شديدة لا تجوز النيابة عنه لأنه ربما يفيق (يطيق) فيحج بنفسه وهذا كله في حجة الاسلام وفى معناها حجة النذر والقضاء مسألة يجوز استنابة المعضوب في التطوع وللشافعي قولان وكذا يجوز استنابة الوارث للميت فيه وللشافعي قولان أصحهما الجواز وبه قال أبو حنيفة ومالك واحمد لان النيابة تدخل في فرضه فتدخل في نقله كأداء الزكاة والثاني المنع لبعد العبادات البدنية عن قبول النيابة وإنما جوز في الفرض للضرورة ولو لم يكن الميت قد حج ولا وجب عليه لعدم الاستطاعة ففي جواز الاستنابة عنه للشافعية طريقان أحدهما طرد القولين لأنه لا ضرورة إليه والثاني القطع بالجواز لوقوعه عن حجة الاسلام فان جوزنا الاستيجار للتطوع فللأجير الأجرة المسماة ويجوز أن يكون الأجير عبدا أو صبيا بخلاف حجة الاسلام فإنه لا يجوز استيجارهما عندهم ووقع الحج عن الأجير ولا يستحق المسمى وعلى هذا فالأصح ان الأجير يستحق أجرة المثل لان الأجير دخل في العقد طامعا في الأجرة وتلفت منفعة عليه وان لم ينتفع منها المستأجر فصار كما لو استأجره يحمل طعام معضوب فحمل يستحق الأجرة والثاني لا يستحق لوقوع الحج عنه إذا عرفت هذا فان الاستنابة في التطوع لا تختص بالعاجز بل الصحيح أيضا الاستنابة في حج التطوع وبه قال أبو حنيفة واحمد وقال الشافعي بالاختصاص ومنع مالك من النيابة في الفرض والتطوع وخصها بالميت مسألة قد بينا ان المريض الذي يرجى زوال علته ليس له أن يحج عنه نايبا فإن أحج غيره ثم زالت علته لم يجزئه قولا واحدا وإن مات أجزأه ذلك لأنا بينا انها لم تكن مرجوة الزوال وبه قال أبو حنيفة والشافعي في أحد القولين والثاني لا يجزئه لان الاستنابة لم تكن جايزة وعلى عكس ذلك لو كانت علته غير مرجوة الزوال فأحج عن نفسه ثم عوفي فللشافعية طريقان أظهرهما طرد القولين والثاني القطع بعدم الأداء وبه قال أبو حنيفة والفرق ان الخطاء في الصورة الأولى غير متيقن لجواز أن لا يكون المرض بحيث لا يوجب اليأس ثم يزداد فيوجبه فيجعل الحكم للمال وهنا الخطاء متيقن إذ لا يجوز ان يكون اليأس حاصلا ثم يزول والطاردون للقولين في الصورتين قالوا مأخذهما ان النظر إلى الحال أو إلى المال إن نظرنا إلى الحال لم يجزء في الصورة الأولى واجزاء في الثانية وإن نظرنا إلى المال عكسنا الحكم فيهما وقد شبهوا القولين هنا بالقولين فيما إذا رأوا سوادا فظنوه عدوا فصلوا صلاة الخوف ثم تبين خلافه هل تجزئهم الصلاة والأظهر عندهم عدم الأجزاء والمعتمد عندنا الأجزاء إذا عرفت هذا فان قلنا إن الحجة المأتي بها تجزئه استحق الأجير الأجرة المسماة لا محالة وإن قلنا لا تجزئه فهل تقع عن تطوعه أو لا تقع أصلا فيه وجهان للشافعية أحدهما انها تقع عن تطوعه وتكون العلة الناجزة عذرا لتقديم التطوع على حجة الاسلام والثاني انها لا تقع عنه أصلا كما لو استأجر صرورة ليحج عنه وعلى هذا فهل يستحق الأجير الأجرة فيه للشافعية قولان أصحهما عدم الاستحقاق لان المستأجر لا ينتفع بعمله والثاني نعم لأنه عمل له في اعتقاده فعلى هذا الوجه فما ذا يستحق الأجرة المسماة أم أجرة المثل للشافعية وجهان مأخذهما انا هل نتبين فساد الاستيجار أم لا وإن قلنا إنه يقع عن تطوعه فالأجير يستحق الأجرة وما ذا يستحق المسمى أو أجرة المثل وجهان مخرجان عن الوجهين لان الحاصل غير ما طلبه وقد منع الشافعية من جواز الحج عن المعضوب بغير إذنه بخلاف قضاء الدين عن الغير لان الحج يفتقر إلى النية بخلاف قضاء الدين وهو من أهل الاذن والنية وان لم يكن أهل المباشرة وروى عن بعضهم جواز الحج بغير اذنه مسألة الاستنابة في الحج واجبة عن ميت استقر الحج في ذمته وفرط في أدائه وهل تجب عن المعضوب أو عن مية وجب عليه الحج ولم يستقر مضى الكلام فيهما وأوجبه الشافعي على المعضوب في الجملة ولا فرق عنده بين ان يطرء العضب بعد الوجوب وبين أن يبلغ واجد المال وبه قال احمد وقال مالك لا استنابة على المعضوب بحال لأنه لا نيابة عن الحي عنده ولا حج على من لا يستطيع بنفسه وهو حسن وعند أبي حنيفة لا حج على المعضوب ابتداء ولكن لو طرأ العضب بعد الوجوب لم يسقط عنه وعليه ان ينفق على من يحج عنه وأخبارنا دلت على وجوب الاستيجار على المعضوب وقد سلف وشرطه ان يكون للمعضوب مال يستأجر به من يحج عنه وإن يكون ذلك المال فاضلا عن الحاجات