الله إلها آخر فقالوا ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى وقالوا أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا الشئ عجاب والطائفة الثالثة المعطلة وهم الذين نفوا الإله جملة واحدة فلم يثبتوا إلها للعالم ولا من العالم والطائفة الرابعة المنافقون وهم الذين أظهروا الإسلام من إحدى هؤلاء الطوائف الثلاثة للقهر الذي حكم عليهم فخافوا على دمائهم وأموالهم وذراريهم وهم في نفوسهم على ما هم عليه من اعتقاد هؤلاء الطوائف الثلاث فهؤلاء أربعة أصناف هم الذين هم أهل النار لا يخرجون منها من جن وإنس وإنما كانوا أربعة لأن الله تعالى ذكر عن إبليس أنه يأتينا من بين أيدينا ومن خلفنا وعن أيماننا وعن شمائلنا فيأتي للمشرك من بين يديه ويأتي للمعطل من خلفه ويأتي إلى المتكبر من عن يمينه ويأتي إلى المنافق من عن شماله وهو الجانب الأضعف فإنه أضعف الطوائف كما إن الشمال أضعف من اليمين وجعل المتكبر من اليمين لأنه محل القوة فتكبر لقوته التي أحسها من نفسه وجاء للمشرك من بين يديه فإنه رأى إذ كان بين يديه جهة عينية فأثبت وجود الله ولم يقدر على إنكاره فجعله إبليس يشرك مع الله في ألوهيته وجاء للمعطل من خلفه فإن الخلف ما هو محل النظر فقال له ما ثم شئ أي ما في الوجود إله ثم قال الله تعالى في جهنم لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم فهذه أربع مراتب لهم من كل باب من أبواب جهنم جزء مقسوم وهي منازل عذابهم فإذا ضربت الأربعة التي هي المراتب التي دخل عليهم منها إبليس في السبعة الأبواب كان الخارج ثمانية وعشرين منزلا وكذلك جعل الله المنازل التي قدرها الله للإنسان المفرد وهو القمر وغيره من السيارة الخنس الكنس تسير فيها وتنزلها لإيجاد الكائنات فيكون عند هذا السير ما يتكون من الأفعال في العالم العنصري فإن هذه السيارة قد انحصرت في أربع طبائع مضروبة في ذواتها وهن سبعة فخرج منها منازلها الثمانية والعشرون ذلك بتقدير العزيز العليم كما قال كل في فلك يسبحون وكان مما ظهر عن هذا التسيير الإلهي في هذه الثمانية والعشرين وجود ثمانية وعشرين حرفا ألف الله الكلمات منها وظهر الكفر في العالم والايمان بأن تكلم كل شخص بما في نفسه من إيمان وكفر وكذب وصدق لتقوم الحجة لله على عباده ظاهرا بما تلفظوا به ووكل بهم ملائكة يكتبون ما تلفظوا به قال تعالى كراما كاتبين وقال ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد فجعل منازل النار ثمانية وعشرين منزلا وجهنم كلها مائة درك من أعلاها إلى أسفلها نظائر درج الجنة التي ينزل فيها السعداء وفي كل درك من هذه الدركات ثمانية وعشرون منزلا فإذا ضربت ثمانية وعشرين في مائة كان الخارج من ذلك ألفين وثمانمائة منزل فهي الثمانية والعشرون مائة فما برحت الثمانية والعشرون تصحبنا وهذه منازل النار فلكل طائفة من الأربع سبعمائة نوع من العذاب وهم أربع طوائف فالمجموع ثمان وعشرون مائة نوع من العذاب كما لأهل الجنة سواء من الثواب يبين ذلك في صدقاتهم كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة فالمجموع سبعمائة وهم أربعة طوائف رسل وأنبياء وأولياء ومؤمنون فلكل متصدق من هؤلاء الأربعة سبعمائة ضعف من النعيم في عملهم فانظر ما أعجب القرآن في بيانه الشافي وموازنته في خلقه في الدارين الجنة والنار لإقامة العدل على السواء في باب جزاء النعيم وجزاء العذاب فبهذا القدر يقع الاشتراك بين أهل الجنة وأهل النار للتساوي في عدد الدرج والدرك ويقع الامتياز بأمر آخر وذلك أن النار امتازت عن الجنة بأنه ليس في النار دركات اختصاص إلهي ولا عذاب اختصاص إلهي من الله فإن الله ما عرفنا قط إنه اختص بنقمته من يشاء كما أخبرنا أنه يختص برحمته من يشاء وبفضله فالجنة في نعيمها مخالف لميزان عذاب أهل النار فأهل النار معذبون بأعمالهم لا غير وأهل الجنة ينعمون بأعمالهم وبغير أعمالهم في جنات الاختصاص فلأهل السعادة ثلاث جنات جنة أعمال وجنة اختصاص وجنة ميراث وذلك أنه ما من شخص من الجن والإنس إلا وله في الجنة موضع وفي النار موضع وذلك لإمكانه الأصلي فإنه قبل كونه يمكن أن يكون له البقاء في العدم أو يوجد فمن هذه الحقيقة له قبول النعيم وقبول العذاب فالجنة تطلب الجميع والجميع يطلبها والنار تطلب الجميع والجميع يطلبها فإن الله يقول ولو شاء لهديكم أجمعين أي أنتم قابلون لذلك ولكن حقت الكلمة وسبق العلم ونفذت المشيئة فلا راد لأمره ولا معقب لحكمه فينزل أهل الجنة في الجنة على أعمالهم ولهم جنات الميراث وهي التي كانت لأهل النار لو دخلوا الجنة ولهم جنات الاختصاص
(٣٠٢)