المنهاج ومبانيه هو:
أن المكلف لو أكره على قتل شخص، فإن كان ما توعد به ما دون النفس، كما إذا قال له: اقتل فلانا وإلا حبستك، أو أخذت دارك، ونحو ذلك فلا يجوز القتل قطعا، فإن بادر إلى القتل فعليه القصاص.
وإن كان ما توعد به هو القتل، كما إذا قال له:
اقتل فلانا وإلا قتلتك، فلا يبعد القول بالجواز، لأن المورد وإن لم يشمله حديث الرفع - لأن شموله له خلاف الامتنان، إذ يؤدي إلى قتل نفس بريئة وإن صار سببا لنجاة نفس أخرى - لكنه داخل في باب التزاحم، إذ الأمر يدور بين ارتكاب محرم وهو قتل النفس المحترمة، وبين ترك واجب وهو حفظ نفسه وعدم تعريضها للهلاك، وحيث لا ترجيح، فلا مناص من الالتزام بالتخيير، فيجوز القتل، لكن يجب عليه دفع الدية، لئلا يذهب دم مسلم هدرا (1).
ويمكن أن يستظهر هذا الرأي من فخر المحققين أيضا، حيث قال: " والأقوى عندي: أن الإكراه إذا بلغ حد الإلجاء كان القصاص على المكره، لأن المكره يصير كالآلة، وفعل المكره في الحقيقة مستند إلى المكره " (2).
وكلامه وإن كان بالنسبة إلى القصاص، إلا أن لحن عبارته يوحي بارتفاع الحرمة أيضا.
ونقل العلامة (1) عن ابن الجنيد: أن القود على المكره، لكنه صرح بأنه يحبس القاتل المكره حتى يموت، عكس ما قاله المشهور. إلا أنه لا يستفاد منه رفع الحرمة، لأنه لا معنى للحبس مع ارتفاعها.
هذا كله بالنسبة إلى حكم المكره، وأما المكره، فالمشهور: أنه يحبس في السجن حتى يموت (2)، وقال به السيد الخوئي أيضا (3)، نعم على قول فخر المحققين وابن الجنيد فعليه القود.
ويدل على ما ذهب إليه المشهور ما رواه زرارة في الصحيح عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام): " في رجل أمر رجلا بقتل رجل، فقال: يقتل به الذي قتله، ويحبس الآمر بقتله في الحبس حتى يموت " (4).
وتمسك بهذه الرواية كثير من الفقهاء، وقال المجلسي بعد ذكرها: " الحديث... صحيح والحكمان مقطوع بهما في كلام الأصحاب " (5).
وإن كان المؤمن الذي أكره على قتله مستحقا للقتل، فهل يجوز قتله أو لا؟
قال الشيخ الأنصاري: " ولو كان المؤمن مستحقا للقتل لحد، ففي العموم وجهان: