الصرف إلى المعين ولو استأجر انسان للميت من مال نفسه تطوعا عليه فهو كاستيجار المعضوب لنفسه فله الخيار ولو قدم الأجير الحج على السنة المعينة فالأقرب الجواز لأنه قد زاده خيرا وبه قال الشافعي وأما إن لم يعين الزمان بل أطلق صح العقد واقتضى الاطلاق التعجيل ولو شرط التأخير عاما أو عامين جاز ومع الاطلاق إذا لم يحج في السنة الأولى لم تبطل الإجارة لان الإجارة في الذمة لا تبطل بالتأخير وليس للمستأجر فسخ هذه الإجارة لأجل التأخير فإذا أحرم في السنة الثانية كان إحرامه صحيحا عمن استأجره وقال بعض الشافعية إذا أطلقا العقد لم يقتضى التعجيل وجاز للمستأجر (للمؤجر) التأخير مع القدرة ويثبت للمستأجر الخيار لتأخير المقصود مسألة انه سيأتي ان المواقيت الموقتة للاحرام مواضع معينة وقتها رسول الله صلى الله عليه وآله لكل إقليم ميقات معين ولا يجوز الاحرام قبلها عند علمائنا إلا لنادر على خلاف بين علمائنا فيه وكذا للمعتمر في شهر رجب إذا خاف تقضيه يجوز له الاحرام للعمرة قبل الميقات وأجمعت العامة على جواز الاحرام قبل الميقات إذا عرفت هذا فنقول إذا استأجره للحج فانتهى الأجير إلى الميقات المتعين شرعا أو بتعيينهما ان اعتبرناه فلم يحرم بالحج عن المستأجر ولكن أحرم بعمرة عن نفسه ثم أحرم عن المستأجر بعد فراغه من عمرته فإما ان لا يعود إلى الميقات بأن أحرم من جوف مكة وقع الحج عن المستأجر بحكم الاذن فكان يجوز أن يقال المأذون فيه الحج من الميقات وهذا الخصوص متعلق الفرض فلا يتناول الاذن غيره فيحط شئ من الأجرة المسماة وان وقع الحج عن المستأجر لمجاوزته الميقات فكان الواجب عليه ان يحرم منه وقال أبو حنيفة إذا أحرم عن نفسه ثم حج عن المستأجر بإحرام من مكة من غير أن يرجع إلى الميقات لم يقع فعله عن الآمر ويرد جميع النفقة إليه لأنه أتى بغير ما أمر به والأول مذهب الشافعي لأنه ما أخل إلا بما يجبره الدم فلم يسقط أجرته وفى قدر المحطوط اختلاف مبنى على أن الأجرة تقع في مقابلة أعمال الحج وحدها أو يتوزع على المسير من بلد الإجارة والأعمال فان قلنا بالثاني وهو الاظهر عند الشافعية فقولان أحدهما ان المسافة لا يحتسب له هيهنا لأنه صرفه إلى غرض نفسه حيث أحرم بالعمرة من الميقات فعلى هذا توزع الأجرة المسماة على حجة منشأة من بلد الإجارة وإحرامها من الميقات وعلى حجة منشأة من جوف مكة فإذا كانت أجرة الحجة المنشأة من بلد الإجارة مأة وأجرة الحجة المنشأة من مكة عشرة حط من الأجرة المسماة تسعة أعشارها وأصحها عندهم انها يحتسب له لأن الظاهر أنه يقصد بها تحصيل الحج الملتزم إلا أنه أراد ان يربح في سفره عمرة فعلى هذا تتوزع الأجرة المسماة على حجة منشأة من بلد الإجارة احرامها من الميقات وعلى حجة منشأة منها أيضا إحرامها من مكة فإذا كانت أجرة الأولى مأة وأجرة الثانية تسعين حط من الأجرة المسماة عشرها وإن قلنا إن الأجرة تقع في مقابلة أعمال الحج وحدها فتوزع الأجرة المسماة على حجة من الميقات وهي التي قوبلت بها وعلى حجة من جوف مكة فإذا كانت أجرة الأولى خمسة وأجرة الثانية درهمين حططنا من الأجرة ثلاثة أخماسها ولو جاوز الميقات بغير إحرام ثم أحرم بالحج عن المستأجر يلزمه دم الإساءة وسيأتى الخلاف في أن الإساءة هل ينجبر بالدم حتى لا يحط شئ من الأجرة أم لا قال بعض الشافعية ان ذلك الخلاف عائد هنا وان الخلاف في قدر المحطوط مفرع على القول في قدر الحطة ويجوز ان يقطع هنا بأنه لا ينجبر الإساءة ويفرق بأنه ارتفق ههنا بالمجاوزة حيث أحرم بالعمرة لنفسه القسم الثاني ان يعود إلى الميقات بعد الفراغ من العمرة وأحرم بالحج فان قلنا الأجرة في مقابلة الأعمال وحدها أوزعناها عليها وعلى السير واحتسبنا المسافة هنا وجبت الأجرة بتمامها وهو الاظهر عندهم وان وزعناها عليها ولم نحتسب المسافة ههنا فتوزع الأجرة على حجة منشأة من بلد الإجارة احرامها من الميقات وعلى حجة من الميقات من غير قطع مسافة ولو جاوز الميقات بلا اعتماد ثم أحرم بالحج عن المستأجر فان عاد إلى الميقات وأحرم منه عن المستأجر فلا شئ عليه ولا حط من الأجرة وان لم يعد فعليه دم الإساءة بالمجاوزة وهل ينجبر به الخلل حتى لا يحط شئ من الأجرة فيه قولان للشافعية أحدهما نعم لان الدم شرع للجبر وأظهرهما المنع لأنه نقص من العمل