المذكورة فيما لو كان يحج بنفسه إلا (انا) اعتبرنا هناك ان يكون الصرف إلى الزاد والراحلة فاضلا عن نفقة عياله إلى الإياب وهنا نعتبر أن يكون فاضلا عن نفقتهم وكسوتهم يوم الاستيجار ولا يعتبر بعد فراغ الأجير من الحج مدة إيابه وهل يعتبر مدة الذهاب الأقرب إنه لا يعتبر وهو أصح وجهي الشافعية بخلاف ما إذا كان يحج عن نفسه فإنه إذا لم يفارق أهله يمكنه تحصيل نفقتهم كما في الفطرة لا يعتبر فيها إلا نفقة اليوم وكذا في الكفارات المرتبة إذا لم يشترط تخلف رأس المال ثم ما في يده إن وفى بأجرة راكب فلا يجب وإن لم يف إلا بأجرة ماش فالأقرب في صورة وجوب الاستيجار وجوبه هنا وهو أصح وجهي الشافعية أيضا بخلاف ما كان تحج بنفسه لا يكلف المشي لما فيه من المشقة ولا مشقة عليه في المشي الذي تحمله الأجير والثاني انه لا يلزم استيجار الماشي لان الماشي على خطر وفى بذل المال في أجرته تعزير به ولو طلب الأجير أكثر من أجرة المثل لم يلزم الاستيجار وإن رضي بأقل منها لزمه ولو امتنع من الاستيجار فالأقرب إلزام الحاكم له وللشافعية وجهان أشبههما عندهم انه لا يستأجر عليه مسألة قد بينا ان شرط الاستيجار عن المعضوب وجود المال للمعضوب فلو لم يكن له مال و لكن بذل له الأجنبي مالا ليستأجر به لم يلزمه القبول كالصحيح وللشافعية في لزوم قبوله وجهان أحدهما يلزم بحصول الاستطاعة بالبذل وأصحهما انه لا يلزم لما فيه من المنة الثقيلة ولو كان الباذل واحدا من بنيه وبناته أو أولادهم للطاعة في الحج فالأقرب عدم وجوب القبول وبه قال أبو حنيفة واحمد لأنه غير مستطيع وقال الشافعي يجب لان وجوب الحج معلق بوجود الاستطاعة وقد حصلت لان الاستطاعة تارة تكون بالنفس وتارة تكون بالأنصار والأعوان ولهذا يصدق ممن لا يحسن البناء أن يقول إنا مستطيع للبناء بالأسباب والأعوان ثم شرط في باذل الطاعة أن لا يكون صرورة ولا معضوبا وأن يكون موثوقا بصدقه وإذا ظن تحقق الطاعة فهل يلزم الامر وجهان أحدهما لا لان الظن للشافعية إذا تمكن منه قد يخطى وأظهرهما عندهم نعم إذا وثق بالإجابة لحصول الاستطاعة ولو بذل المطيع الطاعة فلم يأذن المطاع فهل ينوب الحاكم عنه فيه وجهان أحدهما لا لان الحج على التراخي عندهم وإذا اجتمعت الشرايط ومات المطيع قبل أن يأذن فان مضى وقت امكان الحج استقر في ذمته وإلا فلا ولو كان له من يطيع ولم يعلم بطاعته فهو كمن له مال موروث ولم يعلم به ولو بذل الولد الطاعة ثم أراد الرجوع فإن كان بعد الاحرام لم يكن له ذلك وإن كان قبله جاز له الرجوع وهو أظهر وجهي الشافعية مسألة لو بذل الأجنبي الطاعة ففي لزوم القبول للشافعية وجهان أصحهما انه يلزم لحصول الاستطاعة كما لو كان الباذل الولد والثاني لا يلزم لأنه يثقل استخدامه بخلاف الولد لأنه بعضه والأخ والأب في بذل الطاعة كالأجنبي لان استخدامهما ثقيل ولهم قول آخر إن الأب كالابن لاستوائهما في وجوب النفقة ولو بذل الولد المال فالأقوى عدم وجوب القبول وللشافعي وجهان أحدهما يلزم كما لو بذل الطاعة وأصحهما عدمه لان قبول المال يستلزم منة عظيمة فان الانسان يستنكف عن الاستعانة بمال الغير ولا يستنكف عن الاستعانة ببدنه في الاشغال وبذل المال للابن كبذل الابن للأب أو كبذل الأجنبي للشافعية وجهان وكلما قلنا في بذل الطاعة فإنه مفروض فيما إذا كان راكبا أما إذا بذل الابن الطاعة على أن يحج ماشيا ففي لزوم القبول للشافعية وجهان أحدهما لا يلزم كما لا يلزم الحج ماشيا والثاني يلزم إذا كان قويا فان المشقة لا تناله هذا إذا كان الباذل للطاعة مالكا للزاد فان عول على التكسب في الطريق ففي وجوب القبول وجهان وهنا عدمه أولي لان المكاسب قد تنقطع في الاسفار وان لم يكن كسوبا وعول على السؤال فأولى بالمنع لان السايل قد يرد ولو كان يركب مفازة لا يجدى فيها كسب ولا سؤال لم يجب القبول إجماعا لان التغرير بالنفس حرام مسألة قد بينا جواز الاستيجار في الحج عند علمائنا وبه قال الشافعي ومالك وقال أبو حنيفة واحمد لا يجوز الاستيجار على الحج كما في ساير العبادات ولكن يرزق عليه ولو استأجر لكان ثواب النفقة للامر ويسقط عنه الخطاب بالحج ويقع الحج عن الحاج وقد تقدم القول فيه عندنا وعند الشافعي يجوز الحج بالرزق كما يجوز بالإجارة بأن يقول حج عنى وأعطيك نفقتك أو كذا ولو
(٣١٢)