وموضع ينزلون فيه لا ينتقلون عنه إلا إذا أجدب فإذا أخصب عادوا إليه فحكمهم حكم أهل المصر ومن كان معهم على أقل من مسافة القصر فكالحاضر معهم وإن كانت المسافة يقصر فيها الصلاة فكالحاضر في البلد هكذا قاله الشيخ وبه قال الشافعي والوجه عندي عدم اعتبار المسافة هنا فلو كان البلد بينه وبين الفقير دون مسافة القصر لم يجز النقل إلا مع الحاجة ولو كان بين البلدين مسافة لا يقصر فيها الصلاة لم تنقل الصدقة من أحدهما إلى الاخر وبه قال الشافعي لان أحدهما لا يضاف إلى الاخر ولا ينسب إليه مسألة قد بينا جواز التفضيل والتخصيص ولو لواحد خلافا للشافعي ولا فرق بين الامام والمالك وقد تقدم وقال الشافعي إن كان المفرق الامام وجب ان يعم الجميع بالعطاء ولا يقتصر على بعضهم ولا ان يخل بواحد منهم لان ذلك غير متعذر على الامام وقد بينا بطلانه أما آحاد الرعية فإن كان في بلد يتسع صدقته لكفاية أهل السهمان عمهم استحبابا وإن ضاق ماله عنهم جاز له الاقتصار على بعض لا يجب الثلاثة من كل صنف خلافا للشافعي حيث اعتبر الثلاثة التي هي أقل الجمع في قوله للفقراء ونحن نمنع التملك لأنها لبيان المصرف نعم هو أفضل فان تساوت حاجة الثلاثة سوى بينهم ندبا إجماعا وله التفضيل عندنا وبه قال الشافعي خلافا للامام عنده لان على الامام ان يعم فكان عليه ان يدفع على قدر الكفاية وليس على الواحد من الرعية ذلك فلم يتعين عليه قدر الكفاية فان دفع إلى اثنين واخل بالثالث مع وجوده صح الدفع ولا غرم عندنا وأوجب الشافعي الغرم لأنه أسقط حقه ولم يغرم قولان الثلث نص عليه لأنه قد كان له الاجتهاد والاختيار في التفضيل مع اعطائهم فإذا أخل بواحد سقط اجتهاده فيهم فقد تعين سهمه والثاني يدفع إليه القدر الذي لو دفعه إليه أجزأه وهو أقيس عندهم مسألة قد بينا إنه يجوز أن يعطى من يجب نفقة من غير سهم الفقراء والمساكين وهل يعط لو كان مؤلفا قال الشيخ نعم وشرط الشافعي الغنى فيه فإن كان فقيرا لم يعطه من المؤلفة لأنه يعود نفع الدفع إليه وإن كان مسافرا أعطاه ما يزيد على نفقة الحضر من سهم ابن السبيل لأجل السفر لأنه إنما يجب عليه نفقته حاضرا مسألة لو كانت الصدقة لا يمكن قسمتها بين المتعددين كالشاة والبعير جاز للمالك دفع القيمة عندنا خلافا للشافعي وقد تقدم وجاز له التخصيص لواحد به خلافا له أيضا وعلى قوله ليس للامام بيعها بل يجمعهم ويسلمه إليهم لان الامام وإن كان يلي عليهم فهو كالوكيل لهم ليس له بيع مالهم في غير موضع الحاجة فان تعذر عليه نقلها إليهم لسبب بها أو لخوف طريق جاز له بيعها وتفرقة ثمنها لموضع الحاجة مسألة لو أسلم في دار الحرب وأقام بها سنين لا يؤدى بها زكاة أو غلب الكفار أو الخوارج على بلده وأقام أهله سنين لا يؤدون الزكاة ثم غلب عليهم الامام أدوا لما مضى وبه قال مالك واحمد والشافعي لان الزكاة من أركان الاسلام فلم يسقط عمن هو في غير قبضة الامام كالصلاة والصوم وقال أصحاب الرأي لا زكاة عليهم لما مضى في المسئلتين معا ولو أيسر المالك لم تسقط الزكاة عنه إذا لم يحل بينه وبين ماله فإن حيل بينهما قبل التمكن من الأداء سقطت وقال احمد لا تسقط وان حيل بينهما لان تصرفه في ماله نافذ يصح بيعه وهبته وتوكيله فيه وقد سلف بيان اشتراط تمامية التصرف مسألة لو دفع المالك إلى غيره الصدقة ليفرقها وكان مستحقا لها فان عين المالك له لم يجز التعدي إجماعا فان للمالك الخيرة في التعيين دون غيره وان لم يعين بل اطلق فلعلمائنا قولان الجواز عملا بالأصل ولأنه مستحق لنصيب منهما وقد أمر بصرفها إلى المستحقين وابرء الذمة بالدفع إلى أربابها فجاز ان يأخذ لحصول الغاية به لقول الرضا (ع) وقد سأله عبد الرحمن بن الحجاج عن الرجل يعطى الرجل الدراهم يقسمها ويضعها في مواضعها وهو ممن تحل له الصدقة قال لا بأس ان يأخذ لنفسه كما يعطى لغيره قال ولا يجوز له ان يأخذ إذا أمره أن يضعها في مواضع مسماة إلا بإذنه