الذي استأجره له و الدم يجب لحق الله تعالى ولا ينجبر به حق الآدمي كما لو جنى المحرم على صيد مملوك يلزمه الضمان مع الجزاء ومنهم من قطع بالقول الثاني وعلى القول بعدم الانجبار فقدر المحطوط يبنى على الأجرة في مقابلة العمل وحده أو توزع على المسير والعمل جميعا إن قلنا بالأول وزعت الأجرة المسماة على حجة من الميقات وحجة من حيث أحرم وإن قلنا بالثاني واعتبرنا المسافة وزعت على حجة من بلدة الإجارة واحرامها من الميقات وعلى حجة منها احرامها من حيث أحرم والخلاف في اعتبار المسافة ههنا إذا رتب على الخلاف فيما إذا أحرم بعمرة عن نفسه كانت هذه الصورة أولي بالاعتبار لأنه لم يصرفها إلى غرض نفسه ثم لهم وجهان في أن النظر إلى الفراسخ وحدها أم يعتبر ذلك مع ذكر السهولة أو الخرونة والأصح عندهم الثاني ولو عدل الأجير عن طريق الميقات المتعين إلى طريق آخر ميقاته مثل ذلك الميقات أو أبعد فلا شئ عليه وهو المذهب عند الشافعية هذا كله في الميقات الشرعي أما إذا عينا موضعا آخر فإن كان أقرب إلى مكة من الميقات الشرعي فهذا الشرط فاسد مفسد للإجارة فإنه لا يجوز لمريد النسك ان يمر على الميقات غير محرم وإن كان أبعد قال الشيخ في المبسوط لا يلزمه ذلك لأنه باطل والتحقيق ان نقول إن كان المستأجر قد نذر الاحرام قبل الميقات لزمه الوفاء به عنده فإذا استأجره لذلك وجب على الأجير الوفاء به وان لم يكن قد نذر لم يلزم الأجير فعله إذا عرفت هذا فان استأجره للاحرام من قبل الميقات الشرعي وسوغناه فتجاوزه غير محرم فهل يجب على الأجير الدم في مجاوزته غير محرم للشافعية وجهان أحدهما عدم الوجوب لان الدم منوط بالميقات الواجب شرعا فلا يلحق به غيره ولان الدم يجب حقا لله تعالى والميقات الشروط إنما يتعين حقا للمستأجر والدم لا يجبر حق الآدمي وأظهرهما عندهم انه يلزم لان تعينه وإن كان لحق الآدمي فالشارع هو الذي يحكم به ويتعلق به حقه فان قلنا بالأول حط قسط من الأجرة قطعا وان قلنا بالثاني ففي حصول الانجبار الوجهان وكذلك لزوم الدم بسبب ترك المأمور به كالرمي والمبيت وان لزمه لسبب ارتكاب محظور كاللبس والقلم لم يحط شئ من الأجرة لأنه لم ينقص شئ من العمل ولو شرط على الأجير ان يحرم في أول شوال فأخره لزم الدم وفى الانجبار الخلاف وكذا لو شرط عليه ان يحج ماشيا فحج راكبا لأنه ترك شياء مقصودا مسألة أنواع الحج ثلاثة على ما يأتي تمتع وهو أفضلها وقران وإفراد فعندنا ان التمتع فرض من نأى عن مكة لا يجوز له غيره إلا مع الضرورة والقرآن والافراد فرض أهل مكة وحاضريها لا يجوز له غيرهما إلا مع الاضطرار إذا ثبت هذا فإذا استأجره ليحج عنه وجب تعيين أحد الأنواع فإذا أمره بالحج متمتعا فامتثل أجزأه اجماعا ودم المتعة لازم للأجير لأنه من مقتضيات العقد كفعل من الافعال إلا أن يشترطه على المستأجر فيلزمه وان خالفه إلى القران لم يجز لأنه لم يفعل ما استأجره فيه وإن استأجره ليفرد فتمتع أو قرن أجزأه قاله الشيخ (ره) لأنه عدل إلى الأفضل وأتى بما استؤجر فيه وزيادة وان استأجره للقران فقرن صح لأنه استأجره له والهدى الذي به يكون قارنا لازم للأجير لان إجارته تتضمنه فان شرطه على المستأجر جاز وان خالفه وتمتع قال الشيخ (ره) جاز لأنه عدل إلى ما هو الأفضل ويقع النسكان معا عن المستأجر وان أفرد لم يجزه لأنه لم يفعل ما استأجره فيه وقال الشافعي إذا أمره بالقران فامتثل وجب دم القران على المستأجر في أصح الوجهين لأنه مقتضى الاحرام الذي أمره وكانه القارن بنفسه والثاني على الأجير لأنه قد ألزم القران والدم من تتمته فعلى الأول لو شرطا ان يكون على الأجير فسدت الإجارة لأنه جمع بين الإجارة وبيع المجهول كأنه يشترى الشاة منه وهي غير معينه ولا موصوفة والجمع بين الإجارة وبيع المجهول فاسد ولو كان المستأجر معسرا فالصوم يكون على الأجير لان بعض الصوم ينبغي ان يكون في الحج والذي في الحج منهما هو الأجير وقال بعضهم هو كما لو عجز عن الهدى والصوم جميعا وعلى الوجهين يستحق الأجرة بتمامها وان عدل إلى الافراد فحج ثم اعتمر قال الشافعي يلزمه ان يرد من الأجرة ما يخص العمرة وهو محمول عند أصحابه على ما إذا كانت الإجارة على العين فإنه لا يجوز له تأخير العمل فيها عن الوقت المعين وإن كانت في الذمة فان عاد
(٣١٤)