فنكتة الإشكال عنده هي: خلو العقد من القصد - أي قصد مفاد العقد ومدلول صيغته - وخلوه من الرضا بمضمون العقد. وكأن الأول متوقف على الثاني، ولما لم يكن الرضا حاصلا حين العقد، فالقصد غير حاصل آنذاك، فإذا لم يتحقق القصد إلى العقد لم يتحقق العقد أصلا.
وقال الأردبيلي بعد نقل عبارة العلامة في الإرشاد، وهي شبيهة بعبارة القواعد المتقدمة: " إن الاستثناء غير واضح، بل الظاهر البطلان حينئذ، لعدم حصول القصد، بل وعدم صدور العقد عن تراض، والظاهر اشتراطه على ما هو ظاهر الآية، ولأنه لا اعتبار بذلك الإيجاب في نظر الشارع، فهو بمنزلة العدم، وهو ظاهر، لعدم الفرق بينه وبين غيره من الطفل وغيره ".
إلى أن قال: " إلا أن المشهور الصحة، وما نعرف لها دليلا... " (1).
والنكتة المهمة في كلامه هي التي ذكرها المحقق الثاني، وزاد عليها النقض بسائر فاقدي الشرائط، مثل غير البالغ، فإنه لا يصح عقده بعد حصول شرطه وهو البلوغ.
وقال السبزواري بعد ذكر شرائط المتبايعين:
" قالوا: ولو رضي كل بما فعل بعد زوال عذره لم يصح عدا المكره استنادا إلى تعليلات اعتبارية من غير نص، فالمسألة محل إشكال " (2).
وقال النراقي: " والحق فيه: عدم التأثير "، وعلله: بأن البيع لا يصدق على مجرد الصيغة من دون قصد، ولا على الإجازة وحدها بعد العقد، ولا على مجموع الأمرين الإجازة والعقد منفصلين وخاصة إذا كانت الفاصلة الزمنية بينهما كثيرة، ولا دليل آخر على صحة مثل هذا العقد، فمقتضى الأصول المسلمة عدم صحته (1).
وقال صاحب الرياض بعد دعوى الاتفاق على الصحة ومناقشة أدلة القائلين بالصحة: " فإن كان عليها إجماع، وإلا فالمسألة محل مناقشة " (2).
وقال صاحب الجواهر - بعد بحث طويل عن حقيقة عقد المكره وهل هو قاصد لمدلوله أم لا؟ -:
"... وحينئذ فالمتجه بناء البحث على ذلك، فالمكره القاصد للفظ - على نحو سائر أفعال العقلاء كالمكره على الأكل والشرب ونحوهما - حكمه حكم الفضولي، والمكره الذي قد جرد نفسه من قصد العقد بما يتلفظ به على وجه لم يصدر منه إلا اللفظ الصرف باطل وإن تعقبه الرضا بعد ذلك، لفوات القصد، ولعل إطلاق الأصحاب الصحة في المكره مبني على غلبة كونه بالمعنى الأول، ضرورة عدم منافاة الإكراه لذلك، فتأمل جيدا " (3).
وبناء على كلامه الأخير لا ينبغي أن يعد مخالفا للمشهور.