والألفاظ من عالم الحروف فالحروف للكلمات مواد كالماء والتراب والنار والهواء لإقامة نشأة أجسامنا ثم نفخ الروح فيه الأمري فكان إنسانا كما قبلت الرياح عند استعدادها نفخ الروح الأمري فكان جانا كما قبلت الأنوار عند استعدادها نفخ الروح فكانت الملائكة ومن الكلم ما يشبه الإنسان وهو أكثرها ومنها ما يشبه الملائكة والجن وكلاهما جن وهو أقلها كالباء الخافضة واللام والخافضة والمؤكدة وواو القسم وبائه وتائه وواو العطف وفائه والقاف من ق والشين من ش والعين من ع إذا أمرت بها من الوقاية والوشي والوعي وما عدا هذا الصنف المفرد فهو أشبه شئ بالإنسان وإن كان المفرد يشبه باطن الإنسان فإن باطن الإنسان جان في الحقيقة فلما كان عالم الحركات لا يوجد إلا بعد وجود الذوات المتحركة بها وهي الكلمات المنشآت من الحروف أخرنا الكلام عليها عن فصل الحروف إلى فصل الألفاظ ولما كانت الكلمات التي أردنا أن نذكرها في هذا الباب عن جملة الألفاظ أردنا أن نتكلم في الألفاظ على الإطلاق وحصر عالمها ونسبة هذه الحركات منها بعد ما نتكلم أولا على الحركات على الإطلاق ثم بعد ذلك نتكلم على الحركات المختصة بالكلمات التي هي حركات اللسان وعلاماتها التي هي حركات الخط ثم بعد ذلك نتكلم على الكلمات التي توهم التشبيه كما ذكرناه ولعلك تقول هذا العالم المفرد من الحروف الذي قبل الحركة دون تركيب كباء الخفض وشبهه من المفردات كنت تلحقه بالحروف لانفراده فإن هذا هو باب التركيب وهو الكلمات قلنا ما نفخ في باء الخفض الروح وأمثاله من مفردات من الحروف أرواح الحركات ليقوموا بأنفسهم كما قام عالم الحروف وحده دون الحركات وإنما نفخ فيه الروح من أجل غيره فهو مركب ولذلك لا يعطي ذلك حتى يضاف إلى غيره فيقال بالله وتالله ووالله لأعبدن وسأعبد أقنتي لربك واسجدي وما أشبه ذلك ولا معنى له إذا أفردته غير معنى نفسه وهذه الحقائق التي تكون عن التركيب توجد بوجوده وتعدم بعدمه فإن الحيوان حقيقته لا توجد أبدا إلا عند تألف حقائق مفردة معقولة في ذواتها وهي الجسمية والتغذية والحس فإذا تألف الجسم والغذاء والحس ظهرت حقيقة الحيوان ليس هي الجسم وحده ولا الغذاء وحده ولا الحس وحده فإذا أسقطت حقيقة الحس وألفت الجسم والغذاء قلت نبات حقيقة ليست الأولى ولما كانت الحروف المفردة التي ذكرناها مؤثرة في هذا التركيب الآخر اللفظي الذي ركبناه لإبراز حقائق لا تعقل عند السامع إلا بها لهذا شبهناها لكم المتوصل بالعالم الروحاني كالجن ألا ترى الإنسان يتصرف بين أربع حقائق حقيقة ذاتية وحقيقة ربانية وحقيقة شيطانية وحقائق ملكية وسيأتي ذكر هذه الحقائق مستوفى في باب المعرفة للخواطر من هذا الكتاب وهذا في عالم الكلمات دخول حرف من هذه الحروف على عالم الكلمات فتحدث فيه ما تعطيه حقيقتها فافهم هذا فهمنا الله وإياكم سرائر كلمه (نكتة وإشارة) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أوتيت جوامع الكلم وقال تعالى وكلمته ألقاها إلى مريم وقال وصدقت بكلمات ربها وكتابه ويقال قطع الأمير يد السارق وضرب الأمير اللص فمن ألقى عن أمره شئ فهو ألقاه فكان الملقي محمد ع ألقى عن الله كلمات العالم بأسره من غير استثناء شئ منه البتة فمنه ما ألقاه بنفسه كأرواح الملائكة وأكثر العالم العلوي ومنه أيضا ما ألقاه عن أمره فيحدث الشئ عن وسائط كبرة الزراعة ما تصل إلى أن تجري في أعضائك روحا مسبحا وممجدا إلا بعد أدوار كثيرة وانتقالات في عالم وتنقلب في كل عالم من جنسه على شكل أشخاصه فرجع الكل في ذلك إلى من أوتي جوامع الكلم فنفخ الحقيقة الإسرافيلية من المحمدية المضافة إلى الحق نفخها كما قال تعالى ويوم تنفخ في الصور بالنون وقرئ بالياء وضمها وفتح الفاء والنافخ إنما هو إسرافيل ع والله قد أضاف النفخ إلى نفسه فالنفخ من إسرافيل والقبول من الصور وسر الحق بينهما هو المعنى بين النافخ والقابل كالرابط من الحروف بين الكلمتين وذلك هو سر الفعل الأقدس الأنزه الذي لا يطلع عليه النافخ ولا القابل فعلى النافخ أن ينفخ وعلى النار أن تتقد والسراج أن ينطفئ والاتقاد والانطفاء بالسر الإلهي فنفخ فيها فتكون طائرا بإذن الله قال تعالى ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون والنفخ واحد والنافخ واحد والخلاف في المنفوخ فيه بحكم الاستعداد وقد خفي السر الإلهي بينهما في كل حالة فتفطنوا يا إخواننا لهذا الأمر الإلهي واعلموا أن الله
(٨٥)