يتوقف على أن يكون الموري أيضا مكرها، وإلا فمن أين يطلع على أنه امتنع أو لم يمتنع؟ لأن المكره إذا أوقع صورة البيع من دون قصد معناه فلم يمتنع ظاهرا، ولكنه امتنع واقعا، فامتناعه إنما يتحقق بأن لا يوقع صورة البيع أيضا.
والحاصل: أن في مورد التفصي بغير التورية لا يلازم وقوعه في الضرر الذي توعد عليه مع علم الحامل بالامتناع.
وأما في مورد التفصي بها فأولا: لا يعلم الحامل على الامتناع، فلا معنى لتوعيده.
وثانيا: يوقعه في الضرر لو اطلع على الامتناع فلا يفيده التفصي بها.
ولكنك خبير مضافا إلى أن هذا البيان مرجعه إلى أن الأمور القصدية لا معنى لتعلق الاكراه به فيقع الاكراه على ذات الفعل، فمخالفة المكره تتحقق بأن لا يقع منه ذات الفعل، لا أن لا يقصد معناه، إن غاية الفرق أن المتمكن من التفصي بغير التورية يمكنه التخلص من الضرر، والمتمكن من التفصي بها لا يمكنه التخلص من الضرر، ومجرد هذا الفرق لا يفيد، لأن المدار في صدق الاكراه أن يكون قصد وقوع المضمون لا عن طيب النفس، والمتمكن من التفصي مطلقا يقع قصد وقوع المضمون عنه عن طيب النفس، فكما أن المتمكن من التثبت بذيل الغير لرفع إكراه المكره إذا لم يتثبت ولو لعدم تحمل المنة وأوقع المعاملة تقع المعاملة منه اختيارا فكذلك المتمكن من التورية إذا لم يور وقصد وقوع المضمون تقع المعاملة منه اختيارا عن طيب. ومن هذا الوجه قال العلامة قدس سره: ولو أكره على الطلاق فطلق ناويا فالأقرب وقوع الطلاق (1)، لأن هذا الطلاق صدر عن نية إليه وطيب النفس به.
ويمكن أن يكون قوله: فافهم إشارة إلى هذا، فالأولى أن يقال: بأن التورية لما كانت مغفولا عنها غالبا وعلى خلاف طبع الاستعمال فمع تمكنه منها لو لم يور وأوقع البيع أو الطلاق فلا يكون إيقاعه ناشئا عن الاختيار وطيب النفس بوقوع المضمون، بل مع كراهته له أوقع البيع أو الطلاق بمقتضى جبلته التي تقتضي قصد