وهذا حرام على الأقوى.
الثالث - أن يكون من قبيل إيجاد الداعي على صدور فعل الحرام من الغير، كأن يسب آلهة الكفار بحيث ينتهي إلى سب الحق عنادا.
وهذا حرام أيضا.
الرابع - أن يكون من قبيل إيجاد شرط الفعل الحرام - غير الداعي - كبيع العنب ممن يعلم أنه يصنعه خمرا.
وأحال حكمه على محله، واختار هناك الحرمة لو كان ترك البيع علة تامة لعدم تحقق الحرام، وهو صنع الخمر، وعدم الحرمة لو لم يكن كذلك (1).
الخامس - أن يكون من قبيل السكوت أمام المنكر وعدم النهي عنه، وهذا حرام مع توفر شروط النهي عن المنكر.
السادس - أن يكون من قبيل سكوت العالم عن صدور الحرام عن الجاهل، لأن إرشاد العالم الجاهل يمنعه من ارتكاب الحرام، كمن يرى شخصا يشرب الخمر باعتقاد أنه ماء جهلا منه، فإرشاد العالم له وإخباره بأنه خمر يمنعه عن شربه.
واختار في هذه الصورة عدم وجوب الإعلام إلا إذا كان الفعل المحرم مهما جدا، كإراقة دم معصوم، أو هتك عرض مصون، أو إيجاد ضرر مالي كبير، فيجب الإعلام حينئذ. فإذا رأى شخصا يريد أن يقتل بريئا باعتقاد كونه مهدور الدم وجب عليه إرشاد الجاهل وإعلام كونه بريئا، بل يجب دفعه حينئذ إن لم يفد مجرد الإعلام.
أما في غير الموارد الثلاثة المتقدمة فلا يجب الإعلام إلا إذا كان الفاعل جاهلا بأصل الحكم كجهله بحرمة الخمر، فالواجب إرشاده وإعلام كون شربه حراما.
وهذا ليس من باب حرمة التسبيب، لعدم صدقه هنا، بل من باب وجوب تبليغ الأحكام وإرشاد الجاهل بها، كما تقدم تفصيله في عنوان " إرشاد " (1).
وأما السيد الحكيم، فالحاصل من مجموع كلامه في موارد متعددة: أن في مورد الأكل والشرب يجب الإعلام بالنجاسة، سواء صدق عنوان التسبيب أو التسبب إلى الحرام على عدم الإعلام أو لا، وذلك لرواية معاوية بن وهب في الزيت المتنجس: " بعه وبينه لمن اشتراه ليستصبح به " فإن الاستصباح ليس مطلوبا ذاتيا، لكن لما كان السبب لوجوب الإعلام إنما هو اجتناب أكله، وكان الاستصباح ملازما لعدم الأكل دائما، لأنه الفائدة المنحصرة فيه آنذاك، فلذلك أمر الإمام (عليه السلام) بتبيين نجاسة الدهن ليستصبح به.
ولذلك لو رأى الإنسان شخصا يأكل النجس أو يشربه وجب عليه إعلامه بالنجاسة، فضلا عما إذا وهبه أو باعه مأكولا نجسا.
وأما في غير موارد الأكل والشرب، فيدور