والثاني المنع لان الامر بالدفع والتفريق يستلزم المغايرة بين الفاعل والقابل والأولى أقرب إذا ثبت هذا فإنه يأخذ مثل ما يعطى غيره ولا يجوز ان يفضل نفسه لقوله (ع) لا بأس ان يأخذ لنفسه كما يعطى لغيره ولقول الكاظم (ع) في رجل اعطى مالا يفرقه فيمن يحل له أله أن يأخذ منه شيئا لنفسه ولم يسم له قال يأخذ منه لنفسه مثل ما يعطى غيره ويجوز ان يدفع إلى من تجب نفقته عليه كولده وزوجته وأبويه مع الاستحقاق إجماعا وان عاد النفع إليه مسألة قد بينا انه ينبغي لقابض الصدقة الدعاء لصاحبها فيقول آجرك الله فيما أعطيت وجعله لك طهورا وبارك الله لك فيما أبقيت وفى وجوبه للشيخ والشافعي قولان تقدما وهل يقول صلى الله عليك منع منه الشافعية لان الصلاة صارت مخصوصة بالأنبياء والملائكة (على) فلا تستعمل في حق غيرهم فهو كما أن قولنا عز وجل مختص بالله تعالى فكما لا يقال محمد عز وجل وإن كان عزيزا جليلا كذا لا يقال صلى الله عليك لغير الأنبياء وقيل بالجواز لان النبي (ع) قال لآل أبى اوفى اللهم صلى على آل أبي اوفى واتفقوا على تجويز جعل غير الأنبياء تبعا كما يقال اللهم صلى على محمد وآل محمد والمراد به عند أكثر الشافعية بنو هاشم وبنو عبد المطلب الباب الثاني في زكاة الفطرة وفيه فصول الأول من يجب عليه مقدمة زكاة الفطرة واجبة بإجماع العلماء وقال ابن المنذر أجمع أهل العلم على أن صدقة الفطرة فرض وقال اسحق هو كالاجماع من أهل العلم وزعم ابن عبد البر ان بعض المتأخرين من أصحاب مالك وداود يقولون سنة مؤكدة وساير العلماء على وجوبها لقوله تعالى قد أفلح من تزكى روى عن أهل البيت (على) إنها نزلت في زكاة الفطرة ولقول رسول الله صلى الله عليه وآله فرض زكاة الفطرة من رمضان على الناس صاعا من تمر أو صاعا من شعير على كل حر وعبد ذكرا وأنثى من المسلمين ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) كل من ضممت على عيالك من حر أو مملوك فعليك أن تؤدى الفطرة عنه إذا ثبت هذا فقال أبو حنيفة إنها واجبة وليس فرضا و قال الباقون هي فرض والأصل في ذلك ان أبا حنيفة كان يخص الفرض بما ثبت بدليل مقطوع به والواجب ما ثبت بدليل مظنون وقد بينا الاجماع على الوجوب وهو قطعي وأضيفت هذه الزكاة إلى الفطرة لأنها تجب بالفطرة من رمضان وقال ابن قتيبة وقيل لها فطرة لان الفطرة الخلقة وقال تعالى فطرة الله أي جبلته وهذه يراد بها الصدقة عن البدن والنفس كما كانت الأولى صدقة عن المال مسألة البلوغ شرط في الوجوب فلا تجب على الصبى قبل بلوغه موسرا كان أو معسرا سواء كان له أب أو لا وإن وجبت على الأب عنه عند علمائنا أجمع وبه قال محمد بن الحسن والشعبي صدقة الفطرة على من صام من الأحرار والرقيق لقوله (ع) رفع القلم عن ثلاثة عن الصبى حتى يبلغ وظاهره سقوط الفرض والحكم ولأنه غير مكلف وليس محلا للخطاب فلا يتوجه اطلاق الامر إليه ومن طريق الخاصة قول الرضا (ع) وقد سئل عن الوصي يزكى زكاة الفطرة عن اليتامى إذا لم يكن لهم مال فقال لا زكاة على مال اليتيم وقول الصادق (ع) ليس في مال اليتيم زكاة وليس عليه صلاة حتى يدرك فإذا أدرك كان عليه مثل ما على غيره من الناس وأطبق الجمهور على وجوب الزكاة في ماله ويخرج عنه الولي لعموم قوله إن رسول الله صلى الله عليه وآله فرض زكاة الفطر من رمضان على الناس صاعا من تمر أو صاعا من شعير على كل حر وعبد ذكر أو أنثى ولا دلالة فيه لانصراف الوجوب إلى أهله لقوله تعالى ولله على الناس حج البيت مسألة وليس الحضر فيها شرطا بل تجب على أهل البادية عند أكثر العلماء وبه قال ابن الزبير وسعيد بن المسيب والحسن ومالك والشافعي وابن المنذر وأصحاب الرأي للعموم ولأنها زكاة فوجبت عليهم كزكاة المال قال عطا والزهري وربيعة لا صدقة عليهم وهو غلط مسألة والعقل شرط في الوجوب عند علمائنا أجمع والبحث فيه كما تقدم في الصبى وكذا لا تجب على من أهل شوال وهو مغمى عليه مسألة يشترط
(٢٤٧)