وإلى هذا المعنى أشار بعض المفسرين، كالزمخشري (1) والبيضاوي (2) والسيد الطباطبائي (3)، بل يظهر من الأخير تعينه.
قال البيضاوي: " وقرئ يطوقونه، أي يكلفونه ويقلدونه، من الطوق بمعنى الطاقة، أو القلادة، ويتطوقونه، أي يتكلفونه، أو يتقلدونه...
وعلى هذه القراءات يحتمل معنى ثانيا، وهو الرخصة لمن يتعبه الصوم ويجهده - وهم الشيوخ والعجائز - في الإفطار والدية... وقد أول به القراءة المشهورة، أي يصومونه جهدهم وطاقتهم ".
وقد سبقه بذلك الزمخشري في الكشاف.
وقال السيد الطباطبائي: " الإطاقة - كما ذكره بعضهم - صرف تمام الطاقة في الفعل، ولازمه وقوع الفعل بجهد ومشقة ".
ولعله لذلك فصل جملة من الفقهاء - كالمفيد (4) والمرتضى (5) والعلامة (6) والشهيد الثاني (7) - بين الشيخ القادر على الصوم ولكن بمشقة وبين غير القادر أصلا، فأوجبوا الفدية على الأول دون الثاني، لأن غير القادر لا يجب عليه الصوم أصلا، ولكن القادر بمشقة ينتقل فرضه إلى البدل للمشقة.
لكن علق صاحب المدارك على هذا القول قائلا: " ولم نقف للمفيد وأتباعه على رواية تدل على ما ذكروه من التفصيل " (1).
وأما تفصيل الكلام عن حكم صوم الشيخ والشيخة فإنما هو في عنوان " صوم ".
وتراجع موارد استعمال الإطاقة في:
1 - الصوم، عند الكلام عن سقوط الصوم من الشيخ والشيخة، والكلام عن استحباب تمرين الأولاد على الصوم قبل البلوغ بقدر ما يطيقون.
2 - الحج، عند الكلام عن الاستطاعة، والطواف والرمي ونحوهما إذا عجز عنهما.
3 - الجهاد، أخذ الجزية من أهل الذمة على قدر ما يطيقون.
4 - الكفارة، البحث عن العاجز عن التكفير.
5 - النذر، حكم من نذر ما لا يطيقه.
6 - وفي علم الأصول حيث يبحث عن حديث الرفع، إذ ربما تكلم بعضهم عن سائر فقراته، ومنها: " ما لا يطيقون ".
7 - وفي علم الكلام حيث يبحث فيه عن التكليف بما لا يطاق.
(1) المدارك 6: 295، وقد سبقه بهذا النقد الشيخ الطوسي في التهذيب 4: 237، باب العاجز عن الصيام.
هذا ويمكن أن يستفاد التفصيل المزبور من مجموع الآية وصحيحة محمد بن مسلم وقاعدة اشتراط القدرة في التكليف.