إذا انكسفت الشمس والقمر فإنه ينبغي للناس أن يفزعوا إلى الامام يصلى بهم وأيهما كسفت بعضه فإنه يجزى الرجل ان يصلى وحده ولان خسوف القمر أحد الكسوفين فاستحب فيه الجماعة كالآخر وقال أبو حنيفة يصلون للقمر فرادى وفى بيوتهم لان في خروجهم ليلا مشقة وينتقض بالتراويح تذنيب لو أدرك المأموم الامام راكعا في الأول فقد أدرك الركعة ولو أدركه في الركوع الثاني أو الثالث فالوجه انه فاتته تلك الركعة وبه قال الشافعي لان الركوع ركن فيها ولا يتحمل الامام شيا سوى القراءة لا فعل الركوع فحينئذ ينبغي المتابعة حتى يقوم في الثانية فيستأنف الصلاة معه فإذا قضى صلاته أتم هو الثانية ويجوز الصبر حتى يبتدئ بالثانية وتحتمل المتابعة بنية صحيحة فإذا سجد الإمام لم يسجد هو بل ينتظر الامام إلى أن يقوم فإذا ركع الامام أول الثانية ركع معه عن ركعات الأولى فإذا انتهى إلى الخامس بالنسبة إليه سجد ثم لحق الامام ويتم الركعات قبل سجود الثانية والوجه الأول مسألة لا خطبة لهذه الصلاة عند علمائنا أجمع وبه قال أبو حنيفة ومالك عملا بالأصل السالم عن المعارض ولأنه لو كان النبي صلى الله عليه وآله وقد خطب لنقل كما نقلت خطبة في العيد والجمعة وغيرهما وقال الشافعي تستحب الخطبة بعد الصلاة على المنبر ولم يذكر احمد الخطبة لان النبي صلى الله عليه وآله لما خسفت الشمس صلى فوصفت عايشه صلاته إلى أن قالت فلما فرغ وقد تجلت انصرف وذكر الله تعالى فاثنى عليه وقال يا أيها الناس إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله تعالى لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله تعالى وكبروا وانصرفوا ثم قال يا أمة محمد ما أحدا من غير الله تعالى ان يزنى عبده أو أمته والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا ولا حجة فيه لتضمنه الدعاء والتكبير والاعلام بحكم الكسوف وليس ذلك من الخطبة في شئ مسألة وتجب هذه الصلاة على النساء والرجال والخناثى إجماعا منا وللعموم وعند الجمهور بالأسباب لان أسماء بنت أبي بكر قالت فرغ رسول الله (ص) يوم كسفت الشمس فقام قياما فرأيت المرأة التي أكبر منى والمرأة التي أصغر منى قائمة فقلت أنا أحرى بالصبر على طول القيام إذا عرفت هذا فإنه يستحب للعجايز ومن لا هيئة لها الصلاة جماعة مع الرجال ويكره ذلك للثواب ويستحب لهن الجماعة تصلى بهن إحديهن واستحبه الشافعي مطلقا لكنه لم تستحب الخطبة لو صلين جماعة لان الخطبة ليست من سنن النساء فان قامت إحداهن وذكرتهن ووعظتهن كان حسنا عند ه ولو حصل رجل في قرية مع النساء ولا رجل سواه تقدم وصلى بهن وإن كن أجانب خلافا للشافعي إلا أن يخاف الافتتان فيصلين فرادى إذا ثبت هذا فان هذه الصلاة تجب على المسافر كما تجب على الحاضر وليس الاستيطان ولا البنيان شرطا فيها إجماعا ولا المصر ولا الامام للعموم مسألة اختلف علماؤنا في الإعادة بعد الفراغ من الصلاة قبل الانجلاء فالأشهر استحباب إعادة الصلاة لان المقتضى للمشروعية باق ولقول الصادق (ع) إذا فرغت قبل ان ينجلى فأعد وقال آخرون منا بالوجوب لثبوت المقتضى له وهو بقاء الكسوف ولهذا الحديث والحق خلافه لأصالة البراءة ولقول الباقر (ع) فإذا فرغت قبل ان ينجلى فاقعد وادع الله حتى ينجلى ونمنع كون الكسوف سببا بل علامة ووقتا والخبر محمول على الاستحباب جمعا بين الأدلة وقال آخرون منا لا تعاد الصلاة وجوبا ولا استحبابا وهو قول الجمهور كافة لأنه لم ينقل عنه (ع) التكرر ولا حجة فيه لأنه (ع) كان يطيل الصلاة بقدر زمانه إذا عرفت هذا فان الشافعي استحب الخطبة بعدها وقد بطلناه واستحب الدعاء والذكر والاستغفار والتكبير والتضرع إلى الله تعالى لقوله (ع) فافزعوا إلى ذكر الله تعالى ودعائه واستغفاره وقالت أسماء كنا نؤمر بالعتق في الكسوف ولأنه تخويف من الله تعالى فينبغي ان يبادر إلى طاعة الله ليكشفه عن عباده مسألة يصلى هذه الصلاة في أي وقت حصل السبب وإن كان أحد الأوقات الخمسة المكروهة لابتداء النوافل عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي لأنها صلاة فرض موقته فلا يتناولها النهى ولقوله صلى الله عليه وآله فإذا رأيتم ذلك فصلوا ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) وقت صلاة الكسوف الساعة التي تنكسف عند طلوع الشمس وعند غروبها ولأنها ذات سبب فجاز فعلها في الأوقات الخمسة وقال مالك وأبو حنيفة بالمنع وعن أحمد روايتان المنع أشهرهما لان عقبة بن عامر قال ثلاث ساعات كان النبي (ع) ينهانا أن نصلى فيها وان نقبر موتانا وهو مختص بالنوافل وقد بينا وجوب هذه الصلاة مسألة لو اتفق في وقت فريضة حاضرة فإن اتسع الوقتان قدم الحاضرة استحبابا لشدة اغشاء الشارع بها ولهذا سوغ قطع الكسوف والاشتغال بالحاضرة فتقديمها أولي ولو تضيق الوقتان قدمت الحاضرة وجوبا لما تقدم ثم إن فرط في صلاة الكسوف بالتأخير مع الامكان قضا وإلا فلا ولو تضيقت إحديهما تعينت للفعل ثم يصلى الأخرى بعد إكمالها ولا تجب مع إتساع الوقتين الاشتغال بالحاضرة لقول الصادق (ع) خمس صلوات لا تترك على حال إذا طفت بالبيت وإذا أردت أن تحرم وإذا نسيت فصل إذا ذكرت وصلاة الكسوف والجنازة ولا خلاف فيه فروع - آ - لو تلبس بصلاة الكسوف وتضيق وقت الحاضرة وخاف فوتها لو أتم الكسوف قطع إجماعا وصلى الحاضرة تحصيلا للفرض و لقول الصادق (ع) في صلاة الكسوف يخشى فوت الفريضة قال اقطعوها وصلوا الفريضة وعودوا إلى صلاتكم وسأله محمد بن مسلم ربما ابتلينا بعد المغرب قبل العشاء فان صلينا الكسوف خشينا ان تفوت الفريضة قال إذا خشيت ذلك فاقطع صلاتك واقض فريضتك ثم عد فيها إذا ثبت هذا فإذا قطع الكسوف وصلى الفريضة هل يعود إلى الكسوف من حيث قطع أو يستأنف الصلاة قال الشيخان والمرتضى بالأول للروايتين وفيه إشكال ينشأ من أن صلاة الفرض يبطلها العمل الكثير ودلالة الحديثين ليست قطعية لاحتمال العود إلى ابتداء الصلاة - ب - لو اشتغل بالكسوف وخشي فوت الحاضرة احتمل تقديم الحاضرة لأولويتها فيقطع الكسوف ويستأنف إتمام الكسوف لأولويته بالشروع فيه والنهى عن إتمام العمل ومساواته بالحاضرة في الوجوب ويحتمل إتمامها ان أدرك من الحاضرة بعدها ركعة وإلا استأنف - ج - لو اتسع وقت الحاضرة وشرع القرص في الكسوف أو حدثت الرياح المظلمة فالوجه تقديم الكسوف والرياح وبه قال الشافعي لجواز عدم طول اللبث فيفوت بالاشتغال بالحاضرة - د - الزلزلة متأخرة عن الحاضرة مطلقا إن قلنا وقتها العمر وإن قلنا وقتها حدوثها فيجب وإن سكنت كما قاله بعض علمائنا وكالكسوف - ه - لو اتفقت مع صلاة منذورة موقتة بدئ بما تخشى فواته ولو أمن فواتهما تخير فيهما - و - الكسوف أولي من النافلة الموقتة كصلاة الليل وغيرها وإن خرج وقتها ثم يقضى ندبا - ز - لو اجتمع الكسوف والعيد وصلاة الجنازة والاستسقاء قدم من الفرايض ما يخشى فواته أو التغير وإن تساويا تخير أما الاستسقاء فتؤخر لان المندوب لا يزاحم الواجب وقال الشافعي تقدم الجنازة لأنها فرض وللخوف من التغير ثم الخسوف لتعلقها بسبب يخاف فواته إلا أن تتضيق العيد فتقدم لان فواته محقق وفوات الخسوف غير محقق ثم الاستسقاء لأنها تصلى في أي وقت كان لا يقال لا يمكن إجتماع العيد والكسوف لان الشمس لا تنكسف في العادة إلا في التاسع والعشرين من الشهر فلا يتصور كونه في الفطر ولا الأضحى لأنا نقول نمنع عدم الامكان فالعادة لا يخرج نقيضها عن حد الامكان والله على كل شئ قدير والفقهاء يفرضون الممكن وان لم يقع عادة ليبينوا الاحكام المنوطة بها كما يفرضون مائة جدة وما أشبه ذلك ثم هذا لا يرد علينا لأن هذه الصلاة لا تختص بكسوف الشمس بل هي واجبة كباقي الآيات الخارجة عن الضابط الزماني - ح - لو خاف خروج وقت العيد قدمت صلاته ولم يخطب لها حتى يصلى الخسوف فإذا صلى الخسوف خطب للعيد خاصة عندنا وعند الشافعي يخطب لهم أو ذكر ما يحتاج إلى ذكره لهما - ط - لو اجتمع الخسوف والجمعة فان اتسع وقت الجمعة بدأ بالخسوف ويقصر في قرائته فيقرأ السور القصار فإذا
(١٦٥)