الله ولفحول هذه الطبقة من العلماء بتوحيد الله دلالة ونظر زيادة علم على التوحيد بتوحيد في الذات بأدلة قطعية لا يعطاها كل أهل الكشف بل بعضهم قد يعطاها وهؤلاء الأربع الطوائف يتميزون في جنات عدن عند رؤية الحق في الكثيب الأبيض وهم فيه على أربعة مقامات طائفة منهم أصحاب منابر وهي الطبقة العلياء الرسل والأنبياء والطائفة الثانية هم الأولياء ورثة الأنبياء قولا وعملا وحالا وهم على بينة من ربهم وهم أصحاب الأسرة والعرش والطبقة الثالثة العلماء بالله من طريق النظر البرهاني العقلي وهم أصحاب الكراسي والطبقة الرابعة وهم المؤمنون المقلدون في توحيدهم ولهم المراتب وهم في الحشر مقدمون على أصحاب النظر العقلي وهم في الكثيب عند النظر يتقدمون على المقلدين فإذا أراد الله أن يتجلى لعباده في الزور العام نادى منادي الحق في الجنات كلها يا أهل الجنان حي على المنة العظمى والمكانة الزلفى والمنظر الأعلى هلموا إلى زيارة ربكم في جنة عدن فيبادرون إلى جنة عدن فيدخلونها وكل طائفة قد عرفت مرتبتها ومنزلتها فيجلسون ثم يؤمر بالموائد فتنصب بين أيديهم موائد اختصاص ما رأوا مثلها ولا تخيلوه في حياتهم ولا في جناتهم جنات الأعمال وكذلك الطعام ما ذاقوا مثله في منازلهم وكذلك ما تناولوه من الشراب فإذا فرغوا من ذلك خلعت عليهم من الخلع ما لم يلبسوا مثلها فيما تقدم ومصداق ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في الجنة فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر فإذا فرغوا من ذلك قاموا إلى كثيب من المسك الأبيض فأخذوا منازلهم فيه على قدر علمهم بالله لا على قدر عملهم فإن العمل مخصوص بنعيم الجنان لا بمشاهدة الرحمن فبينا هم على ذلك إذا بنور قد بهرهم فيخرون سجدا فيسري ذلك النور في أبصارهم ظاهرا وفي بصائرهم باطنا وفي أجزاء أبدانهم كلها وفي لطائف نفوسهم فيرجع كل شخص منهم عينا كله وسمعا كله فيرى بذاته كلها لا تقيده الجهات ويسمع بذاته كلها فهذا يعطيهم ذلك النور فيه يطيقون المشاهدة والرؤية وهي أتم من المشاهدة فيأتيهم رسول من الله يقول لهم تأهبوا لرؤية ربكم جل جلاله فها هو يتجلى لكم فيتأهبون فيتجلى الحق جل جلاله وبينه وبين خلقه ثلاثة حجب حجاب العزة وحجاب الكبرياء وحجاب العظمة فلا يستطيعون نظرا إلى تلك الحجب فيقول الله جل جلاله لأعظم الحجبة عنده ارفعوا الحجب بيني وبين عبادي حتى يروني فترفع الحجب فيتجلى لهم الحق جل جلاله خلف حجاب واحد في اسمه الجميل اللطيف إلى أبصارهم وكلهم بصر واحد فينفهق عليهم نور يسرى في ذواتهم فيكونون به سمعا كلهم وقد أبهتهم جمال الرب وأشرقت ذواتهم بنور ذلك الجمال الأقدس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث النقاش في مواقف القيامة وهذا تمامه فيقول الله جل جلاله سلام عليكم عبادي ومرحبا بكم حياكم الله سلام عليكم من الرحمن الرحيم الحي القيوم طبتم فادخلوها خالدين طابت لكم الجنة فطيبوا أنفسكم بالنعيم المقيم والثواب من الكريم والخلود الدائم أنتم المؤمنون الآمنون وأنا الله المؤمن المهيمن شققت لكم اسما من أسمائي لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون أنتم أوليائي وجيراني وأصفيائي وخاصتي وأهل محبتي وفي داري سلام عليكم يا معشر عبادي المسلمين أنتم المسلمون وأنا السلام وداري دار السلام سأريكم وجهي كما سمعتم كلامي فإذا تجليت لكم وكشفت عن وجهي الحجب فاحمدوني وادخلوا إلى داري غير محجوبين عني بسلام آمنين فردوا علي واجلسوا حولي حتى تنظروا إلي وتروني من قريب فأتحفكم بتحفي وأجيزكم بجوائزي وأخصكم بنوري وأغشيكم بجمالي وأهب لكم من ملكي وأفاكهكم بضحكي وأغلفكم بيدي وأشمكم روحي أنا ربكم الذي كنتم تعبدوني ولم تروني وتحبوني وتخافوني وعزتي وجلالي وعلوي وكبريائي وبهائي وسناي إني عنكم راض وأحبكم وأحب ما تحبون ولكم عندي ما تشتهي أنفسكم وتلذ أعينكم ولكم عندي ما تدعون وما شئتم وكل ما شئتم أشاء فاسألوني ولا تحتشموا ولا تستحيوا ولا تستوحشوا وإني أنا الله الجواد الغني الملي الوفي الصادق وهذه داري قد أسكنتكموها وجنتي قد أبحتكموها ونفسي قد أريتكموها وهذه يدي ذات الندى والظل مبسوطة ممتدة عليكم لا أقبضها عنكم وأنا أنظر إليكم لا أصرف بصري عنكم فاسألوني ما شئتم واشتهيتم فقد آنستكم بنفسي وأنا لكم جليس وأنيس فلا حاجة ولا فاقة بعد هذا ولا بؤس ولا مسكنة ولا ضعف ولا هرم ولا سخط ولا حرج ولا تحويل أبدا سرمدا نعيمكم نعيم الأبد وأنتم الآمنون المقيمون
(٣٢٠)