ثم قال: " وكذا لا خلاف في أنه لا يعتبر العجز عن التفصي إذا كان فيه ضرر كثير " (1).
الثاني - في بحث الإكراه الذي تطرق إليه عند اشتراط الاختيار في عقد البيع وسائر العقود، فقد حاول أن يفرق بين إمكان التخلص بالتورية، وإمكانه بغيرها من حيث الحكم والموضوع، فقال:
" الذي يظهر من النصوص والفتاوى عدم اعتبار العجز عن التورية " (2).
ثم قال: " هذا وربما يظهر من بعض الأخبار عدم اعتبار العجز عن التفصي بوجه آخر غير التورية أيضا في صدق الإكراه... " (3).
إلى أن قال: " لكن الإنصاف: أن وقوع الفعل عن الإكراه لا يتحقق إلا مع العجز عن التفصي بغير التورية " (4).
إلى أن قال: " هذا ولكن الأولى: أن يفرق بين إمكان التفصي بالتورية وإمكانه بغيرها، بتحقق الموضوع في الأول دون الثاني " (5).
وممن فرق بينهما النائيني ولكن بتوجيه يختلف عن توجيه الشيخ الأنصاري، وحاصله: أن التورية لما كانت مغفولا عنها غالبا، وهي على خلاف طبع الاستعمال، فمع تمكنه منها وعدم إتيانها لا يصح أن يقال: إن إيقاع العقد منه عن اختيار وطيب النفس لعدم توريته، لأن المفروض أنه لا أثر للتمكن من التورية، لأنها مغفول عنها غالبا بخلاف التمكن من التخلص بطريق آخر، فلو لم يتخلص والحال هذه لا يصدق عليه أنه مكره (1).
لكن ساوى بين التخلص بالتورية والتخلص بغيرها السادة: اليزدي والخوئي والخميني.
قال السيد اليزدي: " التحقيق اعتبار عدم إمكان التفصي، ولا فرق بين التورية ونحوها (2)، لكن لا بالإمكان العقلي، بل يكفي عدم الإمكان العرفي، وهو مختلف بالنسبة إلى الأفعال والمقامات، كما لا يخفى... " (3).
وقال السيد الخوئي: " لم يتضح لنا الفارق بين إمكان التفصي بالتورية وغيرها، فكما لا يتحقق مفهوم الإكراه في الثاني، كذلك لا يتحقق مفهومه في الأول أيضا " (4).
وقال السيد الخميني: " التحقيق: التورية قد تكون سهلة لشخص بلا خوف الوقوع في الضرر المتوعد به لأجل الدهشة والوحشة والتمجمج في الكلام، ففي مثله لا شبهة في عدم صدق الإكراه لو أوقع المعاملة مع التفات ولم يور، وأما لو كان خائفا من كشف الحال فيصدق الإكراه، وكذا لو أمكن التفصي بالفعل الخارجي، كما لو أمكنه التفصي