المركبات الركن الواحد الماء المركب مما يلي الأرض لأنه بارد رطب فلم يكن له قوة الصعود فبقي على الأرض تمسكه بما فيها من اليبوسة عليها والآخر النار وهي أكرة الأثير مما يلي السماء لأنه حار يابس فلم يكن له طبع النزول إلى الأرض فبقي مما يلي السماء من أجل حرارته واليبوسة تمسكه هناك وحدث ما بين النار والماء ركن الهواء من حرارة النار ورطوبة الماء فلا يستطيع أن يلحق بالنار فإن ثقل الرطوبة يمنعه أن يكون بحيث النار وإن طلبت الرطوبة تنزله إلى أن يكون بحيث الماء تمنعه الحرارة من النزول فلما تمانعا لم يبق إلا أن يكون بين الماء والنار لأنهما يتجاذبانه على السواء فذلك المسمى هواء فقد بان لك مراتب العناصر وماهيتها ومن أين ظهرت وأصل الطبيعة ولما دارت الأفلاك ومخضت الأركان بما حملته مما ألقت فيها في هذا النكاح المعنوي وظهرت المولدات من كل ركن بحسب ما يقتضيه حقيقة ذلك الركن فظهرت أمم العالم وظهرت الحركة المنكوسة والحركة الأفقية فلما انتهى الحكم إلى السنبلة ظهرت النشأة الإنسانية بتقدير العزيز العليم فأنشأ الله عز وجل الإنسان من حيث جسمه خلقا سويا وأعطاه الحركة المستقيمة وجعل الله لها من الولاية في العالم العنصري سبعة آلاف سنة وينتقل الحكم إلى الميزان وهو زمان القيامة وفيه يضع الله الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا ولما لم يكن الحكم له بما أودع الله فيه من العدل في الدنيا شرع الموازين فلم يعمل بها إلا القليل من الناس وهم النبيون خاصة ومن كان محفوظا من الأولياء ولما كانت القيامة محل سلطان الميزان لم تظلم نفس شيئا قال الله تعالى ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل يعني من العمل أتينا بها وكفى بنا حاسبين ولما كان للعذراء السبعة من الأعداد كانت لها السبعة والسبعون والسبعمائة من الأعداد في تضاعف الأجور وضرب الأمثال في الصدقات فقال تعالى مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء إلى سبعة آلاف إلى سبعين ألفا إلى سبعمائة ألف إلى ما لا نهاية له ولكن من حساب السبعة وإنما كانت الفروض المقدرة في الفلك الأطلس اثني عشر فرضا لأن منتهى أسماء العدد إلى اثني عشر اسما وهو من الواحد إلى العشرة إلى المائة وهو الحادي عشر إلى الألف وهو الثاني عشر وليس وراءه مرتبة أخرى ويكون التركيب فيها بالتضعيف إلى ما لا نهاية له بهذه الأسماء خاصة ويدخل الناس الجنة والنار وذلك في أول الحادية إحدى عشرة درجة من الجوزاء وتستقر كل طائفة في دارها ولا يبقى في النار من يخرج بشفاعة ولا بعناية إلهية ويذبح الموت بين الجنة والنار ويرجع الحكم في أهل الجنة بحسب ما يعطيه الأمر الإلهي الذي أودع الله في حركات الفلك الأقصى وبه يقع التكوين في الجنة بحسب ما تعطيه نشأة الدار الآخرة فإن الحكم أبدا في القوابل فإن الحركة واحدة وآثارها تختلف بحسب القوابل وسبب ذلك حتى لا يستقل أحد من الخلق بفعل ولا بأمر دون مشاركة فيتميز بذلك فعل الله الذي يفعل لا بمشاركة من فعل المخلوق فالمخلوق أبدا في محل الافتقار والعجز والله الغني العزيز ويكون الحكم في أهل النار بحسب ما يعطيه الأمر الإلهي الذي أودعه الله تعالى في حركات الفلك الأقصى وفي الكواكب الثابتة وفي سباحة الدراري السبعة والمطموسة الأنوار فهي كواكب لكنها ليست بثواقب فالحكم في النار خلاف الحكم في الجنة فيقرب حكم النار من حكم الدنيا فليس بعذاب خالص ولا بنعيم خالص ولهذا قال تعالى لا يموت فيها ولا يحيا فلم يخلصه إلى أحد الوجهين وكذلك قال صلى الله عليه وسلم أما أهل النار الذين هم أهلها فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون وقد قدمنا في الباب الذي قبل هذا صورة النعيم والعذاب وسبب ذلك أنه بقي ما أودع الله عليهم في الأفلاك وحركات الكواكب من الأمر الإلهي وتغير منه على قدر ما تغير من صور الأفلاك بالتبديل ومن الكواكب بالطمس والانتثار فاختلف حكمها بزيادة ونقص لأن التغيير وقع في الصور لا في الذوات واعلم أن الله تعالى لما تسمى بالملك رتب العالم ترتيب المملكة فجعل له خواص من عباده وهم الملائكة المهيمة جلساء الحق تعالى بالذكر لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون يسبحون الليل والنهار لا يفترون ثم اتخذ حاجبا من الكروبيين واحدا أعطاه علمه في خلقه وهو علم مفصل في إجمال فعلمه سبحانه كان فيه مجلي له وسمي ذلك الملك نونا فلا يزال معتكفا في حضرة علمه عز وجل وهو رأس الديوان الإلهي والحق من كونه عليما لا يحتجب عنه ثم عين من
(٢٩٤)