كان ضيقا لا يسع الناس خرج إلى المصلى ونحن قد بينا استحباب الصلاة بمكة في مسجدها دون غيرها ولو كان هناك مطر استحب ان يصلى في المسجد لان النبي صلى الله عليه وآله صلى في مسجده يوم مطر إذا ثبت هذا فإنه لا ينبغي للامام ان يخلف أحدا يصلى العيدين في المساجد لضعفة الناس لان العاجز يسقط عنه فيصليها مستحبا ولقول الباقر (ع) قال الناس لأمير المؤمنين (ع) ألا تخلف رجلا فيصلى العيدين بالناس فقال لا أخالف السنة وقال الشافعي يستحب ذلك لان عليا (ع) استخلف أبا مسعود يصلى بهم في المسجد وهو ممنوع لان عليا (ع) قيل له لو امرت من يصلى بضعفة الناس هو نافى المسجد الأكبر قال انى ان امرت رجلا يصلى امرته ان يصلى بهم أربعا رواه الجمهور مسألة ويستحب الخروج ماشيا على سكينة و وقار ذاكرا باجماع العلماء لان النبي (ص) لم يركب في يوم عيد ولا جنازة وقال علي (ع) من السنة ان تأتى العيد ماشيا وترجع ماشيا وأن تكون حافيا لأنه أبلغ في الخضوع لان بعض الصحابة كان يمشى إلى الجمعة حافيا وقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول من اغبرت قدماه في سبيل الله حرمهما الله على النار ومشى الرضا (ع) إلى المصلى حافيا ولو كان هناك عذر يمنع المشي جاز الركوب اجماعا وفى العود يستحب المشي أيضا الا من عذر لان النبي (ع) كان يخرج إلى العيد ماشيا ويرجع ماشيا ولما تقدم في حديث علي (ع) مسألة وقت الخروج إلى العيد بعد طلوع الشمس لان النبي صلى الله عليه وآله كان يخرج في يوم الفطر والأضحى فأول شئ يبدأ به الصلاة ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) فإذا طلعت خرجوا وقال سماعة سألته عن الغدو إلى المصلى في الفطر والأضحى فقال بعد طلوع الشمس وقال الشافعي يستحب لغير الامام التكبير ليأخذ الموضع ويستحب ان يسجد على الأرض لان الصادق (ع) أتى بخمرة يوم الفطر فأمر بردها وقال هذا يوم كان رسول الله صلى الله عليه وآله يحب ان ينظر إلى آفاق السماء ويضع جبهته على الأرض مسألة يستحب ان يطعم في الفطر قبل خروجه فيأكل شيئا من الحلوة وبعد عوده في الأضحى مما يضحى به وهو قول أكثر العلماء لان النبي صلى الله عليه وآله كان لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم ولا يطعم يوم الأضحى حتى يرجع وقال ابن المسيب كان المسلمون يأكلون يوم الفطر قبل الصلاة ولا يفعلون ذلك يوم النحر ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) أطعم يوم الفطر قبل ان تصلى ولا تطعم يوم الأضحى حتى ينصرف الامام ولان الصدقة قبل الصلاة فاستحب الاكل يتشارك المساكين فيه بخلاف الأضحى لان الصدقة فيه بالأضحية بعدها ولان الفطر واجب فاستحب تعجيله لاظهار المبادرة إلى طاعة الله تعالى وليتميز عما قبله من وجوب الصوم وتحريم الاكل بخلاف يوم النحر حيث لم يتقدم صوم واجب وتحريم الاكل فاستحب تأخير الاكل منه ليتميز عن الفطر وقال احمد إن كان له ذبح اخر والا فلا يبالي ان يطعم قبل خروجه وليس بشئ نعم لو لم يقدر على الصبر جاز ان يطعم قبل الخروج للعذر قال الباقر (ع) لا تأكل يوم الأضحى الا من أضحيتك ان قويت وان لم تقو فمعذور إذا ثبت هذا فإنه يستحب ان يأكل في الفطر شيئا من الحلوة لان النبي (ع) قل ما كان يخرج يوم الفطر حتى يأكل تميرات (تمرات) ثلاثا أو خمسا أو سبعا وأقل من ذلك أو أكثر مسألة الأذان والإقامة في صلاة العيدين بدعة عند علمائنا أجمع وهو قول علماء الأمصار لان جابر بن سمرة قال صليت مع النبي صلى الله عليه وآله غير مرة ولا مرتين بغير أذان ولا إقامة ومن طريق الخاصة قول إسماعيل بن جابر سألت الصادق (ع) صلاة العيدين فيهما أذان وإقامة قال لا ولكن ينادى الصلاة ثلاث مرات وروى أن ابن الزبير أذن وأقام لصلاة العيدين قال ابن المسيب أول من أذن لصلاة العيد معاوية لأنها صلاة يسن لها الاجتماع فسن ولها الاذان كالجمعة وهو غلط لأنه قياس مناف للاجماع فرعان الأول ينبغي أن يقول المؤذن عوض الاذان الصلاة ثلاثا لما تقدم في حديث الصادق (ع) وبه قال الشافعي وأكثر الفقهاء وقال احمد لا يستحب شئ من الألفاظ لقول جابر لا أذان ولا إقامة يوم الفطر ولا نداء ولا شئ ولا نداء يومئذ ولا إقامة وهو غير مصروف إلى النداء المعهود للصلاة وهو الاذان وهو قول جابر ليس حجة بل ضده أولي لان التنبية على الصلاة مطلوب للشارع إذ قد يخفى اشتغال الامام بالصلاة الثاني لو قال الصلاة جامعة أو هلموا إلى الصلاة جاز لكن الأفضل ان يتوقى الفاظ الاذان مثل حي على الصلاة مسألة لا ينقل المنبر من موضعه بل يعمل منبر من طين لان النبي صلى الله عليه وآله لم ينقله وقال الصادق (ع) لا يحرك المنبر من موضعه ولكن يصنع شبه المنبر من طين يقوم عليه فيخطب الناس وعليه اجماع العلماء مسألة يستحب التكبير في عيد الفطر عند أكثر علمائنا وبه قال الشافعي ومالك واحمد وأبو حنيفة في رواية لقوله تعالى وتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم قال المفسرون لتكملوا عدة شهر رمضان ولتكبروا الله عند اكماله ولان عبد الله بن عمر روى أن النبي صلى الله عليه وآله كان يخرج يوم الفطر والأضحى رافعا صوته بالتكبير ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) إما ان في الفطر تكبيرا ولكنه مستحب وكان علي (ع) يكبر وكذا باقي الصحابة وقال بعض علمائنا بوجوبه وبه قال داود الظاهري للآية وليست أمرا بل هي اخبار عن ارادته تعالى في قوله يريد بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هديكم ولأنه تكبير شرع يوم عيد فلا يكون واجبا كالتكبير في الأضحى وقال أبو حنيفة لا يكبر في الفطر وقال النخعي انما يفعل ذلك الحواكون لان ابن عباس سمع التكبير يوم الفطر فقال ما شأن الناس فقلت يكبرون فقال أمجانين الناس ولا حجة فيه لمعارضته فعل النبي صلى الله عليه وآله وفعل علي عليه السلام وباقي الصحابة على أن ابن عباس كان يقول يكبرون مع الامام ولا يكبرون منفردين وهو خلاف ما قالوه مسألة وهو عقيب أربع صلوات أولاهن مغرب ليلة الفطر وآخرهن صلاة العيد وقال الشافعي أوله إذا غربت الشمس من آخر يوم من شهر رمضان وبه قال سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحرث بن هشام هؤلاء من الفقهاء السبعة وهو قول أبى سلمة بن عبد الرحمن وزيد بن أسلم فيندرج فيه ما تقدم من الصلوات الأربع لان التكبير في الأضحى عقيب الصلوات فيكون الفطر كذلك ولان التكبير عقيب الفرائض يحصل معه الامتثال فيكون الزايد منفيا بالأصل ولقول الصادق (ع) وقد سئل عن التكبير أين هو في ليلة الفطر في المغرب والعشاء والفجر وصلاة العيد ولان الغروب سبب لصلاة المغرب فينبغي تقديمها ولان الغروب زمان بين إكمال العدة وبين صلاة العيد بالنهار وقال مالك والأوزاعي وأبو حنيفة وأصحابه واحمد التكبير يوم الفطر دون ليلته لما روى عن علي (ع) وهو ممنوع وقال أبو ثور وأبو إسحاق من الشافعية يكبر إذا غدا إلى المصلى واما آخره فصلوة العيد كما تقدم فإنه يكبر عقيبها كما قلناه على الأشهر وزاد ابن بابويه عقيب ظهر العيد وعصره أيضا وللشافعي أربعة أقوال أحدها اخر خروج الامام إلى الصلاة نقله المزني ثانيها رواية البرنطي آخره افتتاح الامام الصلاة وثالثها قال في القديم حتى ينصرف الامام من الصلاة الرابع رواية أبى حامد حتى ينصرف الامام من الصلاة والخطبتين ثم قسم الشافعي التكبير إلى مطلق في جميع الأحوال وهو مستحب والى مقيد يختص بادبار الصلوات وفى استحبابه وجهان الاستحباب لان كل زمان استحب فيه التكبير المرسل استحب فيه التكبير المختص بادبار الصلوات كالأضحى وعدمه لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وآله انه فعله و قد بينا انه مستحب وعلى تقدير الاستحباب قال إنه يستحب في صلوات خاصة المغرب والعشاء ليلة الفطر وصبح الفطر إذا عرفت هذا فإنه رفع الصوت به لان فيه اظهارا لشعاير الاسلام وتذكيرا للغير مسألة يكبر في الأضحى بمنى عقيب خمس عشرة صلاة أولها ظهر النحر وآخرها صبح الثالث من أيام التشريق عند علمائنا أجمع
(١٦٠)