الأمر مدار صدق عنوان التسبيب أو التسبب إلى الحرام وعدمه، فإذا صدق أحد العنوانين على عدم الإعلام، وجب الإعلام وحرم تركه، وإذا لم يصدق لم يحرم. ولذلك استشكل في صدق عنوان التسبب إلى الحرام على بيع الدهن النجس ونحوه أو إعارته من دون إعلام النجاسة. نعم في الموارد التي يعتمد المشتري على البائع كما في بيع الجلود، حيث إن الأصل فيها النجاسة إلا مع إحراز كونها جلود حيوانات مذكاة، ويتحقق هذا الإحراز بشرائه من مسلم، ففي هذه الصورة يكون البيع مع عدم إعلام النجاسة تسببا إلى الحرام (1).
هذا ما استفيد من مجموع كلامه في المستمسك، إلا أنه صرح في المنهاج بوجوب إعلام نجاسة المبيع للمشتري (2).
وأما السيد الخوئي فقد بنى المسألة على أمرين:
الأول - أن المفاسد الواقعية المترتبة على المحرمات لا ترتفع بسبب الجهل، فالمفاسد المترتبة على الخمر تترتب على شاربها، سواء كان عالما بكون ما شربه خمرا أو جاهلا به، وسواء علم الشارب بحرمة شربه أو لا.
الثاني - أن المحرمات الواقعية كما يريد الشارع من المكلف أن لا يرتكبها هو فكذلك يريد منه أن لا يغر غيره بارتكابها، فلذلك يكون تغرير الجاهل لارتكاب الحرام محرما أيضا.
واستنادا إلى هاتين المقدمتين، فكلما صدق عنوان تغرير الجاهل لارتكاب الحرام على عدم الإعلام، كان محرما. ومنه بيع المتنجس للمشتري مع عدم الإعلام، لأن ذلك تغريرا له وجعله يرتكب الحرام الذي تترتب عليه المفسدة الواقعية.
هذا إذا صدق عنوان " التغرير " وأما لو لم يصدق لم يكن عدم الإعلام محرما، كمن باع النجس ممن يعلم بأنه لا يستعمله في الأكل (1).
ومن موارد عدم صدق التغرير ما لو رأى شخصا يأكل النجس أو يشربه جهلا، ولذلك لا يجب إعلامه بالنجاسة.
هذا ما أفاده في مصباح الفقاهة، وأما ما أفاده في التنقيح فحاصله:
أن الملاك في وجوب الإعلام هو أن يكون عدمه تسبيبا إلى الحرام كما إذا قدم الطعام النجس إلى الغير ليأكله من دون إعلامه بنجاسته، ومن هذا القبيل بيع المتنجس للغير من دون إعلامه بنجاسته، فإن عدم الإعلام تسبيب إلى أكل النجس، ولذلك صرح بوجوب الإعلام في مسألة بيع المتنجس في المنهاج أيضا (2).
وأما إذا لم يصدق التسبيب فلا يجب الإعلام