا كان الثمن من العروض قوم بذهب أو فضة حال الشراء ثم يقوم في أثناء الحول إلى آخره بثمنه الذي اشترى به وقوم الثمن بالنقدين فان قصد أحدهما في الأثناء سقط اعتبار الحول إلى أن يعود إلى السعر وإلا ثبتت ولو قصر أحدهما وزاد الاخر مثل ان يشتريه بمتاع قيمته نصاب ثم يرخص سعر الثمن أو يغلوا فالأقرب حينئذ ثبوت الزكاة مع الرخص لا مع الغلاء إلا أن يكون العرض للتجارة - ب - لو بلغت قيمته نصابا بكل واحد من النقدين قومه بما اشتراه أيضا وقال احمد يقوم بماء شاء إلا أن الأولى اخراج النقد المستعمل في البلد لأنه أحظ للمساكين ولو كانا مستعملين اخرج من الغالب في الاستعمال ولو تساويا تخير - ج - لو بلغت السلعة نصابا بأحد النقدين وقصرت بالآخر ثبتت الزكاة لأنه بلغ نصابا بأحد النقدين فثبت فيها الزكاة كما لو كان عينا مسألة تثبت زكاة التجارة في كل حول وبه قال الثوري والشافعي واحمد وإسحاق وأبو عبيد وأصحاب الرأي لأنه مال تثبت فيه الزكاة في الحول الأول لم ينقص عن النصاب ولم يتبدل صفته فتثبت زكاته في الحول الثاني كما لو نض في أوله ولان السبب المقتضى لثبوتها في الأول ثابت في الثاني وقال مالك لا يزكيه إلا لحول واحد لان الحول الثاني لم يكن المال عينا في أحد طرفيه فلا تثبت فيه الزكاة كالحول الأول إذا لم يكن في أوله عينا ونمنع ثبوت حكم الأصل مسألة تخرج الزكاة من قيمة العروض دون عينها قاله الشيخ (ره) على القول بالوجوب وبه قال الشافعي في أحد القولين واحمد لان النصاب معتبر بالقيمة فكانت الزكاة منها كالعين في ساير الأموال ولقول الصادق (ع) كل عروض فهو مردود إلى الدراهم والدنانير وهو يدل على تعلق الزكاة بالقيمة وقال أبو حنيفة يتخير بين الاخراج من العين أو من القيمة لكن الأصل العين فالزكاة تتعلق بالسلعة وتجب فيها لا بالقيمة فإن اخرج العرض اخرج أصل الواجب وان عدل عنه إلى القيمة فقد عدل إلى بدل الزكاة وهو الثاني للشافعي لأنها مال تجب فيه الزكاة فتعلقت بعينه كساير الأموال ولا بأس بهذا القول ويمكن الجواب عما قاله الشيخ بأن اعتبار النصاب لمعرفة القدر لا لوجوب الاخراج منه وكذا الرواية مسألة القدر المخرج هو ربع العشر إما من العين أو القيمة على الخلاف إجماعا وقد تقدم ان التقويم بما اشتريت به وإن كان غالب نقد البلد غيره لكن الأولى اخراج نقد البلد ولو ملكه يعرض للقنية قوم في اخر الحول به عندنا وقال الشافعي يقوم بغالب نقد البلد من الدراهم أو الدنانير فإن بلغ به نصابا اخرج زكاته وإلا فلا وإن كان يبلغ بالآخر نصابا أو كان النقدان جاريين في البلد قوم بالأغلب فإن استويا وبلغ بهما نصابا فوجوه التخيير بأن يقوم بما شاء ويخرجه ومراعاة الاغباط للفقراء والتقويم بالدراهم لأنها أوفق وأصلح واعتبار الغالب في أقرب البلاد تذنيب لو اشترى بنصاب من النقد وبعرض قنية قوم ما يقابل الدراهم بمثلها وما يقابل العرض بمثله عندنا وعند المخالف بنقد البلد مسألة النصاب المعتبر في قيمة مال التجارة هنا لموحد النقدين الذهب أو الفضة دون غيرها فلو اشترى بأحد النصاب المواشي مال التجارة وقصرت قيمة الثمن عن نصاب أحد النقدين ثم حال الحول كذلك فلا زكاة ولو قصر الثمن عن نصاب المواشي بأن اشترى بأربع من الإبل متاع التجارة وكانت قيمة الثمن أو السلعة تبلغ نصابا من أحد النقدين تعلقت الزكاة به إذا عرفت هذا فالنصاب الأول قد عرفت انه عشرون دينارا أو مائتا درهم فإذا بلغت القيمة أحدهما ثبتت الزكاة ثم الزايد ان بلغ النصاب الثاني وهو أربعة دنانير أو أربعون درهما ثبتت فيه الزكاة وهو ربع عشره أيضا
(٢٢٨)