يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرا فهو خير له وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون يقول من يطيق الصوم قد خيرناه بين الصوم والإطعام فانتقل من وجوب معين إلى وجوب غير معين عند المكلف وإن كان محصورا وقد علم الله ما يفعل المكلف من ذلك فألحقه بالتطوع فإن كل واحد منهما غير واجب بعينه فأي شئ اختار كان تطوعا منه به إذ له أن يختار الآخر دونه ثم رجح الله له الصوم الذي هو له ليقوم به إذ صفة الصوم من حيث ما هي عبادة لا مثل له فإن قلت فالإطعام صفته أيضا فإنه المطعم قلنا لو ذكر الإطعام دون الفدية لكان ولما قرن بالإطعام الفداء وأضافه إليه كان كان المكلف وجب عليه الصوم والله لا يجب عليه شئ في الأدب الوضعي الحقيقي إلا ما أوجبه على نفسه ومن حصل تحت حكم الوجوب فهو ما سور تحت سلطانه فتعين الفداء وكان الإطعام فراعى الله الصوم هناك فجعله خيرا له فإنه صفته أ لا تراه يقول وفديناه بذبح عظيم من أسر الهلاك إن كنتم تعلمون قد تكون أن هنا بمعنى ما يقول ما كنتم تعلمون أن الصوم خير من الإطعام لولا ما أعلمتكم ويكون معناها أيضا إن كنتم تعلمون الأفضل فيما خيرتكم فيه فقد أعلمتكم يعني مرتبة الصوم ومرتبة الإطعام ثم قال شهر رمضان يقول شهر هذا الاسم الإلهي الذي هو رمضان فأضافه إلى الله تعالى من اسمه رمضان وهو اسم غريب نادر الذي أنزل فيه القرآن يقول نزل القرآن بصومه على التعيين دون غيره من الشهور هدى أي بيانا للناس والقرآن الجمع فلهذا جمع بينك وبينه في الصفة الصمدانية وهي الصوم فما كان فيه من تنزيه فهو لله فإنه قال الصوم لي ومن كونه عبادة فهو لك هدى أي بيانا للناس على قدر طبقاتهم وما رزقوا من الفهم عنه فإن لكل شخص شربا في هذه العبادة وبينات فكل شخص على بينة تخصه بقدر ما فهم من خطاب الله في ذلك من الهدى وهو التبيان الإلهي والفرقان فإنه جمعك أولا معه في الصوم بالقرآن ثم فرقك لتتميز عنه بالفرقان فأنت أنت وهو هو في حكم ما ذكرناه من استعمالك فيما هو له وهو الصوم فهو له من باب التنزيه وهو لك عبادة لا مثل لها فمن شهد منكم الشهر فليصمه يقول فليمسك نفسه في هذه الشهرة يعني ينزهها بالذلة والافتقار حتى تعظم فرحته عند الفطر ومن كان مريضا مائلا والمرض الميل أو محبوسا فإن المريض في حبس الحق أو على سفر سلوك في الأسماء الإلهية عم ذوق أو مسافرا عنه إلى الأكوان فعدة من أيام أخر أيام معدودات لا يزاد فيها ولا ينقص منها يريد الله بكم اليسر فيما خاطبكم به من الرفق في التكليف ولا يريد بكم العسر وهو ما يشق عليكم أكد بهذا القول قوله وما جعل عليكم في الدين من حرج فعرف اليسر هنا بالألف واللام يشير إلى اليسر المذكور المنكر في سورة ألم نشرح أي ذلك اليسر أردت بكم وهو قوله فإن مع العسر يسرا في عسر المرض يسر الإفطار ثم إن مع العسر عسر السفر يسرا يسر الإفطار أيضا فإذا فرغت من المرض أو السفر فانصب نفسك للعبادة وهو الصوم يقول اقضه وإلى ربك فارغب في المعونة كان شيخنا أبو مدين رحمه الله يقول في هذه الآية فإذا فرغت من الأكوان فانصب قلبك لمشاهدة الرحمن وإلى ربك فارغب في الدوام وإذا دخلت في عبادة فلا تحدث نفسك بالخروج منها وقل يا ليتها كانت القاضية ولتكملوا العدة برؤية الهلال أو بتمام الثلاثين ولتكبروا الله تشهدوا له بالكبرياء تفردوه به ولا تنازعوه فيه فإنه لا ينبغي إلا له سبحانه فتكبروه عن صفة اليسر والعسر فإنه قال في الإعادة وهو أهون عليه فهو أعلم بما قال واحذر من تأويلك وحمله عليك فكبره عن هذا على ما هداكم أي وفقكم لمثل هذا وبين لكم ما تستحقونه مما يستحقه تعالى ولعلكم تشكرون فجعل ذلك نعمة يجب الشكر منا عليها لكوننا نقبل الزيادة والشكر صفة إلهية فإن الله شاكر عليم فطلب منا بهذه الصفة الزيادة لكونه شاكرا فإنه قال لئن شكرتم لأزيدنكم فنبهنا بما هو مضمون الشكر لنزيده في العمل وإذا سألك عبادي عني لكونك حاجب الباب فإني قريب بما شاركناهم فيه من الشكر والصوم الذي هو لي فأمرناهم بالصوم وعرفناهم أنه لنا ما هو لهم فمن تلبس به تلبس بما هو خاص لنا فكان من أهل الاختصاص مثل أهل القرآن هم أهل الله وخاصته أجيب دعوة الداعي على بصيرة إذا دعاني يقول كما جعلناك تدعو الناس إلى الله على بصيرة جعلنا الداعي الذي يدعونا إليه على بصيرة من إجابتنا إياه ما لم يقل لم يستجب لي فليستجيبوا لي أي لما دعوتهم لي من طاعتي وعبادتي فإني ما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون فدعوتهم إلى ذلك على ألسنة رسلي وفي
(٦٢٩)