صاحب الكفاية على الاطراد، ويفهم منه أن تصور صاحب الكفاية عن الاطراد هو المعنى الثالث، ثم قال - أي السيد الصدر -: " وهذا الاعتراض متجه ".
وأما اعتراض صاحب الكفاية على الاطراد فمعروف، وحاصله: أن الاطراد كما يكون في استعمال اللفظ في معناه الحقيقي يكون في استعماله في معناه المجازي أيضا، فلا يكون علامة على الحقيقة.
بيان ذلك: أنه بعد ملاحظة وجه الشبه بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي، كالشجاعة المشتركة بين الأسد والرجل الشجاع، فيكون استعمال لفظ " الأسد " في الرجل الشجاع مطردا ولو على نحو المجاز.
ونقل صاحب الكفاية عن بعضهم محاولة دفع الإشكال بإضافة قيد إلى تعريف الاطراد، وهو عبارة " على وجه الحقيقة "، فبهذا القيد يخرج الاطراد في المعنى المجازي عما نحن بصدده.
لكن استشكل على ذلك أيضا: بأنه يلزم الدور، لأن معرفة المعنى الحقيقي تتوقف على الاطراد، وعلامية الاطراد للمعنى الحقيقي تتوقف - بحسب القيد المذكور - على معرفة المعنى الحقيقي (1).
ولهم محاولات لدفع إشكال الدور، تراجع فيها المطولات.
أقول: لكن لا ظهور لكلام صاحب الكفاية في المعنى الثالث، نعم الذي له ظهور في هذا المعنى - بل هو صريح فيه - هو كلام الإصفهاني حيث قال ما حاصله: أنه إذا أطلق لفظ باعتبار معنى كلي على فرد يقطع بعدم كون ذلك الفرد - من حيث كونه فردا لذلك الكلي - من المعاني الحقيقية لذلك اللفظ، لكن يشك في أن المعنى الكلي من المعاني الحقيقية أم لا؟
فإذا كانت صحة إطلاق اللفظ على ذلك المعنى الكلي مطردة كشفت عن كونه حقيقة فيه، وإلا فلا.
مثاله: لو شاهدنا أن لفظ " الأسد " يستعمل في مفهوم " الحيوان المفترس "، وشاهدنا صحة إطلاق لفظ " الأسد " على الذئب، لا لأن الذئب من أفراد الأسد للقطع بعدمه، بل لكونه من أفراد الحيوان المفترس، واطرد هذا الاستعمال - أي استعمال لفظ الأسد في أفراد الحيوان المفترس كالنمر والفهد وغيرهما - لكشف عن كون استعمال الأسد في المعنى الكلي - وهو الحيوان المفترس - على وجه الحقيقة لا المجاز.
وهذا بخلاف مفهوم " الشجاع "، فإن " الأسد " يستعمل في بعض أفراد هذا المفهوم الكلي، وهو " الرجل الشجاع " مثلا، ولا يستعمل في بعض أفراده الاخر، مثل " النملة الشجاعة " مثلا، فيعلم أن مفهوم " الشجاع " ليس معنى حقيقيا للأسد، لعدم اطراد استعماله فيه (1).
وقد جعل الإمام الخميني هذا الوجه في تفسير الاطراد من أمتن الوجوه، لكن أرجعه